نجيب الريحاني والسينما| خلافات مع المخرجين وفيلم "تايه"


7 أفلام فقط، هل يمكن لأحد أن يصدق أن نجومية نجيب الريحاني في السينما بنيت على 7 أفلام فقط، رحلة قاربت 15 عاما فقط مقدما خلالها 7 أفلام ناطقة كفيلة لحجز مقعده في الصف الأول لأساطير الكوميديا المصرية إن لم يكن أبرزهم، ولكن علاقة الريحاني بالسينما لم تكن جيدة بالعكس كانت مليئة بالمشاغبات.
في البداية الريحاني قدم فيلمين صامتين في بدايات السينما المصرية ولكنهم لم يلاقوا نجاحا يذكر، بينما قدم أول فيلم ناطق له في فرنسا عام 1934، كان الريحاني وقتها في رحلة فنية في فرنسا وقتها التقى والمخرج ويلي روزيه والذي أقنعه بعمل اول فيلم ناطق له وبالفعل يكتب بديع خيري الفيلم ويخرجه ويلي ويعرض الفيلم في فرنسا تحت اسم " ياقوت".
المشكلة إن الفيلم لم يعرض في مصر بل ظل تائها لفترة طويلة ولا نعرف مصيره ولم نشاهده إطلاقا، حتى قام السينماتيك الفرنسي بترميم النسخة وطباعة نسخة وإرسالها لمصر، لنشاهد أخيرا فيلم الريحاني "التايه" والذي كان متوسط الجودة الفنية وبعيدا عن جو أفلام الريحاني التي ألفنها.
ينقطع الريحاني عن السينما لمدة 3 سنوات عزم خلالها اعتزال السينما مقتنعا ان حظه في المسرح أفضل، خاصة بعد فشل كل محاولاته السينمائية السابقة، حتى يقنعه طلعت حرب بالعودة للعمل في فيلم سلامة في خير عام 1937 وهذه المرة مع المخرج العائد حديثا من بعثة لدراسة الإخراج السينمائي نيازي مصطفى والذي كان يشرف وقتها أيضا على قسم المونتاج باستديو مصر.
ولكن هذا الفيلم كاد ان يتوقف ويلغى تماما بسبب الريحاني، فمنذ بدايات التصوير والريحاني يدخل في خلافات شديدة مع المخرج الشاب وقتها نيازي مصطفى، الريحاني النجم ومخرج المسرح، لا يفهم ما يقوم به الشاب الجديد، يشعر ان ما يقوم به نيازي عكس ما يألفه ويعرفه، لذلك كان يدخل في مصدمات معه ليتدخل توأم روح الريحاني " بديع خيري" ليلطف الأجواء بينهما، حتى الصدام الأخير الذي لم يشفع تدخل بديع فيه لتصل الازمة لطريق مسدود.
عاد الريحاني إلى منزله ورفض الذهاب للتصوير بل عرض برد المبلغ الذي تقاضاه من استديو مصر واعتبار ما بذله من مجهود إهداء للاستديو، لو ان قرر الاستديو تشكيل لجنه فينه مختصة لفض النزاع بين الريحاني ونيازي على شرط ان يكون قرار اللجنة ملزما للطرفين، وهو ما وافق عليه نيازي والريحاني، لتنحاز اللجنة للريحاني في كل ملاحظاته فيوافق نيازي على قراراتها ويعودا للعمل.
كان نجاح فيلم سلامه في خير هو النجاح الأول لعمل سينمائي يحمل اسم الريحاني، وهو ما شجعه لتكرار التجربة مرة أخرى مع نيازي مصطفى ولكن بعد مرور 4 أعوام، يقدم الريحاني فيلمه "سي عمر" عام 1941، ولأنه تعلم من الدرس الأول وضع كافة شروطه وتحفظاته في السيناريو الذي كتبه مع بديع خيري ومر الفيلم بسلام نوعا ما، ولكن الريحاني ونيازي قررا ألا يعملا معا مرة أخرى.
4 أعوام أخرى تمر، ويعود الريحاني بفيلمه الجديد لعبة الست عام 1945 من إخراج ولي الدين سامح، ويبدو في الفيلم أن سيطرة الريحاني كاسحة فالمشاهد أغلبها مسرحية وفي العام الذي يليه قدم الريحاني فيلم أحمر شفايف عام 1946، وهو الفيلم الذي قام نجيب فيه بطرد ولي الدين سامح وأكمل هو اخراج الجزء الثاني من الفيلم بنفسه، فلا يمر فيلم دون خلافات الريحاني مع المخرج عدا فيلمه الأخير.
3 سنوات توقف الريحاني عن السينما، وقتها كان أنور وجدي أصبح امبراطور صناعة السينما الجديد، أنور يعلم جيدا انه إذا أراد انتاج فيلم يربح من وراءه مبالغ طائلة فعليه ان يأتي بأكبر اسمين يحققا إيرادات في السينما وقتها، وكان هذان الاسمان هما زوجته "ليلى مراد" ونجيب الريحاني.
بالفعل يتودد أنور للريحاني حتى يعلم ان ما ان كتب بديع خيري فيلما حتى مثله الريحاني، ليتفق مع بديع على كتابة فيلم غزل البنات، ويحشد أنور وجدي كل نجوم السينما وقتها للمشاركة في الفيلم، كل اسم لامع ظهر في هذا الفيلم حتى أنور وجدي نفسه ظهر في الفيلم، ولكن قبل نهاية التصوير وقبل عرض الفيلم كان الريحاني قد غادرنا إلى مكان أفضل أو كما قال عن نفسه في رثاءه " مات الراجل اللي اشتكى منه طوب الأرض" في 8 يونيو 1949.