التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 04:22 ص , بتوقيت القاهرة

فهلوة السادات تقتل فلسفة الحلاج

السلام مع إسرائيل من حيث المبدأ ليس جرما، فمن المنطقي أن تحارب دولة أخرى، فتهزم تارة وتنتصر أخرى، وقد يحدث بينهما هدنة أو سلام أو أو... لكن الجرم هو الهزيمة الفكرية، وبيع المشروع الوطني، ومحاولة خلق مواطن "ماسخ" لا شخصية له، لا يعرف أهو في دولة علمانية تقوم على المواطنة، أم في دولة دينية أصولية... الجرم هو تسليم نفسك لأجنبي وتقول له 99% من مصيري بيدك.


الجرم هو اعتماد السادات سياسات "المصطبة"، وكبير العائلة، وعمدة القرية، وشيخ البلد، وفتوة الحارة -مستغلا وجود جذور داخل الشخصية المصرية، تجنح إلى هذه النماذج- عوضا عن المفاهيم الحديثة للحكم، ليؤكد أن لغة "الفهلوة" و"اللي مش هيسرق- قصدي هيغتني- في عهدي مش هيغتني أبدا"، قد حلت مكان الكد والكفاح من أجل البناء.

توقيع الرئيس أنور السادات مع مناحم بيجن، على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في مثل هذا اليوم 26 مارس من عام 1979، برعاية الولايات المتحدة، ليس جرما في حد ذاته، لكن الجريمة كانت في توجهات عامة للدولة، مهدت للاتفاقية، ونتائج حدثت بعد ذلك.


 



 



أنور السادات الذي كان يسعى لضرب المشروع الناصري بأي طريقة، فتح الباب لعودة الإسلاميين إلى المشهد، بل وحرض على ذلك، وآثار ذلك انعكست على المنطقة العربية بأكملها، حتى استطاع الأصوليون المتطرفون، الفوز بانتخابات البرلمان في الجزائر عام 1991، وحين تم حل البرلمان، بدأت العمليات الإرهابية ضد الدولة الجزائرية... وضمن هذه العمليات، كان اغتيال الأديب، الطاهر جعوت، في مثل هذا اليوم من عام 1993.

حسني مبارك، كان نتاج دولة السادات التي وقعت اتفاقية السلام مع إسرائيل... وفي مثل هذا اليوم من عام 2007، أجرى نظام مبارك استفتاءا على تعديل الدستور، ألغي من خلاله الإشراف القضائي على الانتخابات، الأمر الذي أدى إلى برلمان مزور " 2010"، أغلق الباب أمام أي إصلاح سياسي طبيعي، فكانت 25 يناير وتبعاتها.



بسبب السادات، ساد التطرف والسطحية الدينية، كما أصبح منطق كافر ومسلم هو الفيصل في الحكم على الأشياء داخل المجتمع، والتاريخ يقول إن أبومنصور الحلاج، الفيلسوف والصوفي المسلم، أُعدم في مثل يوم توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 922، بعد تكفيره وزندقته، لأنه أعمل عقله في التعرف على الله، وقال "النقطة أصل كل خط، والخط كلّه نقط مجتمعة. فلا غنى للخط عن النقطة، ولا للنقطة عن الخط. وكل خط مستقيم أو منحرف هو متحرك عن النقطة بعينها، وكلّ ما يقع عليه بصر أحد فهو نقطة بين نقطتين. وهذا دليل على تجلّي الحق من كل ما يشاهد وترائيه عن كل ما يعاين. ومن هذا قلت: ما رأيت شيئاً إلاّ رأيت الله فيه"، وبسبب هذه العبارة وغيرها أعدم الحلاج، وسيعدم أي حلاج في مجتمع وضع السادات بذوره.


 



 


بسبب السياسة الساداتية، علت أصوات الانبطاح والتفريط في الحقوق العربية أمام إسرائيل، حتى أصبح محمود عباس "أبومازن"، المولود في مثل هذا اليوم من عام 1935، هو رئيس السلطة الفلسطينية.

بسبب سياسة الربح السريع القائم على "الفهلوة"، أصبح الابتذال والبعد عن المهنية، سمة من سمات الفن المصري، وحل الضحك المبني على الإفيهات "قليلة القيمة الفنية والكوميدية" مكان كوميديا الموقف، المبنية على سيناريو وحوار جيدين. وكما ماتت الضحكة النظيفة، ماتت الفنانة وداد حمدي، إحدى صناعها، في مثل هذا اليوم من عام 1994.
 


خلال الفترة الساداتية وسيادة الفهلوة، بدأ الفن الأصيل في الموت، كما مات الموسيقار الألماني، لودفيج فان بيتهوفن في مثل هذا اليوم 26 مارس من عام 1827.