التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 08:59 ص , بتوقيت القاهرة

كيف أضعف التطور الحضاري أجسادنا؟

تطورت الحضارة الإنسانية عبر آلاف السنين، وتطورت معها سبل الراحة والمتعة والترفيه، لرغبة الإنسان في الحصول على حياة أكثر سهولة، وسعيا وراء السعادة، وهربا من المعاناة والمتاعب.

وبالنظر لحال الإنسان عبر العصور، قد تشعر البشرية بالزهو لما استطاعت أن تحقه وتجنيه، متجاهلة أهمية وقيمة بعض ما فقدته خلال هذه الرحلة الطويلة، التي لم يكن كل تغيير فيها بالضرورة للأفضل.

اليانومامي.. نظرة على ماضي الإنسان

في عام 2009، تم اكتشاف قبيلة "يانومامي"، التي عاشت في غابات الأمازون، منعزلة تماما عن العالم الخارجي، وكان أفراد هذه القبيلة موضعا لاهتمام ودراسة العلماء، الذين أظهرت أبحاثهم تغييرا كبيرا قد طرأ على الإنسان نتيجة نمط الحياة المعاصر، قياسا بهولاء الذين عاشوا حياة أكثر بدائية، وكانت المفاجأة أن التغيير كان للأسوا.

فإذا كان جسم الإنسان يحتوي على أنواع متعددة من البكتريا النافعة، فقد أظهرت الدراسات أن هذه البكتريا قد تناقصت بشدة، وعلى ما يبدو فإن تراجع التنوع البكتيري في جسم الإنسان يرجع أساسا لأنماط التغذية الحديثة، بشكل أدى لزيادة انتشار أمراض مثل السكري والسمنة، والربو والحساسية، بحسب باحثة في جامعة نيويورك، بحسب تقرير DW.

وأظهرت الدراسة وجود العديد من أنواع البكتريا عند فحص الفم والقناة الهضمية والجلد في أفراد القبيلة، بعضها لم يتم رصده من قبل، كما احتوت بعضها على جينات مقاومة للمضادات الحيوية، بما في ذلك تلك التي يصنعها الإنسان، حيث كان جسم كل فرد من قبيلة "يانومامي" يحتوي على تريليونات الكائنات الدقيقة التي تعيش على كل أجزاء الجسم، وتساهم في حفظ صحته، عبر مساعدة الجهاز المناعي، ومقاومة الأمراض، وتحسين هضم الطعام.

وطبقا لأستاذ طب الأمراض والوقاية بجامعة واشنطن، فإن الدراسة تشير لوجود تنوع كبير في البكتريا التي كانت ذات وظائف أكبر لجسم الإنسان، وهو ما تأثر بالحياة الحديثة والسلوكيات المعاصرة مثل تناول الأطعمة المعالجة والمصنعة والمضادات الحيوية.

كيف تكون البكتريا مهمة لهذه الدرجة؟

ولفهم السر وراء التأثير الكبير للبكتريا على صحة الإنسان، تكفي الإشارة لأن ما نحمله من البكتريا يفوق بأضعاف ما في أجسادنا من الخلايا الحيوية، ما دفع البعض للقول بأن الجزء البكتيري فينا أكبر من الجزء الإنساني.

الزراعة وتأثيرها على العظام

ويخطئ من يعتقد أن أجسادنا لم تصبح أضعف سوى بسبب الوجبات السريعة، والأغذية المصنعة والمشروبات الغذائية، وما تحمله من آثار سلبية على الصحة، فإذا كانت الخضروات والفاكهة هي أساس الغذاء الصحي، فإن ورائها قصة أخرى لضعف الإنسان مع تطور الأزمنة، ليس في أكلها، ولكن زراعتها.

فأظهرت دراسات حديثة، أن تحول الإنسان للزراعة أضعف عظامه على مر السنين، مع تخليه عن نماط الحياة الأصعب الذي عاشه أسلافه.

ويعتقد الباحثون أن التغيرات الكبيرة في النشاط الجسماني والاعتماد على الزراعة، خلقا تغييرل تطويريا في جسم الإنسان توارثته الأجيال المتوالية، وترجع أصولة للعصر الهولوسيني، قبل 12 ألف عام، حيث أصبحت البنية العظمية وكثافة المفاصل، بل وسمك عظام الجمجمة أضعف بمرور الزمن.

وأظهرت دراسة الحفريات البشرية القديمة، ودراسة السلالات الأخرى من الرئيسيات، كالقرود والشمبانزي، أن عظام البشر المعاصرين أكثر ضعفا، ما جعل الباحثون يقولون إن السر في أن نصبح أكثر قوة، ربما قد لا يكمن في اتباع النظام الغذائي لأسلافنا، ولكن في محاولة تقليد نشاطهم الجسماني.