التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 10:28 ص , بتوقيت القاهرة

عدو بدون هدف في Maze Runner: The Scorch Trials

-  لماذا لم تنتهز الفرصة وتهرب؟
- مللت من الهرب.


الحوار السابق يدور بين البطل وأحد رفاقه قُرب نهاية فيلم Maze Runner: The Scorch Trials أو "عداء المتاهة: تجارب إسكورش" إذا ترجمنا المعنى المراد. وبقدر ما يعبر عن مشاعر وأفكار البطل، يعبر أكثر وأكثر عن أفكاري كمتفرج وصل إلى قمة الملل، بعد حوالي ساعتين من بداية الفيلم!


(قرار هروب - صراخ - مشاهد عدو - حوار ممل).. (قرار هروب - صراخ - مشاهد عدو - حوار ممل).. (قرار هروب - صراخ - مشاهد عدو - حوار ممل). كرر التركيبة عشرات المرات مع تغييرات طفيفة مثل مكان العدو، والفئة التي يهرب منها الأبطال، وسيصبح لديك فكرة جيدة عما ستشاهده طوال العرض!


الفيلم هو الجزء الثاني من The Maze Runner 2014 والحلقة الوسطى المقتبسة من ثلاثية روائية ناجحة بنفس الاسم للأديب جيمس داشنر. في سلسلة أخرى تنتمي الى أدب دستوبيا المراهقين الذي اكتسح المبيعات مؤخرا، مع The Hunger Games - Divergent - Matched - وغيرهم.



الأحداث تبدأ من حيث انتهى الجزء الأول مباشرة. توماس (ديلن أوبراين) وباقي الأبطال هربوا من أهوال المتاهة، لتبدأ رحلة أهوال أخرى أكثر قسوة وسط عالم مستقبلي يسود فيه الخراب والدمار.


الجزء الأوسط في الثلاثيات يمثل عادة المحور الأقل تسلية. تشويق المقدمات والتعرف على الشخصيات الرئيسية ينتهي في الجزء الأول. ذروة وإشباع المواجهات النهائية عناصر مؤجلة للجزء الأخير. وبالتالي لدينا وقود أقل للتسلية.


اقرأ أيضا: متمردة لا تجيد إلا التقليد والتكرار في Insurgent


الفيلم تجسيد عملي للمشكلة بدرجة تفوق Insurgent الحلقة الوسطى من السلسلة الشقيقة Divergent. الاثنان باختصار أقرب إلى مط رخيص للأحداث، بغرض بيع رواية أو تذكرة فيلم إضافية. لا شىء مهم يحدث نهائيا. دائرة متصلة من (اللا جديد) يلف فيها المتفرج مع الأبطال عشرات المرات، لتنتهي الأحداث من نفس نقطة بدايتها تقريبا!



جرت العادة على اعتبار مشاهد الأكشن والمطاردات، وسائل إثارة وتسلية رخيصة تلغي أهمية الشخصيات والتسلسل الدرامي، وهو رأي لا أدعمه. على سبيل المثال أثبت المخرج العجوز جورج ميللر من جديد هذا الصيف أن الأكشن يصلح كوسيط سرد متكامل، وأداة تعريف وافية للشخصيات في Mad Max: Fury Road.


اقرأ أيضا: ماكس المجنون يعيد هوليوود لصوابها في Mad Max: Fury Road


الأخير فيلم دستوبيا ممتاز، تم فيه توظيف مطاردة واحدة رئيسية، كخيط درامي يتم سرد كل شىء من خلاله. في فيلمنا هنا، تتحول المطاردات ومشاهد الأكشن رغم كثرتها، الى مجرد كليشيهات مكررة. لا يوجد قبل وبعد. لا قيمة أو تأثير يذكر على الشخصيات بسبب أي مطاردة تقريبا. وبالتالي لا قيمة لأي إتقان في التنفيذ.


مشهد التعلق على واجهة زجاجية مشروخة مثلا تم تنفيذه بإتقان لكن معدوم التأثير. وسيُذكر كثيرين بالمشهد الشهير المماثل من حديقة الديناصورات الجزء الثاني The Lost World: Jurassic Park 1997 لـ سبيلبرج. وبمشهد آخر من أفلام المتحولون Transformers. ومن الطريف أن نذكر أنها المرة الثانية التي نرى فيها المشهد في 2015 بعد Terminator: Genisys.



فاز الفيلم الجديد بميزانية أعلى بفضل نجاح الجزء الأول، وهو ما يتضح في مشاهد متعددة تعكس قدرا من السخاء الإنتاجي في الديكورات والمؤثرات البصرية. رغم هذا يبدو الأول أكثر إثارةً بالمقارنة، بفضل تمركزه حول مكان واحد مرعب (متاهة عملاقة).


اقرأ أيضا: The Maze Runner - عداء المتاهة يعرف طريق شباك التذاكر


الخروج من المتاهة، قتل نقطة التميز عن باقي أعمال دستوبيا المراهقين الأخرى أدبيا وبصريا، وأفقد اللغز إثارته أيضا. الفيلم السابق تمتع على الأقل ببداية جيدة نسبيا مع لغز مشوق، رغم فشله في إنهاء اللغز بشكل جيد. هنا لا توجد ألغاز حقيقية مشوقة. 


رموز مقاومة وثوار لا نفهم تحديدا من تقاوم وعلى من تثور!.. رجال غامضون مصممون على عدم الإفصاح عن أي معلومة، أو إجابة أي سؤال بشكل مباشر.. شخصيات تكتفي بترديد إجابات مبهمة غامضة بطيئة، بشكل يُفترض أن يحقق تشويقا للمتفرج، لكن لا يستدعي في النهاية إلا الملل، والانفصال عن الأحداث.. إلخ العيوب التي تواجدت في الفيلم الأول بتكثيف أقل.



صناعة قصة طويلة على عدة أجزاء متصلة لا يعني بالضرورة عملا يفتقد للإشباع عند القراءة أو المشاهدة فرديا. من الممكن سرد قصة تحقق عنصر الإشباع بشكل مزدوج. في حالتها المستقلة. أو وهى كحلقة ضمن عدة حلقات أخرى.  


النموذج الجيد الذي يحضرني هنا للمقارنة هو سلسلة هاري بوتر الشهيرة. 7 روايات، تم ترجمتها سينمائيا إلى 8 أفلام ممتعة، يحقق كل فيلم فيها درجة إشباع عالية كعمل مستقل ذو بداية وعقدة ونهاية. ويفعل نفس الشىء عند مشاهدته كفصل مترابط مع الباقين ضمن حدوتة طويلة شيقة. 


لكن في النهاية هاري بوتر يملك سحرا روائيا في جيناته الأصلية الأدبية، وأشرف على ولادته سينمائيا مجموعة من أفضل مخرجي وسحرة هوليوود، وهو ما لا ينطبق على سلاسل Divergent - Maze Runner للأسف.



باختصار:
فيلم سينضم غالبا إلى قائمتي آخر العام للأسوأ في 2015. عداء المتاهة يخطو للخلف في الجزء الثاني، ويلف على مدار ساعتين في دائرة من (اللا جديد) عشرات المرات، لتنتهي الأحداث المملة من نفس نقطة بدايتها تقريبا!


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك