التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 03:30 ص , بتوقيت القاهرة

الشيكولاتة والكراميل تحكيان قصة كفاح "ميلتون هيرشي"

كتبت- آية وهيب:

أبحاث وتجارب عديدة لكنها تخلو هذه المرة من المحاليل الطبية والعقاقير، فهي مليئة بالكراميل والشيكولاتة، هكذا كانت حياة "ميلتون هيرشي"، وهكذا سنروي لكم قصة اختراع يذوب في الفم.. 88 عاما قضاها "ميلتون هيرشي" وسط الكراميل والحلوى استطاع فيها أن يقدم "حلوى الكراميل" للمرة الأولى للعالم، وغيّر بذلك مجرى صناعة الحلوى، وتكون شركة من أقوى الشركات في العالم حتى يومنا هذا.



وكان لهذا النجاح سرا
انتقل "هيرشي" في بداية حياته بين العديد من الوظائف، فعمل كصحفي إلا أنه لم يكن يستمتع بها، فتركها حتى عمل كمساعد في متجر لصناعة الآيس كريم في "لانكسر"، وتعلم هناك أسرار صناعة الحلوى، أحب "ميلتون" الحلوى كثيرا، وهذا الحب دفعه ليقترض بعضا من المال لإقامة متجر حلوى خاص به، وبدأ في الدعاية له وتعليق الملصقات، وساعده في هذه الدعاية والدته وخالته إلا أن هذا المتجر لم يدر أموالا كثيرة، ما دفعة لغلقه بعد 6 سنوات.



لم ييأس "هيرشي" وأصر على السعي والمحاولة مرة أخرى، فبدأ رحلته للبحث على وظيفة أفضل فسافر عبر الولايات المتحدة، فزار نيويورك ثم شيكاغو ونيو آور ليانز إلا أن سوء الحظ، كان حليفه فعاد مرة أخرى لبلدته "بنسلفايا".

ووسط كل هذا الفشل تذكر "ميلتون" سره الخطير عن الحلوى، وهو أن "الحليب الطازج هو الأنسب لصناعة أفضل حلوى على الإطلاق"، فكانت هذه المعلومة سلاحه السري في إنشاء واحدة من أنجح شركات صناعة الحلوى، إلا أنه لدى عودته في ذلك الوقت كان يشعر بصعوبة المهمة، فهو لم يكن يملك المال الكافي لافتتاح شركته الخاصة، كما أن الفشل الذي مر به مرتين أفقده دعم الكثير من المحيطين به.

وبالرغم من الفشل لم يفقد "ميلتون" حماسه، وبالفعل استطاع إقناع أحد المستثمرين لدعمه ماديا، كما دعمه في ذلك عائلته وبالفعل نجح هيرشي هذه المرة وتوصل إلى وصفته الأولى في الحلوى وأطلق عليها "كريستال هيرشي 1" وهي عبارة عن حلوى كراميل مصنوعة باستخدام سلاح "هيرشي" السري وهو الحليب الطازج.



جلبت "كريستال هيرشي 1" على صاحبها الحظ الجيد، فقد حصل بعدها على طلبية من مستورد بريطاني وحصل من خلالها على مبلغ من المال مكنه من تأسيس شركة "لانكسر كراميل"، التي تحولت في غضون 4 سنوات إلى واحدة من أكبر شركات الحلوى في الولايات المتحدة.

الشيكولاتة غيرت مساره
وفي عام 1893 زار "هيرشي" ولاية شيكاغو الخطوة التي بدلت حياته بشكل كامل، فهناك حضر معرضا لمعدات صناعة الحلوى، ولفت انتباهه القسم الألماني الذي كان يعرض أجهزة ومعدات صناعة الشيكولاتة، فقام بشراء خط إنتاج كامل وشحنه إلى "لانكستر".

وقتها قال "هيرشي": "أدركت أن حلوى الكراميل بمثابة صناعة مرحلية، لكن الشيكولاتة من المواد الاستهلاكية الأساسية بالنسبة للبعض"، ما جعله يقرر أن يبيع شركته مقابل مليون دولار، ولكنه احتفظ بجزء من المصنع وبحقوق صناعة حلوى الشيكولاتة ليبدأ الإنتاج بالفعل.

وبعد أن نجح في إتقان صناعة الشيكولاتة العادية، وظف "هيرشي" المليون دولار حصيلة بيع شركته، لشراء مزرعة عائلته في بنسلفانيا حيث أقام مصنعه الجديد، وقام بإطلاق شركته الجديدة "هيرشي للشيكولاتة"، وذلك في عام 1905.

مدينة الشيكولاتة
مع نجاح شركته قرر "هيرشي" إنشاء "مدينة الشركة الخاصة" ليقيم فيها العاملون في مصنعه وشملت المدينة كل شيء: المساكن، والمدارس، والمحال التجارية، والمتنزهات، إضافة إلى فندق ومستشفى وبنك، وساعة للألعاب الرياضية، وخدمات هاتف، وكهرباء، ومياه جارية، ووضع لهذه المدينة قوانين تكفل الأمن والأمان والرعاية الصحية.



وكرس "هيرشي" وقته وجهده للتأكد من أن العاملين في شركته يلقون العناية الكافية، بل وأقام لهم نظام حافلات ترولي لنقلهم إلى المناطق المجاورة، النظام الذي واصل عمله حتى عام 1946، ولم تزل مدينة "هيرشي" مزدهرة حتى يومنا هذا كمدينة صناعية وكوجهة سياحية بارزة في بنسلفانيا.

لم يكن دور "هيرشي" بارزا في مجال صناعة الحلوى فقط، فبعدما نمت ثروته بشكل ضخم قرر توجيه جزء من ثروته للأعمال الخيرية، فأقام ملجأ للأيتام ونشأ "صندوق هيرشي" لتمويل المدارس الصناعية، وتوفي "هيرشي" عام 1945 عن عمر يناهز 88 عاما، تاركا ورائه رصيدا من الطعم الرائع.