التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 05:25 م , بتوقيت القاهرة

في ذكرى اكتشافه.. لماذا لم يعد البنسلين علاجا سحريا؟

بعد مرور أكثر من 85 عاما على اكتشافه، ونحو 60 عاما على استخدامه طبيا، ثمة اختلاف في منظور العلماء والخبراء للمضادات الحيوية، وعلى رأسها "البنسلين".

في أربعينيات القرن الماضي، ومع التوصل لآلية إنتاج جزيء البنسلين واستخدامه لأغراض علاجية، اعتبر الأطباء أن الالتهابات والعدوى البكتيرية ستصبح ذكرى من الماضي بعد أن يتم القضاء عليها تماما، وهو ما لم يتحقق، للأسف.

وثبت بمرور الوقت، عدم فعالية البنسلين ومضادات حيوية أخرى في القضاء على العديد من الميكروبات البكتيرية، ما غير الاعتقاد القديم بأن البنسلين علاج سحري للقضاء على جميع أنواع البكتيريا.

مقاومة مستمرة

ويكمن التحدي الأساسي أمام المضادات الحيوية، في التطور المستمر للبكتيريا، التي تنقسم وتتكاثر بسرعات كبيرة، وخلال انقسامها تحدث تغيرات أو "طفرات" جينية قد يكون من بينها مقاومة للمضاد الحيوي، وهي الصفة التي تورث للأجيال التالية من البكتيريا، علما بأن تكاثر البكتيريا عملية سريعة جدا، إذ يمكن لمستعمرة بكتيرية واحدة الانقسام مكونة ملايين خلال يوم واحد.

التعامل بحذر مع المضادات الحيوية

هذه الحقيقة غيرت من التعاطي مع المضادات الحيوية، فبعد أن كان يتم الإفراط في وصفها كعلاج فعال، أدرك الأطباء أن الاستخدام الزائد لها يزيد من احتمالية تكون بكتيريا مقاومة، ما يعني سوء الحالة أو تعذر علاجها مستقبلا، كما أن العدوى قد يكون لها مسبب آخر غير البكتيريا، كالفيروسات، وهي ما لا تنفع المضادات الحيوية في علاجه.

مواكبة تطور البكتيريا

لم يقف العلماء عاجزين أمام تحور البكتيريا ومقاومتها للمضادات الحيوية، إذ سعوا جاهدين لابتكار أنواع جديدة من المضادات يمكنها القضاء على البكتيريا المقاومة، وكذلك تحسين وسائل وجرعات العلاج، كما سعوا لتطوير مضادات يمكنها التعرف على البكتيريا المتحورة والقضاء عليها حتى لا تنجو وتتكاثر، كرصد علماء بريطانيين قبل سنوات لإنزيم تفرزه البكتيريا يعمل على تفتيت جزئ البنسلين، فسعوا لإنتاج جزئ من المضاد الحيوي يمكنه مقاومة الإنزيم والقضاء على البكتيريا.

التفكير خارج الصندوق

وبعيدا عن السباق، الذي لا ينتهي بين، المضادات الحيوية كـ"البنسلين" والبكتيريا، ذهب فريق من العلماء للتفكير في آلية جديدة للعلاج، وإن لم تكن جديدة تماما، إذ اقترحها بعض العلماء قبل نحو 100 عام، أي قبل اكتشاف المضادات الحيوية، وهي الاعتماد على "العدو الطبيعي للبكتيريا" للقضاء عليها.

فهناك نوع من الفيروسات يسمى "باكتيريوفاج" يصيب البكتيريا، ويسعى بعض العلماء لاستخدامه كعلاج للقضاء عليها، إذ أثبت في بعض التجارب فعالية تفوق نظيرتها في المضادات الحيوية، ولكن تكمن الصعوبة في محدودية نطاق الباكتيريوفاج، الذي تصيب كل من سلالاته أنواع محددة من البكتيريا، ما يعني الحاجة لتوفيق العلاج خصيصا مع نوع العدوى، في حين أنه من الأفضل استخدام علاجات أوسع نطاقا وتأثيرا.

فهل تشهد السنوات القادمة نهاية عصر المضادات الحيوية، الذي بدأه ألكسندر فلمنج في مثل هذا اليوم عام 1928، أم سيتوصل العلماء لابتكار علاجي جديد ينقلنا لمرحلة جديدة، تماما كما فعل البنسلين والمضادات الحيوية.