التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 10:40 ص , بتوقيت القاهرة

سد النهضة ونظرية المؤامرة

أصبح الحديث عن مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا كابوسًا، يُسبب التوتر والغضب كلما اجتمع المسؤولون من الدولتين، بسبب الأخبار المتداولة عن التعنت ووصول المفاوضات إلى حائط سد من الجانب الإثيوبي، والمضي قدما في الانتهاء من بنائه برغم التحفظات والاعتراضات المصرية.


واليوم تستضيف العاصمة السودانية الجولة الثانية من الاجتماع السداسي لوزراء الخارجية والمياه بمصر والسودان وإثيوبيا؛ لاستكمال المشاورات والمباحثات حول النقاط الخلافية العالقة في المسار الفني والمشاكل التي تم طرحها في الجولة الأولى، وتأكيد أهمية وضرورة الالتزام ببنود اتفاق المبادئ التي وقعها رؤساء الدول الثلاث.


وصرح وزير الري والموارد المائية الدكتور حسام المغازي، بأن إثيوبيا وافقت على أن تقوم مصر باختيار المكتب الاستشاري البديل للمكتب الهولندي، الذي تم استبعاده طبقا للمعايير التي تم الاتفاق عليها في الاجتماع الوزاري الماضي، وتكمُن خطورة سد النهضة على مصر في حالة استمراره بسعته التخزينية الحالية البالغة 74 مليار متر مكعب، والتي تحرم مصر من مياهه لمدة 5 سنوات متواصلة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق ثلاثي، يضمن آليات تشغيل المشروع أو المشاركة في تمويله.


فهل سيتمسك الجانب المصري بموقفه ويُصر عليه؟ وهل ستلتزم إثيوبيا باتفاقية المبادئ الموقعة بين رؤساء مصر وإثيوبيا والسودان التي تنص على أن يتواكب البناء تدريجيًا؟ ويتم وقف البناء مؤقتا لحين الانتهاء من الدراسات الفنية.


من جانب آخر أكدت الدراسة التي أعدها السفير الإثيوبى في السودان عبادي زومي أن شركة "ساليني" الإيطالية المنفذة لسد النهضة الإثيوبي أعدت دراسات الجدوى الاقتصادية عام 2008، وطورتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 2009، وتضمنت اعترافا رسميا بتمويل البنك الدولي بمساهمته بمليار دولار في تمويل محولات توصيل الكهرباء المولدة من السد إلى كينيا التي قررت شراء 400 ميجاوات، مشيرة إلى الجانب الصيني في تغطية الجانب الميكانيكي في السد وتخطيط "أديس أبابا" لإنشاء 150 مشروعا إثيوبيًا لاستغلال مياه النيل في مشروعات اقتصادية، يتم تنفيذها خلال 25 سنة.


 وأكد السفير الإثيوبي أن مشروع السد سيلبي رغبه "أديس أبابا" في حل مشكلة تزايد الطلب على الكهرباء، خاصة في ظل التحديات التي تواجه منطقة حوض النيل بسبب الزيادة السكانية، وأن حاجتها من الطاقة تزداد سنويا بمقدار 20 %، مشيرا إلى أنه في حال الاتفاق حول المشروع يُمكن لمصر والسودان اللتين تعانيان من نقص في الكهرباء أن يحصلا عليها من إثيوبيا بسعر زهيد؛ مما يسهم في تلبية احتياجات مصر والسودان من الطاقه الرخيصة.


 وفيما يتعلق باتفاقية 1959 الموقعة بين مصر والسودان لتقسيم حصص مياه النيل، أشار السفير إلى أنه وقت توقيع الاتفاقية كان عدد سكان إثيوبيا 10 ملايين، أما الآن فعددهم 90 مليونا، وينبغي أن تعلم الدول المشاركة في مبادرة حوض النيل أن "أديس أبابا"، تبدأ مرحلة جديدة من التنمية. وأكد السفير أنه لا يُمكن لإثيوبيا أن تستشير مصر في إنشاء السد، طالما أنه لم يسبق للقاهرة استشارة "أديس أبابا"، عندما وقعت اتفاقية "كامب ديفيد".


إذًا ومما سبق لا بد أن نتعامل مع مفاوضات ومباحثات سد النهضة بفكر ووعي يتناسب مع الطرح والتعامل الإثيوبي الذي سوف ينفذ رؤيته لبناء السد طبقا لمصالحه فقط دون أي اعتبارات أخرى؛ ولذلك تكمن خطورة سير المفاوضات التي تؤكد أنها امتحان صعب تخوضه مصر على مستوى الرئيس وكل مؤسسات الدولة بعيدا عن التأمل كثيرا في نظريات المؤامرة التي تُحاك ضدنا، فهل ستجتاز مصر هذا الامتحان المؤلم أم ستنفذ إثيوبيا ما تريد ولو على حساب مصر وشعبها، وهل تملك مصر أدوات ضغط تلجأ لها عندما تُسد كل الطرق. الإجابة سوف ننتظرها الأيام المقبلة.