التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 08:16 م , بتوقيت القاهرة

The Danish Girl - التحول الجنسي لاعب أوسكار رئيسي في 2016

إلى الآن لا تزال قصص اضطراب الهوية الجنسية والتحول الجنسي مثيرة للجدل، اجتماعيا ودينيا على المستوى العالمي. جيل الثمانينات في مصر، سيذكر غالبا قصة سيد الذي قرر إجراء جراحة ليتحول إلى سالي، بكل ما أثير حولها من مناقشات جادة أو سخرية وقتها.


اضطراب الهوية الجنسية أو gender dysphoria يشير إلى إحساس شخص أن هويته الجنسية ورغباته معاكسة لتركيبه التشريحي. وهو ما ينتج صدام وعي بين معطيات جسمه، الذي هو جسم (أنثى) مثلاً، وبين عقله الذى يجعله يرى نفسه (ذكر). أو العكس.


هوليوود ستزور القضية هذا العام في نوفمبر 2015، في فيلم The Danish Girl أو فتاة دنماركية. المقتبس عن رواية صدرت عام 2000 بنفس الاسم، للأديب الأمريكي ديفيد إيبرشوف، عن أحد أشهر وأول القصص الحقيقية بخصوص حالات التحول الجنسي.



الأحداث في العشرينات عن الرسامة جيردا ويجنر، التي تطلب من زوجها آينر، أن يرتدي ملابسها ويتحول ظاهريا إلى موديل في هيئة أنثى، بعد أن تعرّضت إحدى العارضات لظروف منعتها من الحضور، ليلهمها في رسم لوحات البورترية. نجاح الرسومات والرغبة في الاستمرارية، سينتهي لاحقا بخلقهما شخصية أنثوية كاملة التفاصيل للزوج باسم ليلي إلبي.


بمرور الوقت تختفي الهوية الذكورية من عقل البطل ويصبح ليلي فقط. الأنثى المحبوسة في جسد ذكوري. وبعد صراع طويل مع النفس والمحيطين، يقرر مساندة زوجته أن يحسم اضطراب الهوية الجنسية داخله للأبد، بإجراء إحدى أوائل الجراحات المعروفة للتحول إلى أنثى. 


اقرأ أيضا: جوليان مور تلون خرائط كروننبرج الجنسية في Maps to the Stars


لفترة طويلة تقترب من 10 سنوات، ظل مشروع الفيلم حلما للنجمة نيكول كيدمان، التي أرادت القيام بدور البطولة (الذكر الذي يتحول لأنثى). قبل أن ينتقل المشروع إلى المخرج البريطاني المعروف توم هوبر في 2014، الذي قرر تغيير الدفة 180 درجة، واختيار ممثل للدور بدلا من ممثلة.  



مع اختيار إيدي ريدمن الحاصل مؤخرا على أوسكار أفضل ممثل، عن دور عالم الفيزياء ستيفن هوكينج في The Theory of Everything، ستختلف روح الفيلم إلى حد كبير عن مراحله السابقة مع كيدمان.


اقرأ أيضا: التمثيل هو كل شيء في The Theory of Everything


مع ممثلة من السهل على المتفرج أن يتقبل من البداية رغبة التغيير، والوضع النهائي للشخصية كأنثى (تغييرات تصب في وضع جنسي مطابق للممثلة التي يراها ويعرفها). مع ممثل ذكر، سيصبح المتفرج طوال الوقت وحتى النهاية، أكثر مقاومة لصراع الهوية (تغييرات تصب في وضع جنسي عكسي للممثل الذي يراه ويعرفه).


قرار توم هوبر الجريء كمخرج، قد ينتهي دراميا بعمل أقوى من حيث التأثير النفسي بمراحل، أو بعمل ميت تماما. استنتاجي وتوقعي الشخصي، أنه استبعد الحل الأسهل، وأراد أن يضغط على المتفرج تدريجيا، ليتقبل ويناقش ويتعاطف مع تغيير فعلي وصادم وحقيقي، دون أن ينتزع منه حس الرفض مبكرا، بالحل الأسهل (البطلة نجمة أنثى من الأصل).



نجاحه في المهمة سيتوقف إلى حد كبير على أداء إيدي ريدمن. السائد سينمائيا، أن أي مشهد لرجل بملابس وماكياج حريمي، سيتحول إلى عنصر كوميدي تلقائيا. مهمته كممثل في الفيلم لن تكون سهلة. وقيامه بالدور بعد دور الأوسكار مباشرة، يجعل التحدي أصعب وأصعب لأن سقف التوقعات أعلى. 


زميلته أليسيا فيكاندير تملك فرصة لتواصل عام المجد في تاريخها الفني في دور الزوجة، بعد أن قدمت سابقا في أبريل أداء ممتازا في فيلم الخيال العلمي Ex Machina. أحد أفلامي المفضلة للعام. بالإضافة إلى دور جيد مؤخرا في فيلم المغامرات والجاسوسية The Man from U.N.C.L.E.


اقرأ أيضا:
أنثى روبوت وقليل من الذكاء الاصطناعي المرعب في Ex Machina
The Man from U.N.C.L.E - الحرب الباردة في أشيك حالاتها


يظل السبب الأساسي لتصنيفي للفيلم كعمل مهم، متعلق بالأساس بتاريخ مخرجه توم هوبر، الذي قدم مؤخرا فيلمين مهمين. الأول خطبة الملك The King's Speech 2010 الذي اكتسح جوائز الأوسكار الرئيسية وقتها (فيلم - إخراج - ممثل - سيناريو أصلي)، بالإضافة إلى 8 ترشيحات (ممثل مساعد - ممثلة مساعدة - تصوير - مونتاج - ملابس - موسيقى - مزج صوتي -  تصميم إنتاج).



الثاني Les Misérables 2012 الذي اقتبس فيه النسخة الغنائية المسرحية التي استمر عرضها لسنوات، عن رواية فيكتور هوجو الشهيرة البؤساء، في عمل فاز بـ 3 أوسكار (ممثلة مساعدة لآن هيثواي - ماكياج - مزج صوتي)، بالإضافة إلى 5 ترشيحات (فيلم - ممثل - ملابس - موسيقى تصويرية - تصميم إنتاج). 


بعيد عن النجاح النقدي وإعجابي الشخصي بالفيلمين، فمن الجدير بالذكر أن كلاهما تجاوزت إيراداته عالميا 400 مليون دولار، وهو رقم نادر نسبيا مع هذا النوع. خاصة مع الفيلم الأول The King's Speech الذي لم يتضمن أسماء نجوم مقارنة بالثاني (راسل كرو - هيو جكمان).


طبيعة الفيلم الجديد وارتباطه بقضايا الحريات الشخصية والمرأة وخلافه، بكل مسانداتها الإعلامية المضمونة، تضمن لـ هوبر ورقة ضغط إضافية لا بأس بها، أمام المصوتين في مختلف الجوائز!.. وإن كنت أرجح بالنظر لتاريخه الفني، وطاقم التمثيل، والإعلان الأول للفيلم الذي صدر مؤخرا، أن العمل سينافس على عناصر عديدة عن استحقاق فعلا. ريدمن تحديدا على الأغلب سينضم لقائمة المنافسين في التمثيل، للعام الثاني على التوالي.



يبقى السؤال: كيف سيستقبل الجمهور الفيلم عالميا؟.. وهل سيكرر هوبر معادلة (النجاح النقدي والتجاري) الضخم، لثالث مرة على التوالي؟.. سنرى قريبا. لكن مع قصة من هذا النوع، يمكنك بالتأكيد توقع نوعية ردود الأفعال والآراء في المجتمعات العربية. في الحقيقة متابعة هذه الآراء والنقاشات وقت عرض الفيلم، ستصبح غالبا أكتر تسلية من الفيلم نفسه!


أجمل ما في هوليوود، أنها الوحيدة القادرة على فرض قضية ما على الساحة عالميا، مقارنة بأي سينما أخرى هزيلة الانتشار. 


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك