التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 02:56 م , بتوقيت القاهرة

شبهات فنية وإدارية تحيط بمهرجان القاهرة السينمائي قد تكتب نهايته

ربما أصبح من الطبيعي أن تشهد دورات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي العديد من المشاكل والجدل، يبدأ معها ولا ينتهي حتى الدورة التالية، عام 2014، هوجمت إدارة المهرجان برئاسة الناقد الكبير سمير فريد وقتها وتم توجيه اتهامات حول فساد مالي في الدورة، والعام الماضي كان سوء التنظيم وضعف الأفلام المشاركة في المهرجان والأفلام المصرية المختارة للمشاركة في المسابقة الرسمية هما نقاط الهجوم على إدارة المهرجان والذي رأسه منذ العام الماضي إلى الأن الدكتورة ماجدة واصف، وإدارة فنيا الناقد يوسف شريف رزق الله.


هذه الدورة كالعادة واجهت سوء مبالغا فيه في التنظيم، واختيارات سيئة للأفلام المصرية المشاركة في المسابقة الرسمية، ولكن تلك الاختيارات فتحت بابا واسعا لاتهامات كثيرة لإدارة الدورة 38، اتهامات طالت الذمة المالية أحيانا، واتهامات بالمجاملة أحيانا أخرى بسبب أحد أفلام المسابقة الرسمية.


المنتج والاعلامي عمرو قورة


ربما البداية ليست من حفل الافتتاح، البداية سابقة لذلك منذ لحظة إعلان اسمي أروى جودة وصبا مبارك كأعضاء لجنة تحكيم، وإتهام وكالة c.a.t للمنتج والإعلامي عمرو قورة والذي كان عضوا باللجنة الاستشارية العليا للمهرجان بترشيح أسماء لنجوم ممن تضمهم الوكالة.


أسفر هذا الإعلان عن هجوم صحفي كبير على إدارة المهرجان دفع عمرو قورة للانسحاب والاعتذار عن الاستمرار في عمله باللجنة الاستشارية العليا، بينما ظلت أروى جودة وصبا مبارك عضوتين بلجنة التحكيم الدولية، لم تكن تلك الواقعة الأولى التي تثير الجدل حول الدورة 38 من المهرجان العريق.



أيضا أزمة فيلم "أخر أيام المدينة" للمخرج تامر السعيد والذي تم استبعاده من المسابقة الرسمية قبيل أيام من بدا الدورة، وأصبح المكان شاغرا لفيلم مصري جديد، ليأتي فجأة فيلم " البر التاني" وبعيدا عن مستوى الفيلم الذي أجمع اغلب النقاد والصحفيين على تدنيه، فإن باب التساؤلات فتح على مصراعيه مع اعلان دخوله للمسابقة الدولية للمهرجان.


بيان المهرجان بشأن استبعاد فيلم أخر أيام المدينة


وفقا للصور الفتوغرافية على صفحة المهرجان، فإن الاتفاق على عرض فيلم "البر التاني" مع بطله ومنتجه محمد على جاء يوم 26 أكتوبر وهو اليوم الذي تلا إصدار بيان استبعاد فيلم "أخر أيام المدينة" وربما تكون إدارة المهرجان قد وضعت في اعتبارها أن يحل هذا الفيلم بديلا قبل اعلان استبعاد فيلم تامر السعيد، ولكن الغريب في الأمر أن الصورة لا تظهر أحد من شركة التوزيع والتي من المفترض وفقا للأفيش الرسمي للفيلم " ماسة للإنتاج والتوزيع" بينما يظهر في الصورة أحد أعضاء شركة ماد سليوشنز!، وهي السيدة سمر ياسين زوجة نائب المدير الفني للمهرجان الناقد والصحفي أحمد شوقي.


صور توقيع اتفاق عرض فيلم البر التاني بالمهرجان


الأمر الذي يطرح تساؤلا أخر، دارت علامات استفهامه بين العديد من الصحفيين والنقاد، خاصة مع معلومة أن أغلب الأفلام المشاركة في برنامج "البانوراما الدولية" جاءت عن طريق شركة "ماد سليوشنز" إضافة للعديد من الأفلام التي تشارك في برامج المهرجان المختلفة، فما هو نفوذ شركة "ماد سليوشنز" داخل المهرجان؟ وربما تكون الإجابة من إدارة المهرجان أنها المصادفة فحسب او حسابات مادية لشراء حقوق الأفلام، ولكن هذا التفسير سيكون عسير الهضم خاصة مع عملية الاتفاق على عرض فيلم "البر التاني".


الغريب أن دارت أقاويل أيضا حول قيام الشركة المنتجة لفيلم "البر التاني" بدعم المهرجان، مثلها مثل العديد من شركات الإنتاج – والتي لم يشارك فيلم من افلامها في المهرجان، لذلك فإن صحت تلك الأقاويل، فإنها تفتح بابا للشكوك هذه المرة وليس فقط للتساؤل، خاصة بعد ما قام به منتج البر التاني يوم عرض فيلمه.


وفق تصريحات رئيسة المهرجان في مداخلتها مع البرنامج الإذاعي "بارينا بيديا" عبر إذاعة راديو هيتس ظهر يوم 20 نوفمبر، والتي اعترفت فيه ان هناك عمليات بيع جماعية لتذاكر فيلم " البر التاني" وهي لا تستطيع منعها، فلقد فوجئ الصحفيين منذ ظهر يوم عرض الفيلم، أن التذاكر المخصصة للصحفيين قد نفذت تماما، كما ان الصالة على وشك الاكتمال، وان اغلب التذاكر بيعت، ليفاجئ الجميع بعدد غفير من أصدقاء ومعارف المنتج يحضرون الحفل، عكس الوجوه المعتادة التي تحرص على حضور فعاليات المهرجان.


رئيسة مهرجان القاهرة السينمائي د. ماجدة واصف


ليس هذا فحسب، بل المنتج محمد على، قام بفتح السجادة الحمراء للمهرجان، وعمل افتتاح الفيلم عليها، كأن افتتاح الفيلم حدث منفصل عن المهرجان، إضافة "لـدخلة" بالمشاعل له ولأبطال فيلمه، في سابقه لم يشهدها مهرجان من قبل، إضافة لعدد البودي جاردات الذين أشرفوا على عمليات دخول وخروج الجمهور الصحفيين، وتحديد مسارات لسيره عبر اروقه المسرح الكبير وساحته، إضافة لاعتدائهم بالضرب والسب على الصحفيين والنقاد.


كل هذا وإدارة المهرجان صامتة تماما ولم تصدر أي تصريح أو بيان أو تجيب عن أسئلة واتصالات الصحفيين حول الواقعة وردهم عليها، في سباقة هي الأولي أيضا من إدارة المهرجان، ولربما تخشى إدارة المهرجان أن تصرح بشيء ضد المنتج الموقر، فيتطاير أحاديث ومعلومات لا يجب أن يعرفها أحد، صمت الإدارة يمكن تفسيره هكذا ببساطة، فإذا كانت حريصة على عدم ترسيخ هذا التفسير في اذهان البعض فكان عليها ان تخرج برد وتوضيح لما حدث من المنتج الموقر.


أفيش فيلم البر التاني


التصريح الأخر لرئيسة المهرجان كان تصريحا مثير للجدل للغاية حيث قالت "بالفوم المليان" أن دور لجنة المشاهدة في المهرجان دورا استشاريا فقط، يمكن لإدارة المهرجان ان تأخذ به أو لا، وهو ما يعد اعتراف صريح ان فيلم "البر التاني" لم يتم عرضه على لجنة المشاهدة قبل اختياره، وهو الأمر مخالف للعرف في المهرجانات حيث يتم تنفيذ أغلب قرارات لجان المشاهدة في اختياراتها للأفلام التي تصلح للعرض، وإلا بهذا فإن رئيسة المهرجان ومديره الفني، هم فقط المخول لهم إختيار الأفلام دون سواهم، هو أمر مناف لكل الأعراف التي عهدناها في أي مهرجان سينمائي، فما بالك في مهرجان من 14 مهرجان على مستوى العالم حاصل على تصنيف A.


كل تلك الشكوك والتساؤلات يجب على إدارة المهرجان توضيحها والإجابة عليها اليوم قبل غدا، وكلما كان رد الإدارة أسرع كلما زال الغموض والالتباس والشك وخرست الأقاويل، خاصة في ظل وجود أسماء في إدارة المهرجان، ناصعة البياض ولا غبار عليها، وهو مما يزيد من حجم التساؤل حول كل ما شهدته الدورة من مشاكل وامور أخذها العديد على كونها تجاوزات، وليصبح كل شيء واضحا وجليا للجميع، بعيدا عن أجواء الأقاويل والتسريبات والشائعات التي أصبحت تدور يوميا في جلسات رواد المهرجان في فترات الاستراحة بين العروض المختلفة.