التوقيت الثلاثاء، 01 يوليو 2025
التوقيت 07:36 ص , بتوقيت القاهرة

حركات ستات.. ذنوب لا تموت

حنفي ونفيسة "روحين في زكيبة" تربط بينهما مشاعر من الود المستقر والعشرة الحلوة. لكن العشرة والود لا يمنعان الاختلاف، وكما أن "المصارين في البطن بتتخانق" كذلك حنفي ونفيسة.


على ماذا "الخناق"؟ على كل شيء ولا شيء. الغيرة مثلًا سبب من أسباب "الخناق"، أحيانًا تكون الغيرة، ومن ثم "الخناقة"، مبررة. وفي أغلب الأحيان هي انعكاس لمشاعر من عدم الأمان في العلاقة، والتي لا يجيد الطرف "البادئ بالخناقة" التعبير عنها. عدم القدرة على التعبير والتواصل بصفة عامة سبب آخر من أسباب "الخناق". كذلك سيختلف حنفي ونفيسة حول أولويات الحياة وكيفية إدارة الماليات، وإرضاء "أمه وأمها وبنات الخالة والعمة وما يستجد من أهل وأقارب وواجبات". وسيتسبب الجنس أحيانًا في الكثير من "الخناق" بقدر ما سيتسبب فيه "شغل البيت" ونزول حنفي "يقعد على القهوة مع أصحابه ولا كأن فيه كلبة محبوسة في البيت نفسها تشم الهوا".


الخناق على كل حنفي ونفيسة حق، لكن ليس كل حنفي ونفيسة يديران "الخناقة" بنفس الأسلوب. أغلب "الأحناف" ينظرون لل"خناقة" كمشكلة يجب التعامل معها ومن ثم بعضهم يلجأ ل "قلب الترابيزة"  لإدارة الخناقة وبعضهم يفضل "مذكرة الدفاع" . وقليلين جدًا من يتعاملون مع "الخناقة" كطريقة للوصول لحل للمشكلة التي تسببت في "الخناقة" من الأصل، فيستمعون للطرف الآخر ويصلون معه لحلول وسط ويعتذرون عما بدر منهم من أخطاء.


أما "نفيسة" فيختلف تعاملها مع "الخناقة" باختلاف خبراتها السابقة مع "حنفي" (وأحيانا مع غير حنفي من الرجال مثل أبيها وأخيها وزملائها في العمل ومديرها .. إلخ). قد تحاول نفيسة تجنب "الخناقة" بسلاح الصمت أو السلوك العدواني السلبي. ولكن مهما برعت في استخدام تلك الأسلحة الفتاكة لا مفر من "الخناق" ومقارعة الحجة بالحجة والكلمة بالكلمة. وأثناء المقارعة، فجأة تخرج نفيسة عن السياق وتبدأ في تذكير "حنفي" بذنوبه السابقة وتاريخه "الأسود" الطويل.


ليه كده بس يا نفيسة؟!


لماذا تلجأ النساء لاستحضار الماضي في مشكلات الحاضر؟ لماذا لا تغفر النساء الذنوب؟ لماذا لا تتجاوز نفيسة عما بدر سابقًا من حنفي؟


تلجأ نفيسة لاستحضار أشباح الماضي لسببين أساسيين، السبب الأول أن هذا الشبح ليس شبحًا بعد، ففي كل مرة يلجأ حنفي لتكتيك من تكتيكات التعامل مع الخناقة كمشكلة وليست كتعبير عن مشكلة تؤجل المشكلة الأصلية. فنفيسة لن تغفر الذنب إلا إذا تاب عنه حنفي وإن لم يتب ستستمر في استحضاره في كل فرصة ممكنة علّ حنفي يتوب فتغفره. أما السبب الثاني فمرتبط باهتمام نفيسة بمستقبل العلاقة. نفيسة تحلل تصرفات حنفي (سواء السلبية أو الإيجابية) باستمرار في محاولة مستمرة لاستقراء المستقبل. فمهما كان الحب والود والعشرة الحلوة إلا أن نفيسة تبحث باستمرار عن أدلة للطمأنة في ظل ميراث "يا مآمنة للرجال يا مآمنة للماية في الغربال" الذي تؤيده تجارب الكثيرات. وفي كل مرة تستحضر فيها نفيسة ذنب من الماضي، فهي تفعل ذلك بهدف شرح مخاوفها من نمط سلوكي معين على العلاقة. تستحضر نفيسة أشباح الماضي على أمل أن تجد ضمانًا ألا تؤثر على المستقبل.


ورغم أن نفيسة تستحضر ذنوب الماضي بهدف التقليل من "الخناق"، إلا أن هذا الأسلوب يؤدي لتفاقم "الخناق" وأحيانًا يتحول لمسبب للخناق في حد ذاته. فحنفي لا يريد أن تذكره نفيسة بذنوبه آناء الليل وأطراف النهار، التذكير بالذنوب وعدم فتح المجال لغفرانها يؤدي بحنفي للكفر بالعلاقة. وتذكير حنفي بذنوبه في كل "خناقة" يدفع حنفي للتعامل مع "الخناقة" كمشكلة وليس كعرض لمشكلة مما سيزيد من ذنوبه التي تنتظر نفيسة أن يتوب عنها لتغفرها.. إلخ. والاستمرار في تلك الحلقة المفرغة سيؤدي لموت الود ومرارة العشرة.


والحل؟


يبدو الحل المباشر للمشكلة هو أن تتوقف نفيسة عن هذا الأسلوب. لكن هذا الحل لا يمكن تطبيقه إلا إذا أصبحت التوبة من الذنوب عادة لدى حنفي. ففي كل مرة يُبرر فيها حنفي موقفه أو ينهي "خناقة" بدأتها نفيسة لأنها "مقموصة" بأنه "يتقمص"، يثبت حنفي لنفيسة شكوكها في أن مستقبل العلاقة مهدد. وكما لا يستطيع حنفي أن يعيش في ظل التهديد المستمر بذنوب لا تغفر، لا يمكن لنفيسة أن تعيش في ظل التهديد المستمر بأن العلاقة ستنتهي.


عزيزي حنفي "طمئنها"، عزيزتي نفيسة "طنشي"!