التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 08:20 ص , بتوقيت القاهرة

سقراط .. "نبي" قتله التساؤل (2-2)

زعم سقراط أنه كان يهتدي بصوت مقدس ينهاه عن فعل بعض الأشياء، سمعه للمرة الأولى عندما كان طفلا، ولكن هذا الصوت لم يأمره بفعل شيء، فقط ينهاه عن أشياء، وفقا لمحاورة الدفاع الأفلاطونية.


وآمن الخليفة الرابع بالجماعة الإسلامية الأحمدية، ميرزا طاهر أحمد، بالنبي سقراط، فأكد على أن سقراط كان نبيا، لاتصافه بسمات الأنبياء، وعدم إيمانه بآلهة اليونان القديمة.



لماذا أعدم سقراط؟


تبدأ حياة سقراط الفلسفية بسؤال أحد أصدقائه للكاهنة راعية معبد دلفي: "هل في الناس من هو أعقل من سقراط، وأكثر حكمة منه؟" فأجابت، بأنه "ما من شخص أكثر حكمة منه". كان سقراط يعتقد بأن ما قالته راعية المعبد يحوي قدرا كبيرا من التناقض، لأنه لا يرى في نفسه أية حكمة على الإطلاق.


قرر سقراط أن يحل هذا اللغز، بأن يسأل حكماء أثينا اللامعين في ذلك الوقت مجموعة من الأسئلة، حتى يفند رأي الراعية ويثبت خطئه، فكانت النتيجة أن راعية المعبد لم تخطئ، لأن الحقيقة أن سقراط أكثر حكمة من غيره، لأنه يعلم جهله في الوقت الذي يعيش فيه مدعيي الحكمة في أثينا حياة الجهلة دون علم.



حكمة سقراط، التي تقوم على إثبات جهل الآخرين، كانت سببا في رقيه، وفي نفس الوقت في قتله، فسقراط، الذي وصف أفلاطون دوره بالنسبة لمواطني أثينا بدور ذبابة الخيل التي تلدغ الخيل فتحثها على الحركة، جاء في عصر كانت أثينا لا تحتمل فيها اللدغات، فأصبحت مهترئة من الداخل بدرجة تجعل من أي لدغة مثل إعصار يهدد وجود المدينة من الأساس.


عاش سقراط في الفترة الانتقالية فيما بين ازدهار الحكم الأثيني وانهياره، حينما هُزم أمام مدينة أسبرطة وحلفائها في معركة البلوبونيز، ثم تشكيل الأسبرطيين لحكومة موالية، كان من أعضائها تلاميذ لسقراط وأطلق على الحكومة الجديدة "الطغاة الثلاثون".



ومع انتصار الديمقراطية على حكومة الطغاة الثلاثين، بدأ كبار مناصري الديمقراطية الأثينيون في الاستماع إلى الشكوك التي دارت حول تورط سقراط في انتقاد ومعاداة الديمقراطية، لتتم محاكمته على يد الديمقراطيين. فسر بعض تلاميذه المحاكمة التي عقدت له كتعبير عن صراع سياسي محتدم بين أنصار الديمقراطية وأنصار الأرستقراطية.


 


محاكمة سقراط


قامت الاتهامات الموجهة لسقراط على أساس أنه شرير، غريب الأطوار، يبحث في دخائل الأشياء، ما يقع تحت الأرض وفوق السماء، وأنه يعبد آلهة غير التي تعبدها الدولة، ويقلب الباطن حقا في الظاهر، ثم يعلم كل هذا للناس.


أما العلة الحقيقية في كراهية الناس له، فهي أنهم افترضوا فيه الاتصال بالحزب الأرستقراطي، ولكن الناس لم يكن باستطاعتهم التصريح بوضوح بهذا الاتهام، على أساس رغبتهم في عدم نقض الهدنة بين أنصار الديمقراطية وأنصار الأرستقراطية.



وحكمت الأغلبية بإدانته، وحكم عليه بالموت، لكن القانون الأثيني كان يعطيه الحق في أن يقترح لنفسه عقابا أخف من هذا، ثم يختار القضاة أحد العقابين، ولكن سقراط لشدة استهانته بالمحاكمة اقترح عقابا هزليا لا يدل على أهمية المحاكمة بالنسبة له، بل أنه طالب القضاة بمكافأته على ما يقدمه لمواطني أثينا من خدمات، فما كان من المحكمة إلا أن قضت عليه بعقوبة الإعدام بأغلبية أكبر من الأغلبية التي أدانته أول مرة.


 


خطبة سقراط الختامية



حكم عليه بشرب السم، فخطب سقراط خطبة ختامية رصدها أفلاطون في محاورة "دفاع سقراط"، قائلا: "والآن فيأيها الرجال الذين حكموا علي بالإثم، اسمحوا لي أن أتنبأ لكم، لأنني مقبل على موت، والناس ساعة الموت يوهبون قدرة على التنبؤ، إني أتنبأ لكم وأنتم قتلتي، بأنني لن أكاد أرحل عنكم حتى ينزل بكم عقاب أقسى مما أنزلتموه بي، فأنتم مخطئون إذا ظننتم أنكم بقتلكم الناس ستمنعون أي ناقد من الكشف عن شرور حياتكم، فليس ذلك طريق الفرار، فلا هو ممكن ولا هو مشرف لكم، أما أسهل الطرق وأشرفها، فليس هو أن تكتموا الناس، بل هو أن تصلحوا من أنفسكم".