التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 02:52 ص , بتوقيت القاهرة

الكيميائية روزاليند فرانكلين.. عمر قصير وإنجاز كبير

لولا تلك القواعد الصارمة للجنة نوبل التي تمنع منح الجائزة لمن رحلوا عن دنيانا، لانضمت روزاليند فرانكلين دون شك إلي الثلاثي الحائز علي جائزة نوبل في الطب لاكتشاف تركيب الحمض النووي، في عام 1962، بعد أربعة أعوام من رحيلها في عمر الثامنة والثلاثين بسبب مرض سرطان المبيض، بعد أن كانت صورتها للجزيء سببا في وصول جيمس واتسون وفرانسيس كريك وموريس ويلكنز إلى اكتشافهم.



بدأت الحياة المهنية لروزاليند فرانكلين بعد مغادرتها لجامعة كامبريدج في عام 1942، بعد تخرجها من قسم الكيمياء وعملها لعام كامل كمساعد باحث في نفس الجامعة، ثم انتقلت للعمل في مؤسسة الفحم البريطانية، حيث قامت بعدد من البحوث حول التركيب الدقيق للكربون والفحم والجرافيت، وقد شكلت هذه الأبحاث أساسا لرسالتها للدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية في عام 1945 م.


فيما بين عامي 1947 و1950، انتقلت "روزاليند" للعمل في المعمل المركزي للكيمياء بفرنسا، مع أستاذها وصديقها الفرنسى، جاك ميرننج، حيث درست تقنيات الحيود باستخدام الآشعة السينية، الأمر الذي مهد لاكتشافاتها التالية، فقد كانت "روزاليند" تتمتع بلغة فرنسية ممتازة وثقافة فرنسية راقية.



عادت روزاليند إلى إنجلترا في عام 1951، حيث عملت كأستاذ مشارك في معمل جون راندال بالكلية الملكية، وهناك تقاطع مسار روزاليند مع مسار موريس ويلكنز، فكلاهما عالم معتد بذاته، وكلاهما يقود فريقا يعمل في مشروع حول الحامض النووي(DNA)، وعندما منحت الجامعة الثقة لمشروع روزاليند، شعر ويلكنز بالغيرة وبدأ زمن من التشاحن والتنافس والتباغض بين الاثنين، فلم يكن مقبولا في نظر ويلكنز أن يعمل "تحت قيادة امرأة.. تعامله كباحث مساعد"!!


سباق محموم لاكتشاف تركيب الحمض النووي


وبخلاف مختبرات الكلية الملكية، كان هناك اثنان من المعاهد العلمية التي تتسابق لاكتشاف بنية الحمض النووي، ففي مختبر كافنديش في كامبريدج كان جيمس واتسون وفرانسيس كريك يحاولان بناء نموذجهما للحمض النووي، وعلي الجانب الآخر من المحيط الأطلنطي كان لينوس بولينغ من معهد كاليفورنيا للتقنية قد اكتشف الهيكل الحلزوني للبروتينات، ويبذل قصارى جهده لكي يسجل نفسه في تاريخ العلم باعتباره الرجل الذي اكتشف بنية الحمض النووي، وقد كان الحمض النووي وقتها معروفا بتكوينه من سلسلة من السكريات والفوسفات وبعض المواد الأساسية Bases دون أن يعرف العلماء علي وجه الدقة الكيفية التي تترتب بها تلك المكونات ضمن جزيء الحمض النووي.


لم تمنع تلك الأجواء "روزاليند" وفريقها من العمل، فقد واصلوا بحوثهم وأصبحوا على مقربة من حل لغز تركيب الحامض النووى، فقد اكتشفت "روزاليند" الصيغة الثانية من الحامض النووي، كما حددت شروط الانتقال بين الصيغتين.


 


نتائج فرانكلين تقود غيرها لجائزة نوبل 


لكن تدخلات واتسون وكريك، وويلكنز- زميلها اللدود- عطلتها عن نشر النتائج التى أخذتها، ومارس كل من واتسون وكريك وويلكنز كل شيء من أجل منعها من نشر نتائجها، وفى خرق واضح لكل أخلاقيات العلم، وبدون إذن منها، أتاح موريس ويلكنز لواتسون وكريك النتائج التى سجلتها روزاليند- ولم تكن قد نشرتها بعد- لنمط حيود الأشعة السينية للصيغة (B) من الحامض النووي، والتي كانت تحمل الدليل الأكيد على فكرة التركيب الحلزونى.



"فى اللحظة التى رأيت فيها الصورة، فتحت فمى وبدأ نبضى يتلاحق.... التقاطع الأسود من الانعكاسات الذي تسيد الصورة لا يمكن أن ينشأ إلا عن تركيب حلزونى... غن مجرد فحص الصورة يؤكد ذلك "- هكذا قال واتسون.


وهكذا تم معرفة تركيب الحامض النووي وانتصر نموذج الحلزون المزدوج ودخل التاريخ باعتباره واحدا من أهم الكشوف العلمية فى عمر الإنسانية.
كتب واتسون وكريك وويلكنز ورقة البحث وأرسلوها إلى مجلة "نيتشر" حيث نشرت بأسمائهم، أما عمل روزاليند وجوسلينج فسوف يظهر في المجلة - كمقال داعم- لنموذج الحلزون المزدوج الذي اصبح مسجلا باسم واتسون وكريك وويلكنز!!.


 


 


 


 


 


ماتت روزاليند بسبب سرطان المبيض فى عام 1958، ولم تكمل بعد عامها الثامن والثلاثين، ماتت وفى قلبها غصة، وبعد موتها عرف الناس قدرها أكثر من ذى قبل، فتم تأكيد صحة فرضيتها أن الحمض النووى الريبوزى (RNA) يتكون من حلزون منفرد.


وبعد أربع سنوات تقريبا من وفاتها منحت جائزة نوبل في الطب إلى واتسون- كريك-ويلكنز لاكتشافهم التركيب الحلزونى المزدوج للحمض النووي (DNA). وكتب عنها فرانسيس كريك "كانت روزاليند على بعد خطوتين فقط من حل تركيب الحمض النووي كان ينقصها أن تصدق أن الحلزونين يجب أن يلتفا في اتجاهين متضادين".


 


 


 


 


 


روزاليند فرانكلين: حياة قصيرة وإنجاز عظيم .. كشف سر الحياة.. تركيب الحامض النووى.