التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 10:59 م , بتوقيت القاهرة

"كابتن مصر" ملوش في اللعبة الحلوة

في بداية فيلم كابتن مصر تظهر على الشاشة قائمة أفلام أجنبية عديدة، باعتبارها مصدر الاقتباس. بعضها جدي وبعضها على سبيل المزاح. وهو ما سيُذكر العديدين بافتتاحية مماثلة لفيلم الحرب العالمية التالتة، تم فيها ذكر الأصل الأجنبي Night at the Museum  بطريقة مرحة.


هذا الأسلوب الصريح في الاقتباس، والسخرية من فكرة أن الاقتباس يمثل عيبا أو إفلاسا، ظاهرة صحية لأن اقتباس الأفكار لا يمثل ميزةً أو عيبًا في حد ذاته. والسينما الأمريكية، على كل نجاحها وشهرتها، كانت ولا تزال دائمة الاقتباس، سواء من الأدب أو من الوسائط الأخرى والسينمات العالمية. وأحيانا من تاريخها نفسه، عندما تعيد صناعة فيلم ما، أو تصنع أجزاء جديدة من فيلم ناجح.  



يقتبس كابتن مصر خطه الأساسي من فيلم كوميدي شهير للنجم بيرت رينولدز بعنوان The Longest Yard 1974. عن نجم كرة قدم أمريكية متهور يتم حبسه لقضاء عقوبة، ويتورط بسبب ضغوط من مدير السجن، في مهمة إعداد فريق من المساجين، للعب مباراة مع فريق حراس السجن.


نجاح الفيلم الساحق كان سببا في إعادة إنتاجه مرتين بنجاح. مرة باسم Mean Machine 2001  وهى نسخة إنجليزية مع كرة القدم الـ Soccer بدلا من الرجبي، من بطولة فيني جونز. ومرة بنفس الاسم واللعبة في The Longest Yard 2005  مع آدم ساندلر.  



نقطة نجاح الأفلام الثلاثة ترتكز على عناصر ضرورية. العنصر الأول نجم صاحب كاريزما وطاقات كوميدية، يصلح للقيام بدور اللاعب العنيد المتهور، الذي سيمارس القيادة مع مجموعة مساجين، ويبدأ معهم رحلة عذاب بشعة ومرحة لتأهيلهم للمباراة. 


العنصر الثاني سيناريو موزون تم فيه بناء الشخصيات المساعدة باهتمام، ليقوم بها طاقم جيد من الممثلين المساعدين، بشكل يصنع فريقًا، يملك كل لاعب فيه تركيبة شكلية وسلوكية ونفسية، ينتج عن امتزاجها بالتدريبات وسير المباراة، مسارًا كوميديًا ومسليًا.


العنصر الثالث نجاح كل فيلم منهم في حشد المتفرجين لتشجيع فريق المساجين بدرجة حماس وتعصب عالية، قبل أن تنطلق صفارة بداية المباراة الحاسمة. وهى مهمة تحققها سيناريوهات الأفلام الثلاثة بامتياز، لأنها اختارت أن يكون الخصم حاضرا من البداية (حراس السجن). وقدمت قبل المباراة (الذروة أو الـ Climax في الأحداث)، ما يجعلنا نحتشد ضدهم. وما يجعلهم خصمًا شرسًا، يرفع إثارة المواجهة في النهاية، سواء على صعيد المنافسة الرياضية، أو على صعيد الكوميديا. 



فيلم كابتن مصر يفتقد تقريبًا لكل ما سبق. سيناريو عمر طاهر يقدم اسكتشات كوميدية غير مترابطة، تعتمد على الإيفيهات وردود الفعل اللفظية، لخلق شخصيات امتلك بعضها في النهاية بالفعل إطارا كوميديا ما، لكن بدون مكسب حقيقي، لأن هذا الإطار لم يصب في علاقة سلوكية كوميدية مع المبارة الحاسمة. 


الخطأ الأكبر أن السيناريو يلغي تماما وجود الخصم المباشر في الأحداث، لنظل أغلب الوقت نتابع تشكيل وتجميع فريق، لا نعرف تحديدًا من سيلاعب. وعندما يُفصح السيناريو أخيرًا عن خصم المباراة (الأجنبي)، لا يشغل باله كثيرًا، بتقديم ما يجعله خصمًا مرعبًا حاضر دراميًا. وهي الأزمة التي أنتجت في النهاية مباراة تفتقد إلى التشويق والندية، ازدادت سخافتها مع التنفيذ الإخراجي غير المتقن من معتز التوني. واللمسات الغريبة التي تفصلها أكثر وأكثر عن إطار المواجهة الشرسة، مثل اختيار كوميديان عجوز مصري معروف، لأداء دور إداري في الفريق الأجنبي!



حتى عندما يفوز الفيلم بتواجد شرفي لمعلق كروي نعرفه، أو لنجم كرة شهير، فإنه ينتهي بدون توظيف حقيقي للفرصة في مشهد نذكره. ويكرر بدلا من ذلك نكت محفوظة تخصهم.  


رغم كل هذا، فاز الفيلم بطاقم تمثيل مساعد اجتهد ليمنح الشخصيات رونقًا وحضورا لم يوفرهما السيناريو. وأخص منهم بالذكر بيومي فؤاد (دكتور ربيع في مسلسل الكبير أوي)، الذي يثبت مرة بعد مرة أن نجاحه في الأدوار المساعدة منذ بداياته غير وليد صدفة. 


البعض الآخر يتحرك في نفس قالبه المعروف، وعلى رأسهم حسن حسني وهالة فاخر وإدوارد وعلي ربيع.



كل السلبيات السابقة لا تُذكر، بالمقارنة بخطأ (أو خطيئة) الفيلم الأكبر، عندما تم اختيار محمد عادل إمام للدور الرئيسي. وهو ممثل يفتقد للكاريزما والموهبة الكوميدية الضرورية للدور، يحاول أغلب الوقت استحضار نفس حركات وقفشات والده دون جدوى. ولا يحصد من هذه المحاولة إلا مزيدا من ثقل الظل، بسبب المقارنة مع الأصل. ويصبح وضعه أسوأ وأسوأ لأن كل الممثلين الموجودين حوله تقريبا، أكثر منه حضورا وموهبة من الناحية الكوميدية، رغم تواضع مساحاتهم مقارنة به. 


وعلى العكس العديد من الأفلام المصرية الجيدة المقتبسة من أصول أجنبية، وعلى رأسها مؤخرا (ألف مبروك - الحرب العالمية التالتة - طير انت)، والأخير بالمناسبة عن سيناريو لعمر طاهر أيضًا، يندرج فيلم كابتن مصر تحت بند الاقتباس الفقير. 



باختصار:
رغم اجتهاد بعض الممثلين بشكل يستحق الإشادة، فالفيلم في النهاية فاصل اسكتشات وإيفيهات كوميدية غير مترابطة، يظهر في أغلبها، ممثل استحوذ على إشارة الكابتن في الفيلم، رغم أن علاقته بالكوميديا تنحصر في اسم والده. 


لمتابعة الكاتب