التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 08:19 م , بتوقيت القاهرة

كيف قضى الخوف والمال على أكبر صحيفة صينية‎‎؟

في يناير 2013 تجمع المئات من المتظاهرين في مدينة جوانجزو، جنوبي الصين، تضامنا مع واحدة من أكثر الصحف ليبرالية في الصين، وهي صحيفة "نانفانج زومو" أو أسبوعية الجنوب، حسبما يقول موقع فورين بوليسي في تقرير له.


وجاءت هذه المظاهرة، والتي تعد حدثا نادرا في الصين، للاحتجاج ضد المسؤولين المحليين، فالأسبوعية التي أنشئت عام 1984 ويصل عدد قرائها إلى 1.7 مليون قارئ، كان ينظر إليها باعتبارها العين الساهرة على مصالح الشعب والمراقبة للفساد الحكومي. 


ولكن مع تدخلات الرقابة الحكومية على الصحف، شهد عدد يناير 2013 استبدال مقال ينادي بإقرار إصلاحات دستورية، بمقال يكيل المديح للحزب الشيوعي الصيني، ما دفع العديد من الصحفيين الغاضبين بالمطالبة بالتحقيق في الحادث.


ويقول التقرير، إنه بعد أيام من الاحتجاجات المساندة لموقف الصحفيين، قررت سلطات جوانجزو عقد اتفاق مع الصحيفة يضمن فيه المسؤولون المحليون التزامهم "بتحسين أساليب إدارة المطبوعات الإعلامية".


ولكن ماحدث في العامين التاليين حسبما يقول التقرير، هو أن الصحيفة شهدت انحسارا في مكانتها بعدما تبنت إدارتها موقفا مهادنا مع السلطات، على أمل أن يتيح لها هذا نيل المزيد من الحريات الصحفية، ولكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فظل الرقيب المتعنت في مكانه واستمرت الرقابة المتعسفة ضد الصحيفة، ما أفقدها بريقها في عيون المثقفين الصينيين.


فحسبما ذكر عدد من الأكاديميين والصحفيين أنهم لا يأخذون الصحيفة بجدية كما كان يحدث من قبل، مثلما قال مسؤول حكومي بارز طلب عدم ذكر اسمه "لم أعد أقرأ أسبوعية الجنوب"، أو كما قالت خبيرة إعلامية صينية إنها توقفت عن قراءة الجريدة منذ سنوات، ولا تقرأ منها سوى ما يرشحه أصدقاؤها من مقالات على مواقع التواصل الاجتماعي.


ويشير التقرير إلى تضافر الضغوط الاقتصادية مع الصغوط السياسية، لتوجه ضربة قاضية للأسبوعية، فسعر الجريدة بلغ الضعف في غضون شهور، كما أن عدد المقالات بها تعرض للتقليص، ما يؤشر بصعوبات في العثور على معلنين لتغطية نفقات الصحيفة.


ويقول التقرير، إنه في التسعينيات كان ينظر للأسبوعية على أنها من رواد الصحافة الاستقصائية الجادة في الصين، فعلى الرغم من عدم اقترابها من الخطوط الحمراء للنظام الشيوعي، فإنها استطاعت تغطية موضوعات وقضايا هامة أكسبتها شعبية جارفة وسط القراء الصينيين، حيث كانت تهتم بتغطية قضايا المهمشين في المجتمع الصيني مثل المهاجرين والمحتجين ومقدمي الالتماسات.


ومن أشهر القضايا التي غطتها الصحيفة، انهيار مدرسة أثناء زلزال في مقاطعة سيشوان، وتقريرها الاستقصائي عن ظروف العمل القاسية في مصانع فوكسكون التي تصنع الرقائق والشرائح الإلكترونية لكبريات الشركات العالمية.


لكن الأمور تغيرت في الصحيفة في أعقاب أزمة استبدال المقال الداعي للإصلاحات الدستورية، حيث قرر العشرات من الصحفيين الاستقالة من الأسبوعية، بما فيهم اثنين من كبار محرريها ومساعد رئيس التحرير، بسبب أنها "أصبحت تفتقر إلى الإبداع" حسبما يقول أحد الصحفيين المستقيلين، فيما حل مكان الصحفيين المستقيلين صحفيون مؤيدون للحكومة، جاءوا من جريدة نانفانج اليومية، التي تعد لسان الحزب الشيوعي في المنطقة.