التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 03:28 ص , بتوقيت القاهرة

ستلّا.. حكاية النجمة المحبوبة

مع انتهاء شهر رمضان شهدت محال بيع المشروبات الروحية إقبالا وصل أحيانا لدرجة الطوابير، ويأتي على رأسها "ستلا"، والتي ظهرت بعد طول غياب على صفحات "السوشال ميديا"، وهي المنتج الشهير والذي له مع المصريين علاقة خاصة وتاريخ طويل.



انتشرت في النصف الأول من القرن العشرين إعلانات المشروبات الكحولية على جدران مباني القاهرة، وكان فنانون مثل فريد الأطرش وأسمهان يسوّقون لـ"ستلا" بإعلانات تجارية.


ورغم الحجج الفقهية الإسلامية المناهضة لصناعة الكحول، ازدهرت صناعة البيرة في مصر على يد غالبية مسلمة من المصريين، وكانت المشروبات الكحولية وخاصة "ستلا" منتجا صناعيا واكب مراحل تطور مصر اقتصاديا وتكنولوجيا في القرن العشرين، من خلال إنتاجه ومبيعه وإدارته.



ظهرت صناعة البيرة المصرية، في العام 1897، وذلك بعد أن أسّس رجال أعمال بلجيكيون مصنع "كراون" للبيرة بمدينة الإسكندرية، بتشجيع من المساعي البريطانية لاستقطاب الاستثمارات الخارجية.


وفي عام 1898، أسّست مجموعة "الكروان" التي يمتلكها رجال أعمال مصنع "براسري دي بيراميد" في القاهرة، وقد التحق بفرعي الشركتين الكثير من المصريين والمغتربين المخضرمين لتولّي المناصب الإدارية والوظائف المختلفة بهما.



وعلى مر السنين، تبدلت ملكية الشركتَين، وانتقلتا من ملكية سويسريين في عشرينيات القرن الماضي إلى رجال أعمال فرنسيين في الثلاثينيات، وصولا بشركة "هاينكين" التي يمتلكها صانعو بيرة من هولند في أواخر الثلاثينيات، حتى وصلت إلى أيدي الحكومة المصرية في الستينيات.


سيطر مصنعان "كراون" و"بيراميد" على سوق البيرة المصرية، وازدهرت صناعتها بشكل ملحوظ نتيجة الترابط بينهما منذ تأسيسهما، فقد أدرك أصحابها منذ أنه من الأسهل العمل في تطوير التجارة بينهما، مع العلم بأن الشركتين لم تصبحا متّحدتَين بالكامل إلا عندما قام عبد الناصر بتأميمهما ودمجهما معا في عام 1963.



ورغم العلاقة الوثيقة بين الشركتَين، كانت كل منهما تستميت في حماية استقلاليتها، فقبل تأميمهما، كانتا تبيعان بيرة "ستلا" منذ العشرينيات وهي تعني "النجمة" باللغة الإيطالية، ولكن كانت تُصنَّع بوصفتَين مختلفتين تماما في الطعم، فالأولى موجّهة إلى سكان القاهرة وتصنع في مصنع "بيراميدز، بينما النوع الثاني إلى سوق الإسكندرية وتصنع في "الكروان" وظهرت العلامة التجارية "ستلا" في خمسينيات القرن الماضي.


لم تبلغ ذروة شهرة "ستلا" وتصبح البيرة الأولى في مصر إلا بعدما اشترت شركة "هاينيكن" الشركتَين عام 1937، ولا تزال بيرة "ستلا" تباع في مصر حتى اليوم.



أهم ما يميز شركة "هاينيكن" أنها متعدّدة الجنسيات، فاستخدمت مواردها لتطوير صناعة أجود أنواع البيرة المصرية، وكلّفت الشركة خبيرا هولنديا للإشراف على خطوات تصنيعها.


فتمكّن من وضع صنف من الشعير مناسب تماما للظروف الزراعية في مصر، ما أتاح للشركة تصنيع البيرة عبر استخدام الشعير والأرز والماء المحلية المنشأ، والاكتفاء فقط باستيراد نبتة الجنجل والخميرة، كما تم استخدام أحدث التقنيات مثل التبريد في كل خطوة من خطوات عملية التصنيع، ما أتاح إنتاج بيرة تحافظ على جودتها.



حولت "هاينيكن" اسم مصنع "بيراميد" إلى "الأهرام" بالعربية، وتسلّم مزيد من المصريين المناصب الإدارية وعملية الإنتاج في مصنعَي "الأهرام" و"كراون"، وقد أتاح أشخاص مثل محمد أحمد فرغلي وعزيز أباظة اللذين تولّيا إدارة مصنعَي "الأهرام" و"كراون" على التوالي، في الثلاثينيات والخمسينيات، للشركتَين الازدهار في المرحلة التي شهدت تطبيق سياسة القومية التي تمثّلت في توظيف أعداد متزايدة من المصريين بالمقارنة بالأجانب.



وظلت إدارة "هاينيكن" تعمل تحت ستار اسمها العربي "الأهرام"، ولكن لم يدم ذلك طويلا، فقد عمدت حكومة عبدالناصر إلى تأميم شركة البيرة المصرية عام 1963.


في نهاية الثمانينيات وأواخر التسعينيات، تراجعت جودة بيرة "ستلا" وابتعد عنها عشاقها، حتى قام رجل الأعمال المصري أحمد زيات بخصخصة الشركة،وحدّث أساليب العمل وتوسيع مجموعة منتجاتها لتشمل مشروبات الشعير غير الكحولية، حتى اشترت "هاينيكن" شركة الأهرام للمشروبات من جديد في عام 2002، وتعمل حتى الآن بأيد مصرية.



اقرأ أيضا: