التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 08:33 ص , بتوقيت القاهرة

كيف انتصرت محكمة النقض "للإخوان" على حساب "دوائر الإرهاب"؟

تنتهي إجراءات التقاضي لأي متهم أمام محكمة النقض، فهي الدرجة القضائية الأعلى بين محاكم القضاء العادي، وحكمها نافذ وواجب التطبيق، لا يقبل الطعن عليه، بخلاف أحكام محكمة الجنايات التي تراجعها النقض عقب صدورها.


وبدأت تتقاطر على محكمة النقض المصرية خلال عامها القضائي المنتهي في يوليو الجاري، عشرات القضايا المتهم فيها أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، و"جماعة الإخوان"، المتعلقة بأحداث العنف التي أعقبت عزل "مرسي"، ونظرتها "دوائر الارهاب"، اللافت في الأمر أن محكمة النقض ألغت معظم العقوبات وأمرت بإعادة محاكمة المتهمين من جديد، إلا في عدد قليل من القضايا.


وتشكلت دوائر الإرهاب في أواخر عام 2013، خصيصا لنظر القضايا المتهم فيها أنصار مرسي، ونظرت عشرات القضايا، وحاكمت من خلالها أكثر من 10 آلاف متهم، حسب إحصاء رصده "دوت مصر"، وأصدرت أحكام بالإعدام تجاوزت المئات، وأخرى بالسجن المشدد.


محكمة النقض راجعت الأحكام الصادرة في عشرات القضايا، منها: أحداث مطاي بالمنيا، وأحداث عنف كفر الشيخ، والمتهمين بقتل اللواء نبيل فراج، وخلية الماريوت، وأحداث كمين الصحافة، وأحداث عنف الإسكندرية، إلى جانب قضية مذبحة رفح الثانية، وقررت إلغاء العقوبات الصادرة ضد المتهمين جميعا من دوائر الإرهاب التابعة لمحاكم الجنايات، وأمرت بإعادة المحاكمات من جديد.


فيما كشفت حيثيات قرارات محكمة النقض بإلغاء العقوبات الصادرة ضد أنصار مرسي، عددا من الثغرات القانونية التي تقع فيها "دوائر الإرهاب" ورصدها "دوت مصر" من خلال مطالعة حيثيات "النقض"، وجاءت أبرزها كالتالي:


محاكمات دون محامين


أوضحت محكمة النقض عقب نظرها قضية أحداث العدوة بالمنيا، المتهم بينهم مرشد الإخوان محمد بديع وآخرون، أن محكمة الجنايات التي عاقبت المتهمين بالقضية بأحكام تصل للإعدام، انعقدت ونظرت الدعوى دون حضور محامين للدفاع عن المتهمين، أو انتداب محامين من النقابة، الأمر الذي اعتبرته محكمة النقض "إخلالا بحق المتهمين، ما يبطل إجراءات محاكمتهم".



إعدام الأطفال


محكمة النقض ذكرت أيضا في أسباب ألغاء أحكام قضيتي "أحداث العدوة، وأحداث مطاي" أن محكمة الجنايات أخطأت في تطبيق القانون حين أصدرت أحكاما بإعدام من هم في حكم الأطفال ممن لا تتجاوز أعمارهم 18 عاما، ما يدلل على أن "دائرة الإرهاب" لم تكلف نفسها عناء مطالعة أوراق القضيتين، وبيان السن القانوني لمن تصدر ضدهم عقوبات.



إلصاق التهم دون سند


في القضية الشهيرة إعلاميا بـ"خلية الماريوت"، قالت محكمة النقض إن محكمة أول درجة "دائرة الإرهاب" برئاسة المستشار محمد ناجي شحاتة، أدانت المتهمين بالانضمام لـ"جماعة" أسست على خلاف أحكام القانون تتخذ من الإرهاب وسيلة لتنفيذ الأغراض التي تدعو إليها، وهي "جماعة الإخوان"، دون أن يدلل على وجود تلك الجماعة والغرض من تأسيسها قبل انضمامهم إليها، وكيفية انضمامهم لها، ومدى علمهم بالغرض من تأسيسها.


كما أوضحت أسباب إلغاء عقوبات المتهمين بخلية "الماريوت"، أن محكمة الجنايات تعجلت في فصلها في الدعوى، قبل ورود تقرير الطب الشرعي الذي طلبته عن المتهمين، بعد قولهم إنهم تعرضوا لإكراه مادي ومعنوي للإقرار بأمور غير صحيحة، إلى جانب عدم استكمالها التحقيق في القضية كما أوصت النيابة العامة، ما يعيب الحكم بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.



الأمن الوطني ينسف القضايا


القضية الأخطر من بين قضايا الإرهاب، المتهم فيها 22 من كرداسة بمحافظة الجيزة، بقتل اللواء نبيل فراج، أحد قيادات الأمن أثناء مداهمته القرية مع قوة أمنية لضبط عدد من أنصار الرئيس الأسبق، قررت محكمة النقض إلغاء أحكام الإعدام الصادرة ضد 12 متهما في واقعة القتل.


وقالت المحكمة في أسباب إلغاء الأحكام أن حكم محكمة الجنايات قد اقتصر في التدليل على ارتكاب المتهمين للجريمة، بما حصّله من أقوال ضابط الأمن الوطني، علاء الدين محمد أحمد يونس، من أن تحرياته أكدت انضمامهم لجماعة مخالفة للقانون، دون أن يورد دليلا يعزز هذه التحريات ويساندها.


وحيث أن حكم محكمة الجنايات اتخذ من التحريات دليلا وحيدا على المتهمين لثبوت تهمة قتل اللواء نبيل فراج عمدا، وعاقبتهم بناء على ذلك، الأمر الذي اعتبرته محكمة النقض فاسدا في استدلاله قاصرا في بيانه، بما يتعين معه نقض الحكم "إلغاؤه".



التحريات تبطل الأحكام


حيثيات أحكام محكمة النقض في مجمل قضايا "دوائر الإرهاب" بإعادة محاكمة المتهمين فيها، اشتركت في سبب هام بنت محكمة النقض عليه عقيدتها، وهو اعتماد أحكام محاكم الجنايات على تحريات جهاز الأمن الوطني كدليل رئيسي وفي بعض الوقائع دليلا وحيدا على ارتكاب المتهمين لجرائمهم.


حتى أن محكمة النقض أرست مبدأ قانونيا جاء نصه، "أنها لا يمكنها التعويل في تكوين عقيدتها على تحريات جهاز الأمن الوطني، ولا تصلح التحريات أن تكون وحدها دليلا بذاته أو قرينة بعينها على الوقائع المراد إثباتها ضد المتهمين".