التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 09:04 م , بتوقيت القاهرة

الصعايدة ووزير ومحافظ.. رحمتك يا رب!

أول القصيدة


كل الدلائل كانت تشير إلى أن اليوم لم يكن يومًا عاديًا. هيئة الأرصاد الجوية أشارت إلى ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها عن مثل هذا الوقت من العام. الشتاء يحاول أن «يقفز» على خصائص الصيف. رئيس الوزراء، شريف إسماعيل يستقر على التعديل الوزاري. الوزراء الجدد يؤدون اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي. أصحاب الحقائب الوزارية الجديدة يدلون بتصريحات لوسائل الإعلام. والقبض على محافظ المنوفية وبعض رجال الأعمال بتهمة فساد.


لسان الحكومة


الوزير الذي يتمتع بالكياسة السياسية «رزق». مصر- للأسف الشديد- تفتقر إلى مثل هذا النوع من الوزراء الذين يعرفون كيف يخاطبون الجماهير دون أن يورطوا الحكومة في أي مشاكل. الوزير عندنا «طيب» و«على نياته»، و«إللي في قلبه على لسانه».. لكن ما هكذا تكون السياسة، ولا هكذا تُدار الوزارة.


على طريقة أسلافه، الذين تسببت ألسنتهم في الإطاحة بهم، تورط وزير التنمية المحلية الجديد، أبو بكر الجندي، في تصريح «مسيء» لإخواننا «الصعايدة». سيادة اللواء رأى أنهم سبب «العشوائيات» في مصر. الرجل مهذب ومنضبط، لكن يبدو أن التعبير «خانه»، وما أكثر الوزراء الذين يخونهم التعبير!


معالي الوزير قال «هنعمل مشروعات في الصعيد عشان نبطل نخلى الصعايدة يركبوا القطر، ويجيوا القاهرة عشان يبحثوا عن فرص عمل، ويعملوا لنا هنا عشوائيات»!


ربما يكون في كلام معاليه جزء من الحقيقة. أما الجزء الآخر والذي لم تعامى عنه هو «الفساد». نعم الفساد.. مَنْ سمح ببناء هذه العشوائيات؟ مَنْ المسؤول الذي تكاسل عن أداء واجبه كما ينبغي؟ وأين كانت المحليات وهذه العشوائية تنتشر كما السرطان؟ ولماذا لم يُحاسبوا حتى الآن جراء تقاضيهم رشاوى للسماح بالبناء؟


معالي الوزير.. لستُ صعيديًا، لكن ما أنا مؤمن به أن الصعيد مهد الإبداع والمبدعين.. فلولاه ما كان لدينا رفاعة الطهطاوي، والعقاد، وطه حسين، والأبنودي، والطاهر مكي، والمراغي، ومحمد سيد طنطاوي، والطيب، والبابا شنودة، ومئات المبدعين في شتى المجالات.. فما أجمل العشوائية التي تنتج لنا هؤلاء العباقرة!


معالي الوزير.. «إللي بيجي على الصعايدة مبيكسبش».. الصعايدة تركوا نجوعهم وقراهم ومحافظاتهم ونزحوا إلى القاهرة بسبب غياب دور الدولة وبرامجها، وخططها لمواجهة الفقر والمرض والجهل!


لو كانت الحكومات السابقة اهتمت بمشروعات تنمية الصعيد ما ترك الصعايدة أماكنهم، ونزحوا إلى قاهرة المعز ليكسبوا قوت يومهم بعرق جبينهم. الصعايدة مش غاويين بهدلة!


معالي الوزير.. اتعظ بما حدث لأسلافك.. أمسك عليك لسانك، وابكِ على خطيئتك، واعتذر عن تصريحك، ولتسعك وزارتك.


محافظ الفساد


رجال هيئة الرقابة الإدارية ألقوا القبض على محافظ المنوفية هشام عبد الباسط، واثنين من رجال الأعمال، بعد ثبوت تورطهم في قضايا فساد، وحصوله على مليوني جنيه «رشوة» مقابل تخصيص قطعة أرض لأحد رجال الأعمال.


محافظ المنوفية أثيرت حوله الشبهات منذ أن كان في محافظة المنيا، وعقب توليه مهام منصبه في السادس من فبراير 2015؛ خاصة فيما يتعلق بحصوله على شهادة الدكتوراه من جامعة كامبريدج البريطانية دون أن يغادر القاهرة من الأساس، إضافة إلى العديد من وقائع الفساد المتورط فيها، ويخضع بسببها للتحقيقات الآن.


لا يمكن اختصار حكاية المحافظ في القبض عليه.. فهذا هو الفصل الأخير من القصة.. أما بقية الفصول فتحتاج إلى الإجابة عن تساؤلات كثيرة، أراها أهم بكثير من القبض عليه: ما آلية اختيار الوزراء والمحافظين وجميع المسؤولين بالدولة؟ ومَنْ الذي رشحه هشام عبد الباسط لمنصب محافظ المنوفية، وهو شخص تثار حوله الشبهات؟ وهل أجريت عنه تحريات قبل تعيينه أم لا؟ وهل وهل وهل.. عشرات هل التي تحتاج إلى إجابات شافية حتى لا نقع في الفخ مرة أخرى.. أليس كذلك؟