التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 04:35 م , بتوقيت القاهرة

المرأة اليهودية.. "عورة" المجتمع الإسرائيلي

تعرف طائف الحريديم "المتشددين" في المجتمع الإسرائيلي بتشددها في التمسك بتعاليم "التناخ" (الكتاب المقدس لدى اليهود)، والإسراف في التمسك بحرفية النصوص الدينية، سواء كان في تعاملاتهم مع غيرهم أو تطبيق الشريعة داخل منازلهم، ليبقى التساؤل هنا، كيف ينظر الشخص الحريدي للمرأة داخل المجتمع الإسرائيلي؟، وما وضع المرأة في كتاب اليهود المقدس؟


من هذا المنطلق يرصد "دوت مصر"، السمات الأساسية لنظرة اليهودي الحريدي للمرأة وفق شريعته.


بداية الخلق


تظهر بداية التميز بين الرجل والمرأة إذا ما أطلعنا على قصة خلق آدم وحواء في أولى أسفار العهد القديم سفر "التكوين" أو كما يلفظ بالعبرية سفر "بريشيت"، والذي يظهر أفضلية الجنس الذكوري على نظيره الأنثوي منذ لحظة الخلق الأولى.


تقولي الدكتور، ليلي أبو المجد، أستاذ الدارسات التلمودية بكلية الآداب جامعة عين شمس، في كتابها "المرأة بين اليهودية والإسلام"، إن العهد القديم قد حض من قدر المرأة كثيرا في قصة حواء والحية الشهيرة، إذ ترى التفاسير الدينية "المدراشيم" أن حواء هي سبب عصيان آدم لربه فهي التي استجابت لغواية الحية ليصب عليها الرب لعناته، وهي عشر لعنات على حسب تفسير الحاخام يسحق برافديمي والذي استند في حكمه إلى الآية (تكوين 3/16) "تكثيرا أكثر أتعاب حبلك، وبالوجع تلدين أولادا، وإلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك".


ويرى برافديمي أن اللعنات المذكورة هي عشر لعنات تتمثل في عناء وتعب تربية الأبناء، والحمل ودم الحيض ودم غشاء البكارة.



حق الزوج


أما عن حق الزوج في زوجته، فقد منحت الشريعة اليهودية للزوج عدة حقوق من بينها


* للزوج الحق في كل ما تعثر عليه زوجته من لقط وما تكسبه من كدها


* ومن حق الزوج أن يأكل من عائد أموال زوجته في حياتها


* للزوج حق الانتفاع من عائد أموال زوجته طيلة حياتها


أما عن حقوق الزوجة للزوج، فلم تلزم الشريعة الزوج بنفس الالتزامات التي فرضتها اليهودية على المرأة، فقط كل ما يلزم الرجل عدة أمور بسيطة كدفن زوجته وافتدائها عند وقوعها في الأسر، ومنحه الحرية في معالجتها عند مرضها سواء منحها مبلغ من المال وتتولى هي معالجة نفسها، أو تكفل علاجها حسب رغبته.



 


تعدد الزوجات


واستمرار في سرد المميزات التي امتاز بها الرجل في الشريعة اليهودية، أباحت الشريعة للزوج حرية تعدد الزوجات مع سلب إمكانية المرأة في منعه من ذلك، فبإلاطلاع على قصص الأنبياء إبراهيم، يعقوب، سليمان، يتبين أن الشريعة اليهودية لم تلزم الزوج بعدد محدد من الزوجات، فلقد دخل النبي يعقوب على أربعة نساء، وإبراهيم ثلاثة (تكوين 25-1)، أما النبي سليمان فقد تزوج بسبعمائة امرأة واتخذ ثلاثمائة سرية (ملوك أول 11/3).


حق الميراث


"الإرث"، إحدى الإشكاليات الهامة التي تظهر المفارقة بين الرجل والمرأة في الشريعة اليهودية، كون الميراث في العهد القديم من حق الذكور فقط، كما هو الحال في النظم والتشريعات القبلية، كي لا تخرج الثروة خارج نطاق القبيلة، فإذا مات الأب انتقلت التركة إلى أبنائه الذكور فقط، وفضل العهد القديم الابن البكر وخصه بنصيب اثنين من الميراث، فإذا لم يكن له ولد انتقلت الميراث في هذه الحالة فقط إلى البنت، فإن لم يكن له بنات ينتقل إلى أخوة المتوفي.



المرأة كالأثاث


كما تتعامل اليهودية مع المرأة كونها أحد ممتلكات المنزل، فعند وفاة الزوج دون عقب من صلبه كان على أخيه الذي يرثه أن يرث زوجته أيضا ويتزوجها وينسب الولد الأول من هذه الزيجة إلى المتوفي ويرث نصيبه في الميراث، وإذا رفض وجب عليها تطبيق ما يعرف باسم "شريعة مخلوع النعل"، ويتم ذلك على مرأى ومسمع من أهل القرية التي تعيش بها، إذ تستدعي المرأة كهنة القرية ليسألونه إذ ما كان يرغب في الزواج منها أم لا وعند رفضه تبصق في وجهه وتخلع نعلها وتضربه، لتتزوج بعد ذلك بأقرب أقاربه كما في قصة راعوث وبوعز.


الأفضلية للرجال


ثمة شيء أخر حرصت الشريعة اليهودية على تميز الرجل عن المرأة حتى في الأدعية والبركات، ففي الصباح يتلو اليهودي الذكر مجموعة من البركات تحت مسمى "أدعية الصباح" تتضمن شكره على ثلاثة أمور أولها أن الرب الذي لم يخلقه من "الأغيار" (غير اليهود)، والثاني أن الرب لم يخلقه عبد، والثالث أنه لم يخلق أنثى.



 


خروج المرأة للحياة العامة


أما عن خروج المرأة من المنزل والاختلاط بالحياة العامة، فلقد حظرت "المشناة" (الشريعة الشفوية لدى اليهود) على المرأة الخروج من المنزل وفرض الطلاق عليها وحرمانها من مستحقاتها المالية "الكتوبا"، إذا ما خرجت من بيتها دون غطاء على رأسها، بل وعلى الزوج تقويم زوجته بالضرب والقوة لإبقائها في المنزل (باب كتوب وت7/ الفقرة "و").


لم يغفل الأدب الإسرائيلي هو الآخر التطرق إلى موضع المرأة الحريدية داخل المنزل والعزلة المفروضة عليها وقمعها في المنزل، فلقد تناولت الكاتبة الإسرائيلية، سيفان ليفرخت، في قصتها القصيرة المعروفة باسم "تبوحيم من همبدر – تفاح من الصحراء"، والتي تدور حول فتاة حريدية ترفض قمع والدها لها في المنزل لينتهي مصيرها بالهروب مع عشيقها من المنزل والخروج للحياة العامة، وتحاول والدتها بعد ذلك الذهاب إليها لتطلع على طبيعة الحياة العلمانية وارتداءها ابنتها "للبنطال" والخروج عن تقاليدهم، لتعود في النهاية الأم إلى منزلها حزينة بعد إطلاعها على تفاصيل الحياة العلمانية.