التوقيت الخميس، 13 يونيو 2024
التوقيت 01:33 م , بتوقيت القاهرة

لماذا أبقت موديز على تصنيف مصر الائتماني رغم تحسن الاقتصاد؟

واصلت وكالة موديز للتصنيف الائتماني موقفها المتعنت تجاه تصنيف مصر، والإبقاء على تصنيف الدولة الائتماني عند نفس المعدل منذ أكثر من عامين رغم التحسن التدريجي الذي شهدته مؤشرات الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة، وعلى رأسها الارتفاع التاريخي في احتياطي النقد الأجنبي الذى سجل أعلى معدلاته منذ عام 2010 ليتخطى حاجز الـ36 مليار دولار.


وأبقت الوكالة أمس على تصنيفها للاقتصاد المصري عند (B3) مع نظرة مستقبلية مستقرة، رغم مرور أكثر من عامين على هذه الدرجة، وهو ما يعني أن الوكالة لم تأخذ في حسبانها الإصلاحات الاقتصادية التي تمت خلال عامي 2016 و 2017 وعلى رأسها تعويم سعر صرف الجنيه المصري وإصدار قانون الاستثمار، وقانون ضريبة القيمة المضافة، وخفض دعم الطاقة.


يذكر أن آخر رفع قامت به الوكالة لتصنيف مصر الائتماني تم في شهر إبريل عام 2015 من Caa1 إلى B3 ومنذ ذلك الحين لم تقم الوكالة بأى تغيير يذكر في تصنيف مصر رغم الإصلاحات الاقتصادية الناجحة التى قامت بها الحكومة، وتوقيعها لاتفاق مع صندوق النقد الدولي تحصل بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار.


وتنفذ الحكومة المصرية برنامجا للإصلاح الاقتصادي منذ نهاية 2015 شمل فرض ضريبة للقيمة المضافة وتحرير سعر صرف الجنيه وخفض دعم الكهرباء والمواد البترولية، سعياً لإنعاش الاقتصاد وإعادته إلى مسار النمو وخفض واردات السلع غير الأساسية.


تقرير موديز مخالف للتوقعات


إبقاء موديز على تصنيف مصر الائتماني جاء مخالفا لتوقعات بنوك الاستثمار ووزارة المالية التي كانت تشير إلى أن الوكالة ستقوم برفع تصنيف مصر نتيجة التحسن في مؤشرات الاقتصاد.


وتوقعت بنوك استثمار، على رأسها جولدمان ساكس  خلال الفترة الأخيرة رفع التصنيف الائتماني لمصر بمقدار "درجة على الأقل"، وأيدتها فاروس القابضة في تقرير لها، متوقعة أن يتم رفع تصنيف مصر الائتماني إلى B2 بدلا من التصنيف الحالي B3، مدعوما بثلاثة عوامل، وهي تحسن نتائج وتوقعات معدل النمو الاقتصادي، وتقليص العجز الأولي والإجمالي، وانخفاض مواطن الضعف الخارجية بسبب التحسن في ميزان المدفوعات.


البنك المركزي يعلق


وعلق محافظ البنك المركزي طارق عامر على عدم قيام وكالة موديز للتصنيف الائتماني بترقية تصنيفها الائتماني لمصر خلال الفترة الماضية أو حتى تحسين نظرتها المستقبلية قائلا:"طالما يتواجد المستثمرون لدينا فهذا كل ما يهمنا"، مشيرًا إلى أنه تم ضخ استثمارات بقيمة 30 مليار دولار في مصر من خلال الاستثمارات الأجنبية المباشرة وتدفقات المحافظ الاستثمارية.


وأضاف "إذا كانت وكالات التصنيف الائتماني متأخرة في الاستجابة لهذه البيانات (عن المستثمرين)، فأعتقد أن هذا أمر متروك لها".


وقال "عامر" إن قرارات وإجراءات الإصلاح الاقتصادي القاسية تم تنفيذها، مشيرًا إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي يسير على نحو جيد للغاية.


وأكد "عامر" أن الاقتصاد يتجاوب بشكل جيد مع الإصلاحات التي طرأت عليه، إذ قال "نحن نسير في الاتجاه الصحيح ونتحرك بسرعة كبيرة.. سياساتنا النقدية كانت متشددة وهو ما تم مقاومته قليلا.. ولكننا رأينا أنه من المهم اتخاذ هذه الخطوات حتى ينصلح حال اقتصادنا سريعًا".


موديز تناقض نفسها


من جانبها، دافعت موديز عن قراراتها بالإبقاء على تصنيف مصر عند نفس المستوي منذ أكثر من عامين قائلة إن الإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر عند "B3" مع نظرة مستقبلية مستقرة يعكس أن اقتصادها كبير ومتنوع ويوجد به زخم كبير تجاه برنامج الإصلاح الاقتصادي، مقابل ضعف الأوضاع المالية الحكومية.


وتصر موديز على أن هذا التصنيف الائتماني يحقق التوازن الصحيح بين التقدم المحرز في برنامج الإصلاح الاقتصادي ومستويات الدين الحكومي.


وقالت موديز إنها ترغب في أن ترى تقدما "أسرع مما هو متوقع" في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي قبل اتخاذ قرار برفع التصنيف الائتماني لمصر، فربما ترى الوكالة أن التغير الجذري في الأوضاع الاقتصادية لا يعد كافيا. وترغب الوكالة كذلك في ضبط أوضاع المالية العامة وتحسين مستويات الدين بصورة أسرع. وأضافت أن وجود أية إشارات على تباطؤ عملية الإصلاحات ستعرض النظرة المستقبلية للخطر.


إلا أن الوكالة أقرت بحدوث تقدم باقتصاد مصر، فقال ستيفن دايك، نائب رئيس وكالة موديز والمؤلف المشارك للتقرير: "على الرغم من أن النمو الاقتصادي في مصر لا يزال دون مستويات ما قبل الثورة، فإنه بدأ يشهد تحسنا، كما تحسنت معنويات المستثمرين بفضل تعزيز قوة الدفع الإصلاحية". وأضاف "نتوقع أيضا أن نشهد انخفاضا تدريجيا في مستويات العجز المالي والدين الحكومي في مصر".


وتوقعت موديز أن يصل عجز الموازنة في السنة المالية 2018/2017 إلى 10? من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يزيد عن توقعات الحكومة بوصول عجز الموازنة إلى 9.2?، ولكنه أقل من عجز الموازنة البالغ 12.1? من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2016/2015. وتوقعت أيضا أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5? في العام المالي 2019/2018.


وكالات التصنيف الائتماني في قفص الإتهام


أصبحت وكالات التصنيف الائتماني جزءا أساسيا في السوق المال العالمي والاعتماد على هذه الوكالات جعلها محل تساؤل لدى كثيرين، البعض يرى بأنها تصنيف يخضع لحسابات سياسية وآخرون يتهمونها بأنها تصنف الدول والمؤسسات وفقاً لرغبات الدول.


وخلال الأعوام الأخيرة، ارتفعت حدة الاتهامات والشكوك المثارة حول هذه الوكالات خاصة وان ثلاث وكالات امريكية هي التي تحتكر سوق التصنيف الدولي، ومن ضمن الاتهامات التي يوجهها المنتقدون لوكالات التصنيف العالمية انها منحت بعض الدول تصنيفات ائتمانية عالية مع أنها تعاني من مشاكل اقتصادية عميقة، إلى جانب منحها مؤسسات مالية تصنيفات عالية لا تتناسب وقوة جدارتها الائتمانية.


أهمية التصنيف الائتماني


تكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتماني أعلى في مستوى الفائدة التي يتوجب على مصدر الديون دفعها، فكلما ارتفع التصنيف الائتماني كلما انخفض مستوى الفائدة، وكلما انخفض التصنيف الائتماني كلما زاد سعر الفائدة التي يتطلب دفعها من قبل الجهة المصدرة.


كما تكمن أهمية الحصول على تصنيف ائتمان أعلى في عدد المستثمرين الذين يرغبون في شراء إصدار دين معين، وذلك نظرا لأن العديد من المؤسسات المالية وصناديق الاستثمار لا تستثمر إلا في أدوات الدين ذات الجدارة الائتمانية المرتفعة لذلك فإن انخفاض التصنيف لإصدار معين يعني بالضرورة انخفاض الإقبال عليها وصعوبة تغطيتها، نظرا لعزوف هذه الصناديق والمؤسسات المالية عن شرائها.


معايير تصنيف وكالات التصنيف الائتماني للدول والشركات


للدول:


لا يقدم التصنيف الائتماني معلومات عن التمويل الحكومي، كالعجز والدين فقط، ولكنه يقدم أيضاً معلومات سياسية واقتصادية أخرى، مثل مستوى الدين للدولة ككل، الأهداف الاقتصادية، ودرجة استقرار الوضع السياسي في الدولة.


للشركات: 


تركز الوكالات على المعلومات المالية للشركة والإيرادات والأهداف الربحية.


ما معنى حصول الدولة على درجة تقييم منخفضة؟


إذا كان تقييم الدولة منخفضا، فذلك يعني غالباً أن احتمالية إعادة سداد هذا البلد لديونه قليل، كما أن التقييم الائتماني ينخفض إذا كان مستوى الدين مرتفعا، حيث يؤدي إلى زيادة الفوائد التي ستُدفع لهذا الدين أو إذا كان النظام السياسي غير مستقر أو لا يمكن الاعتماد عليه، وبالتالي التقييم الائتماني يكون مفيد كمؤشر للائتمان، ولكنه ليس مؤشراً حاسماً يعتمد عليه المستثمرون للاستثمار في بلد ما.


اقرأ أيضا..


موديز تبقي تصنيفها للاقتصاد المصري عند (B3) مع نظرة مستقبلية مستقرة