التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 07:28 ص , بتوقيت القاهرة

أسرار الحرب الأهلية اللبنانية في "سمير جعجع.. حياة وتحديات"

كتبت- وفاء وصفي:

كانت وماتزال الحرب الأهلية اللبنانية، واحدة من الأحداث الدموية الطويلة التي ساهمت في تغيير الخريطة العربية، حتى لو كانت نواة لهذا التغير، ولن تقف نتائج الحرب ومقدماتها عند اتفاق الطائف الذي قدم خارطة طريق جديدة ليس للواقع اللبناني فقط، ولكن للحال السوري ونظامه في ظل الوجود السوري حاكما متحكما في لبنان حتى جاءت ثورة الأرز في منتصف العقد الأول من الالفية الثالثة، ووضعت الحرب ونتائجها عددا من الزعماء واللاعبين الأساسيين في المنطقة، كان رئيس حزب القوات اللبنانية، عنصرا أساسيا وبارزا فيها.

في هذا السياق، نشرت الكاتبة ندى عتيد كتابا جديدا يحمل عنوان "سمير جعجع .. حياة وتحديات"، كشف عن العديد من الأبعاد والحقائق والأسرار، ليس فيما يتعلق بلبنان فقط، أو بفترة معينة بتاريخها الحديث، ولكن ببلدان في العالم العربي، حاملا نظرات مستقبليه تطل على العقود المقبلة في جميع الأحوال.

بحسب الكاتبة، جاء عام 2005 مع اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية، رفيق الحريري، نزل 3 أجيال من كل الطوائف، حشدوا من الرؤس السوداء والرمادية، رجال ونساء يحملون أطفالا على أكتافهم، هتفوا بشعارات لم يجرؤ أحد قبل على التلفظ بها، وفي غمرة هذه الثورة خرج سمير جعجع، بعدما غاب عن نداء الأيام الأولى لربيع بيروت، كان أقوى وأكثر ميلا للتوافق، ليقف إلى جانب زعماء حرب سابقين وأبناء عائلات سياسية وغيرهم من الشخصيات المحورية.


"ندى عتيد" صاحبة هذا الكتاب ، الذي قدم باللغة الفرنسية أيضا من خلال ترجمة "دانيال صالح"، وخرج من دار "نوفل" للنشر في بيروت، انتجت هذا الكتاب من 18 ساعة مدة حوار مع رئيس القوات اللبنانية، سمير جعجع، ولجأت إلى بعض الأبحاث التي قدمت لمواكبة قصته الشخصية،وحاولت عتيد جمع شذرات من حياته في جميع مراحلها، الطفولة في بشرى نواحي الأرز، سنوات الدراسة في الجامعة الأمريكية ببيروت، متاريس الحرب، مواجهاتها السياسية ومعاركها الدامية، سنوات السجن الطويلة، الاتهامات والأحكام، ثم ما وصفته باستعادة الحرية والموقع السياسي، داخل فصول متقلبه وصاخبة بالأحداث جمعتها بين دفتي كتاب يختصر مرحلة مهمة وملتبسه من تاريخ الحرب اللبنانية الأهلية، التي كان جعجع من أهم اللاعبين فيها، إلى جانب البعد التوثيقي، يتضمن الكتاب تفاصيل غير شائعة عن حياته وتجربته.


البداية مع حادث غير حياة جعجع، الطالب في كلية الطب، في 13 أبريل 1975، في منطقة عين الرمانة، الجيب المسيحي الواقع بين 5 مخيمات فلسطينة، كانت والدته تتبضع ليقع أمامها تعد جديد، هرعت إلى المنزل مذعورة، لتحكي لابنها ما حصل، عندما كانت تتحادث مع إحدى جاراتها وهما تسيران في السوق، فأصيبت الجارة برصاصة قناص، فأحس كما يقول "جعجع" في حكيه لـندى بغضب شديد يغلي في داخله، وبحاجة غريزية إلى حماية أقربائه وسكان الحي، في هذا اليوم حضر بيار الجميل وكميل شمعون، وعدد من الشخصيات المسيحية حفل تدشين كنيسة في الحي، ومع انتهاء القداس كانت 3 حوادث قد وقعت؛ الأولى مع عبور سيارة جيب مرتين للشارع بأقصى سرعة، ثم سيارة فولكس فاغن اخفيت لوحات تسجيلها، فكادت تدهس أحد المارة، ثم سيارة فيات فيها 4 فدائين مسلحين أطلقوا رشقات من بنادقهم فقنلوا كتائبين بحسب حكاية جعجع.


يتتابع سرد الكتاب حتى يصل إلى اعتقال جعجع عندما تخطت الساعة الثانية ظهرا، وهو ما يعني مرور اليوم على خير، ولكن قبل نزول الليل ، جاء قائد فوج المكافحة، حاملا مذكرة توقيف بحق جعجع، الذي حافظ على هدوئه، مطالبا أنصاره بالتزام السكون، حتى لا يكون هناك موقف صغير يحول الواقع إلى تصفية، تحقق الهدف الأكبر بالتخلص من "جعجع" بقتله.

دار بباله أن لم يعد أحد يناديه بـ"حكيم"، أسئلة في الاستجوابات مطلوب منه التوقيع عليها مرفقه بشتائم.هل انت من قتل رشيد كرامي؟،هل أنت من أمر بمجزرة داني شمعون وعائلته؟،ماذا تعرف عن الاعتداء على الوزير ميشال المر؟، أين كنت يوم التفجير في كنيسة الزوق؟، بينما من الباب المتروك مفتوحا عن قصد ، كان يصله صراخ وعويل تقطعه توسلات أليمة ، من أصوات يعرفها لمقربين من أنصاره "يا حكيم.. قل لهم أنك أنت الفاعل..لم نعد نتحمل"

وتقول الكاتبة أن نوايا سجاني "جعجع" وضحت، لكونهم يضمرون له موتا بطيئا إلى أن تتلاشى ذاكرته نهائيا في غياهب الطابق الثالث تحت الارض بوزارة الدفاع.