التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 11:09 م , بتوقيت القاهرة

"المسحراتي" و"منارة قلاوون" و"زفة العجول" طقوس المماليك في ليالي رمضان

عبر آلة الزمن، نسافر إلى الماضي، نتنقل معا، لنعيش في ليالي وأيام "رمضان من كل العصور"، من رمضان في العصر العباسي، إلى رمضان في العصر الفاطمي، وحتى رمضان في العصر الأيوبي، والعصر المملوكي، نروي حكايات وقصص رمضانية، من شوارع قاهرة المعز، من قلعة الأيوبي إلى أبواب المماليك، في رحلة بعيدة من الماضي إلى الحاضر.


يأخذنا الدكتور عاصم الدسوقي استاذ التاريخ بجامعة القاهرة، في رحلة تاريخية معه إلى عصر الدولة المملوكية، لنعيش ليالي رمضان معهم، فيقول أن المماليك عرفوا   بورعهم وزهدهم، وحبهم للفقراء، كونهم في بداياتهم قريبين منهم، مؤكدا على أن  العصر المملوكي في مصر يعد من أزهى العصور التي عاشتها مصر، حيث عرف عنهم ولعهم للفنون والعمارة وحب العلم والعلماء والميل إلى التقوى والورع وحب الخير وبناء المساجد والمآذن ودور العلم والزوايا والأضرحة، وأماكن إطعام الفقراء   وكانوا يسمونها بالخانقاة.


وكان سلاطين المماليك يحتفلون بليالي شهر رمضان بشيء اشبه بالفاطميين، فكانوا إذا هل هلال رمضان يخرج قاضي القضاة يتحرى رؤية الهلال، ومعه القضاة الأربعة كشهود، ويشترك معهم المحتسب وكبار تجار القاهرة ورؤساء الطوائف والصناعات والحرف.


 وكانوا يشاهدون الهلال من أعلى منارة مدرسة المنصور قلاوون، الواقعه في المدرسة المنصورية عند قلعة الجبل، وكانوا إذا تحققوا من رؤية الهلال هللوا وكبروا، وينزل القاضي لإبلاغ السلطان بالهلال، فيأمر السلطان بإضاءة الأنوار في الشوارع والحوانيت، وفي المساجد، وفي المآذن، وتضرب المواقد على الآنية والقدور وروائح الأكل تضرب الشوارع، وتفتح الخانقاه أبوابها لإطعام الفقراء والمساكين وعابري السبيل.


وتابع استاذ التاريخ بجامعة القاهرة، ومع بداية شهر رمضان يجلس السلطان في ميدان القلعة ويتقدم إليه الخليفة والقضاة الأربعة بالتهنئة، ثم يستعرض ماهو موجود في المخازن من دقيق وسكر، وغنم وماشية مخصصة لصدقات رمضان، فيأمر بها السلطان أن يسير بها في الشوارع احتفالا بقدوم شهر رمضان و تتقدمها المعازف، وكان يتم ذبحها في اليوم التالي وتوزع للفقراء والمساكين.


ويذكر أن السلطان برقوق المملوكي كان قد اعتاد طوال أيام ملكه أن يذبح في كل يوم من أيام رمضان خمسة وعشرين بقرة يتصدق بها، فكان يخرج منها اللحم ومعه الخبز والسكر والزيت، كما كانوا يطوفون على المساجد ويوزعون الأطعمة على الموجودين بالمساجد، وكان نصيب الفرد رطل لحم مطبوخ وثلاثة أرغفة، وسار على هذا النحو حتى وفاته، ثم تبعه من أتى بعده من سلاطين المماليك، ومنهم من زادها فأكثروا من ذبح الأبقار وتوزيع لحومها، حتى وصلت في عهد السلطان بيبرس خمسة آلاف في كل يوم من أيام شهر رمضان.


وحول فكرة المسحراتي قال استاذ التاريح بكلية الاداب بجامعة القاهرة، أن فكرة المسحراتي ظهرت لأول مرة عندما لاحظ والي مصر عتبة بن إسحاق أن الناس لا ينتبهون إلى وقت السحور، ولا يوجد من يقوم بهذه المهمة، فتطوع هو بنفسه لهذه المهمة فكان يطوف شوارع القاهرة ليلا لإيقاظ أهلها وقت السحور.


 وكان يطوف على قدميه سيرا من مدينة العسكر إلى مسجد عمرو بن العاص في الفسطاط مناديا في الناس يعباد الله تسحروا فإن في السحور بركة"، وفي عصر الدولة الفاطمية أصدر الحاكم بأمر الله أمرا لجنوده بأن يمروا على البيوت ويدقوا الأبواب بهدف إيقاظ النائمين للسحور.