التوقيت الأربعاء، 24 أبريل 2024
التوقيت 01:33 ص , بتوقيت القاهرة

جيل الفيس بوك يغرق في "الجيل الرابع"

إذا كان بإمكانك سرد نكتة مضحكة في اسكتش دقيقتين، هل يعني هذا أن بإمكانك بالضرورة صياغة قصة مضحكة على مدار ساعتين، إذا كنت تعرف 60 نكتة؟!


الإجابة المنطقية لا. صياغة قصة أو سيناريو فيلم كوميدي، عمل مختلف تماما عن صياغة اسكتش سريع.. أو كتابة استتيوس فيس بوك قصيرة لموقف كوميدي.. أو تأليف نكتة. صياغة قصة تحتاج إلى تتابع.. ترابط.. بداية.. عقدة.. نهاية. تركيز في التسلسل والنتيجة الكلية بدلا من التفكير بطريقة القطع. مؤخرا ولأسباب متعددة تم تتويجها باكتساح النكتة السريعة في تويتر والفيس بوك، ينسي البعض هذا الفارق.     


أغلب ما يوصف حاليا في السينما المصرية زورا بـ "فيلم كوميدي"، عبارة عن سلسلة استكشات غير مترابطة لا يجمع بينها الا نفس الشخصيات. والشىء الأسوأ أن الاسكتشات نفسها إذا تقبلناها كأسلوب، وحاولنا تقييمها كوحدة كوميديا مستقلة، سنصنف أغلبها باعتباره مكررا ومحفوظا ومُتوقعا وغير مضحك، ولا يعكس إلا إفلاسا واستنساخا واستسهالا.


فيلم الجيل الرابع نموذج حي لهذا النوع من الأعمال. شقيق لسيناريوهات مسلسلات "السيت كوم" التليفزيونية رغم اختلاف الطابع البصري، تم حشره على شريط سينما. لدينا 4 صبيان في ثانوي، وأطنان من كل الاسكتشات الروتينية الكوميدية غير المترابطة بالمرة. لدرجة يمكن معها فعليا مونتاج الفيلم من جديد عشرات المرات، وتغيير ترتيب أغلب الاسكتشات، دون أي مشاكل تذكر.



الفقرة الأخيرة السبب أول لنسب الفيلم للـ (السيت كوم). السبب الثاني هو تاريخ طاقم السيناريو (عمرو سمير عاطف - محمد حماد - محمد إسماعيل أمين - أنديل) الذي يضم أعمالا من هذا النوع، كان أشهرها (راجل وست ستات - تامر وشوقية).


في السيت كوم يمكنك غالبا بعد تقديم الشخصيات تغيير ترتيب الحلقة الخامسة بالـ 12 دون الاحساس بأى مشكلة. كلاهما فقرة مستقلة نسبيا، ستشاهدها شريحة من الجمهور على انفصال فعلا. عندما يحدث هذا في مقاطع فيلم، يصبح لديك مشكلة حقيقية. والطريف أن الفيلم بعد كل هذا الفاصل من الاسكتشات غير المترابطة، ينتهي بحل ساحر أكثر استفزازا (لا توجد عقدة منذ البداية)! 


الأبطال في ورطة.. شخصيات جديدة وضيوف شرف.. هروب من الورطة.. الأبطال في ورطة أخرى.. شخصيات جديدة وضيوف شرف.. هروب من الورطة.. وهكذا. شىء أشبه بمونولجست يرتجل نكات على المسرح بأي ترتيب، لملء فقرة زمنية. 



على كل يفخر المونولوجست بالكوميديا والتسلية كهدف في حد ذاتها. وأرى كلاهما هدفا عظيما بالفعل. لكن في منظومة فنية بائسة تختلق العُمق حتى لو استدعى ذلك التصنع والافتعال.. حيث (الفن رسالة) كما لقننا الأسلاف والأجداد، لا بأس بحشر إسقاط ما عن إسرائيل والتطبيع. أو بنهاية وعظية خطابية مباشرة، يُحاضر فيها أحد مشاهير مصر، الأبطال والمتفرجين بنفس شخصيته الحقيقية.


إجمالا تم تطعيم الفيلم بطاقم يضم مشاهير الكوميديا في الأدوار المساعدة (بيومي فؤاد - حسن حسني - طلعت زكريا - إدوارد - أحمد رزق - سعد الصغير.. وغيرهم). بعضهم يجتهد بالفعل، لكن النكتة المكررة والقصة غير المترابطة، تظل كذلك مهما حشدت لها من نجوم وإمكانيات. 


من الغريب أن سيناريو بهذه العيوب تم إخراجه على يد أحمد نادر جلال. مخرج صاحب رصيد جيد ومتنوع، له تجارب كوميدية ناجحة سابقا تضم مثلا (كده رضا - ألف مبروك). مشاهد ومطارادات عديدة نفذها هنا بشكل جيد. لكن ما قيمة مشهد تدحرج مريض من سيارة إسعاف مسرعة على سرير بعجلات وسط الطريق، إذا كان النص نفسه يختلق هذا الحدث وعشرات غيره، دون حس كوميدي أو تمهيد أو توظيف لاحقا.    


الأسوأ من كل ما سبق شريط الصوت، المزعج بدرجة غير عادية. لا أعرف حتى الآن من الذي فكر أن الموسيقى التصويرية لفيلم كوميدي، تعني (موسيقى تصويرية متواصلة). عامة شريط الصوت في دقيقتين الإعلان المُرفق، سيعطيك فكرة جيدة جدا عن الأسلوب المُتبع موسيقيا طوال الفيلم. الموسيقى التصويرية لـ عمرو اسماعيل. 


مع نص بهذا المستوى من الصعب إصدار أحكام على المستوى التمثيلي للأبطال الأربعة. ومن الطريف أن أحمد مالك يشارك أيضا تامر حسني في الفيلم المنافس (أهواك)، الذي يعاني من عيوب مقاربة. 


اقرأ أيضا: أهواك.. وسهل جدا أنساك


رغم كل شىء يظل إنتاج فيلم لمجموعة من الشباب غير المعروفين، خطوة تستحق رسالة شكر للمنتج، وتجربة كنت أتمنى تشجيعها. ورغم ضيقي التام بالمستوى النهائي، أتعشم أن تتكرر في عمل أفضل. 



باختصار:
سيناريو ضعيف غير مضحك، كفيل بإغراق كل العناصر والأجيال التي شاركت في الفيلم بلا استثناء.


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك