التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 07:32 ص , بتوقيت القاهرة

حركات رجالة.. "قلب الترابيزة"

قيل في الأثر- باب حكم مستوردة- إذا رأيت واحدًا فقد رأيتهم جميعًا! (If you have seen one, you have seen them all). تستخدم الجملة السابقة للتدليل على تشابه التجارب رغم اختلافاتها الظاهرة.


قد نتفق أو نختلف حول حجم التسطيح الذي تحمله الجملة، ولكن الحقيقة هي أن التجارب على تفردها تتكرر، والتفاصيل على اختلافها تتشابه، وإلا لما كنا قرأنا الروايات وتعاطفنا مع الأشخاص والأحداث، ولا كنا سمعنا الأغاني التي تُعبر بدقة عن حالاتنا المزاجية، ولا شاهدنا الأفلام التي تحمل بين مشاهدها أجزاء من حياتنا. وهذا يعني أن جملة تحمل الكثير من التسطيح مثل "الرجالة كلها زي بعض"، تحمل أيضًا الكثير من الحقيقة في الكثير من الأحيان!


فرغم اختلاف الشخصيات والطباع والخلفيات الثقافية، إلا أن بعض الشكاوى من بعض تصرفات الرجال تتكرر باستمرار. لا يعنينا في هذا المقال الأسباب التي قد تؤدي لمثل هذا التشابه في التصرفات قدر ما يعنينا التصرف ذاته. والتصرف موضوع هذا المقال هو واحد من أشهر "الحركات القرعة" التي يقوم بها الرجال في العلاقات، "حركة قلب الترابيزة".


يبدأ الموقف بعتاب. تعاتب امرأة ما رجلًا ما على موقف ما. ماذا يفعل الرجل؟ هل يعتذر؟ هل يتقبل العتاب؟ لا .. يرد الرجل برد مستفز خارج موضوع العتاب.


فماذا تفعل المرأة؟ تنساق للرد على استفزازه. فيزيدها استفزازًا حتى تبدأ في "الغلط". وما إن تقع في المحظور حتى يتحول الموقف لصالحه. يبدأ الرجل في عتاب المرأة- وربما عقابها- على ردها غير اللائق ويتهمها بالتطاول. ويصبح على المرأة أن تعتذر بدلًا من أن يقدم إليها الاعتذار، وتتحول من صاحبة حق إلى مخطئة ويُنسى بالكلية السبب الذي بدأ بسببه العتاب.


لا يمكنني الجزم إذا ما كان الرجال يتصرفون عفوًا أم إنهم يتعلمون مثل تلك التكتيكات في مدارس سرية، لكن يمكنني الجزم بأن الكثيرات قد مررن بمثل هذا الموقف على الأقل مرة واحدة في أي من علاقاتهن.


والحل؟


الحل بسيط ولكنه ككل الحلول البسيطة أسهل في القول من الفعل. الحل هو ألا تقعي في فخ الاستفزاز من الأصل. كلما حاول استفزازك ركزي على "جدول الأعمال" (موضوع العتاب الأصلي)، فإن زاد استفزازه أجلي العتاب لوقت آخر. أما إذا وقعتي في فخ الاستفزاز فإياك، إياك، إياك و"الغلط"! مهما كانت درجة الحميمية والتسامح بينك وبين شريكك تذكري أن احترامك لشريكك جزء من احترامك لنفسك.


لا تتطاولي عليه أبدًا لا قولًا ولا فعلًا (مش لازم تسمعي للصوت اللي بيقولك اضربيه بطوبة في دماغه)، ولا تستحضري مشكلات الماضي ولا تعقدي بينه وبين غيره المقارنات ولا تعيّريه بنقاط ضعفه. وإن فعلتي فعليك الاعتذار فورًا والانسحاب، فالإصرار على "الغلط" لن يحسن من موقفك بالعكس سيزيد منه سوءًا.


ماذا لو أصبحت "حركة قلب الترابيزة" سياسة عامة من الرجل في العلاقة؟


إذا كانت العلاقة طويلة ومستقرة وليس فيها سوى هذه التفصيلة فعليك التسلح بالصبر على المكاره، أما إذا كانت العلاقة غير مستقرة أو في مراحلها الأولى، فربما عليك قراءة هذه السياسة في سياق كونها سياسة "تطفيش". وفي هذه الحالة يجب عليك أن "تطفشي" بلا تردد، فالرجل الذي يسعى "لتطفيشك" لا يستحق عناء المحاولة. لا تظني أنه مختلف، ولا تظني أنه لا يقصد التكرار، ولا تظني أنه يحبك لأنه لا يفعل.


وتذكري أن التجارب المتفردة تتشابه والتفاصيل المختلفة تتكرر، ورجلك رجل مثله مثل كل الرجال لو رأيت منهم واحدًا فكأنك رأيتيهم جميعًا!