التوقيت الأربعاء، 08 مايو 2024
التوقيت 03:08 ص , بتوقيت القاهرة

خبير آثار: الأخلاق والضمير سر ازدهار مصر القديمة

المصري القديم  صور حياته اليومية على جدران المعابد
المصري القديم صور حياته اليومية على جدران المعابد

يرى خبير الآثار، الدكتور عبدالرحيم ريحان، أن تصوير حياة الأسرة في مصر القديمة، هو العامل الأول في ظهور الأفكار الخلقية ونموها، فقد صور على جدران مقابر سقارة، المصرى القديم يصطحب زوجته خلال جولاته  في أرجاء ضيعته، وكانت تشاطره كل حياته وأعماله، وهو يصطاد في المستنقعات، وفي صحبة أطفالهما.


أضاف ريحان، في تصريح له اليوم ، أن علماء النفس أكدوا أن الوازع الخلقي في حياة الإنسان نبت من المؤثرات التي تعمل في العلاقات الأسرية، فقد أوضح عالم النفس، مكدوجال، أن العلاقات الأسرية الحميمة هي الدافع إلى الحب والرعاية، الذي ينشأ منها الكرم والاعتراف بالجميل والشفقة وحب الخير.


وقد اتضح ذلك في حياة أحد حكام المقاطعات بمصر القديمة في القرن السابع والعشرين قبل الميلاد، الذى ذكر "لقد أعطيت خبزا لكل الجائعين فى جبل الثعبان (اسم ضيعته)، وكسوت كل من كان عريانا فيها وملأت الشواطئ بالماشية الصغيرة، ولم أظلم أحدا قط في ممتلكاته، ولقد كنت محسنا لأهل ضيعتي وأني لم أنطق كذبا، لأني كنت أمرأ محبوبا من والده، ممدوحا من والدته، رفيع الأخلاق مع أخيه، ودودا لأخته"، وذلك طبقا لما جاء في كتاب "فجر الضمير" لهنري برستيد.


وتابع أنه في القرن الثامن والعشرين قبل الميلاد كان أحد ألقاب الملك "وسر كاف" الرسمية لقب مقيم العدالة "ماعت"، كما أن حكم "بتاح حتب" تمدنا بأقدم نصوص موجودة في أدب العالم كله للتعبير عن السلوك المستقيم.


بتاح حتب هو الوزير الذي اعتزل منصب الوزير الأول للملك "إسيسى"، أحد ملوك الأسرة الخامسة في القرن السابع والعشرين قبل الميلاد، وحين تقدم به السن طلب من الملك أن يسمح له بتعليم ابنه، ليعده للقيام بأعباء الواجبات الحكومية، حتى يكون مساعدا لوالده وخلفا له، ووافقه الملك.


ونصح بتاح حتب ابنه قائلا "لا تكونن متكبرا بسبب معرفتك، فشاور الجاهل والعاقل لأن نهاية العلم لا يمكن الوصول إليها، وليس هناك عالم بلغ في فنه حد الكمال، وأن الكلام الحسن أكثر اختفاء من الحجر الأخضر الكريم".


وأشار إلى نصائح بتاح حتب لابنه بحسن الذوق واستعمال الذهن، الذي أطلق عليه كالمعتاد كلمة "القلب"، وأن أحسن الصفات القيمة التي يجب على الشاب أن يتحلى بها أن يكون قادرا على الإصغاء أو الطاعة، وأن ثروة المرء العظيمة هي عقله، وأن الأحمق الذي لا يستمع.


كما نصحه بآداب المائدة بقوله "خذ ما يقدم لك حينما يوضع أمامك، دون أن تنظر إلى ما هو أمامه، وتكلم فقط بعد أن يرحب بك، وأضحك حينما يضحك، فإن ذلك يدخل السرور على قلبه، وتكلم فقط إذا كنت تعلم بأنك ستحل المعضلات، ولا تفخر بثروتك، فإنك لست بأفضل من غيرك من أقرانك الذين حل بهم ذلك، وإذا كنت رجلا ناجحا، فأسس لنفسك بيتا واتخذ لنفسك زوجة تكون سيدة قلبك، وأحب زوجتك كما يجب وأشبع جوفها واستر ظهرها، واجعل قلبها فرحا ما دمت حيا فهى حقل مثمر لسيدها"، كما نصح ابنه بتوفير العطور والروائح والدهان الغالية لزوجته قائلا "إن علاج أعضائها هو الدهان".