التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 08:30 م , بتوقيت القاهرة

عن أزمة الأزهر والخطيب.. ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة

أحمد قنديـــــــل
أحمد قنديـــــــل
"اذهبوا فأنتم الطلقاء".. عبارة نطقها رسول الله – صلي الله عليه وسلم، يوم فتح مكة، في وجه من طردوه وأذوه واتهموه بالباطل، حينما ملك أمرهم، ما يجعلها الوثيقة الأعظم للتسامح، حيث لم يرى النبي الثأر أو الانتقام برد الإساءة، وإنما كان جزاؤٍهم الإحسان منه.
 
هناك أيضًا ثقافة أخرى أشار إليها رسول الله – صلي الله عليه وسلم إلينا، ألا وهي ثقافة الاعتذار، فبينما كان النبي منشغلًا بدعوة أكابر قريش، جاء مسلم كفيف إليه طالبًا منه أن يزيده علمًا مما علمه الله لرسوله، فعبس النبي في وجهه، فأنزل الله عز وجل قوله تعالى: " عَبَسَ وَتَوَلّى أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى.."، وهنا اعترف رسول الله بعبوسه وصار كلما رأى هذا الرجل قال: مرحبا بمن عاتبني ربي فيه.
 
الواقعتان السابقتان، لا يمثا للأزمة القائمة بين مؤسسة الأزهر الشريف والكاتب الصحفي أحمد الخطيب بأي شبه، ولكن ربما يكونا إشارة وشاهدًا لكلا الطرفين الموقرين، فالله عز وجل أوصانا في كتابه العزيز بأن نتخذ من أفعال رسول الله – صلي الله عليه وسلم، قدوة حسنة في صفاتنا، وما أقيم أن نقتدي بصفات التسامح والخلق الكريم.
 
بعد احتدام الأمر بين الطرفين عقب إصدار القضاء قرراه النهائي بحبس "الخطيب" إثر اتهامه بالتعرض لقيادات الأزهر في سلسلة مقالات نشرت بإحدى الصحف، لا يبقى لأي طرف وسيط سوى المناشدة والرسائل لعلها تكون مبادرة ذات قيمة وفعالة لحل الأمر.
 
فضيلة الأمام شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، السادة الموقرون قيادات المؤسسة.. رسالتي الأولى إليكم، أقول لكم: إن الجماعة الصحفية تعرفكم جيدًا وتقدركم كثيرًا لما تقدموه من مجهودات في خدمة الإسلام والأمة، ولعل ما أثير من الزميل أحمد الخطيب في مقالاته بشأن المؤسسة الشريفة، انتصر فيه حكم القضاء لصالحكم، وهو ماعرف الجميع عنه، ومن واقع ظني أنا وغيري من الزملاء، أنه لا حاجة الآن لأن يحبس الزميل حسابًا على رأي كتب بناءً على معلومات مغلوطة أو لغرض أخر، فكم من تقدير وتبجيل يزيد منا إلى سيادتكم إن تقبلتم دعوات التصالح التي بادرت بها الأوساط الصحفية والسياسية، فكثيرًا ما علمتمونا أن التسامح والعفو عند المقدرة من أعظم وصايا الإسلام، فنحن جميعًا أبناء وطن واحد، فلعل تكون رسالة الصفح أكثر تعليمًا وإلهامًا من قوة الثأر.
 
أما عن رسالتي الثانية، فهي للصحفي أحمد الخطيب.. زميلي العزيز، غالبًا ما وقع العديد من الكتاب في الأزمات بسبب كتاباتهم، سواء لما حملته منشوراتهم من معلومات خاطئة أو كان وراء ذلك سوء تفسير من الأخرين، وكذلك عرفنا أيضًا أن الاعتذار من أبرز شيم كبارنا، فلا عيب أبدًا أن تصدر بيانًا تتأسف فيه للمؤسسة العريقة الشريفة، وكم أرغب أن يكون ماحدث مسلكًا جديدًا تزيد فيه طرقات التعاون بين الأزهر الشريف ومجتمع الصحفيين من أجل رفعة لواء الإسلام وخدمة الوطن.
 
وفي نهاية كلماتي، كم أحب أن اختتم بقول الله تعالى في سورة الأحزاب: " لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا".