التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 01:12 م , بتوقيت القاهرة

وتغلبهم امرأة

هؤلاء الفتيات الجميلات من الأكراد، في سوريا، هن من هزمْنَ تنظيم "داعش" وطردنه من بلدهن كوباني "عين العرب". واضطررنه للانسحاب.


أليس هذا المشهد عارا على التحالف الدوّلي الذي تقوده أمريكا للحرب على داعش؟


أليس عارا على الجيش العراقي الذي ترك سلاحه وفر أمامهم من قبل؟


أليس عارا على إرهابيي "داعش" الذين لا يجيدون إلا خطف الرهائن وذبحهم بخسة ونَذَالَة؟


إنهم لا يجيدون إلا الحروب الرخيصة التي تُلائم العصابات والمجرمين، وينهزمون في الحرب الواضحة التي تحتاج إلى مقاتلين يتسمون بالشرف، ويظهرون لعدوهم في النور ويبدأون حربا واضحة مُعلنة.



قد يثور في ذهن البعض تساؤل، أليس هذا المشهد الماثل في الصورة يحوي بعض المخالفات الشرعية، وبعض الحرمانية..؟


وهنا نروي حديثا في البخاري عن أنس أنه كان يرى السيدة عائشة وأم سليم في غزوة أحد "مشمرتين" حتى ظهرت الخلاخل في رجولهما، ويحملون الماء على ظهريهما ويفرغانه في أفواه المقاتلين.


السيدة عائشة زوج الرسول، وكانت فتاة صغيرة لم تتجاوز العشرين، تجري في الميدان بين الرجال، حافية، مشمرة، تختلط بهم، تكلمهم، وتحمل لهم الماء، وتناولهم السهام.. والكل يتضامن للانتصار، ولا تثور في أذهان البعض أي هلاوس أخرى.


فهل أنت تخاف على نساء المسلمين أكثر من خوف النبي على زوجته عائشة!؟


بالمناسبة دَأَبَ جيش الرسول أنه كان يظهر لعدوه في مكان واضح، ويقاتل بشرف، دفاعا عن الأرض والدين، ويدفع الضعف والفتنة، ولا يفعل كهؤلاء الفئران الذين يختبئون في الظلام ثم يهجمون غِيلة.


في صحيح مسلم، سأل الصحابي المقداد بن الأسود الرسول وقال، يا رسول الله تُرى لو قاتلني أحد الكفار، ثم ضرب إحدى يدي فقطعها، ثم لاذ بشجرة وقال أسلمت لله، فهل أقتله، فقال عليه الصلاة والسلام، "لا تقتله، فإنك إن فعلت صرت مثله قبل أن ينطقها" أي صرت كافرا.


المقداد يسأل لو بدأ رجل من الكفار بقتاله، وقطع يده، ثم قال أسلمت لله من باب الخداع والالتفاف. بل لم ينطق الشهادة كاملة. ولم يصم لله يوما ولم يركع له ركعة.. ونحن على يقين من كذبه، فهل يجوز لنا قتله؟ وهنا قال النبي أنك لو قتله تصير كافرا! ولن تنفعك صلواتك أو طول لحيتك.


انظر مدى الحساسية الشديدة لعصمة دماء المسلمين، بأقل قدر من الإسلام، بل حتى لو كان إسلاما كاذبا مخادعا، فما بالك بمن يقتل مسلمين حقيقيين يصومون ويصلون ويحجون، ثم يظن نفسه قد دخل الجنة.


عندما نشبت الفتنة قديما، واجتمع جيش من المسلمين تحت لواء معاوية يريدون قتال الإمام علي بحجة الثأر من قتلة عثمان، لتلتقي السيوف الإسلامية للمرة الأولى ضد بعضها، وأرادوا معهم سعد بن أبي وقاص.. فقال لهم الصحابي الجليل، "قاتلنا في زمن رسول الله حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.. أما أنتم فتريدون القتال حتى تكون فتنة. يقصد الاختلاف والقتل.


الآن هم يفعلون عكس الآية التي جعلت القتال لدرء الفتنة وتجنب الظلم وتحقيق حرية الاعتقاد والأمان، وتجاوز الضعف، وصار قتالهم يحقق كل الموبقات، ويجلب الفتنة والظلم والضعف.. وكلما ارتفعت راية القتل تحت زعم الجهاد انحط شأن المسلمين وزادت هزيمتهم الحضارية والثقافية والدولية.


ولو عاش الرسول حتى رآهم لتبرأ منهم واعتبرهم لرجال الجاهلية أقرب.