التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 12:23 ص , بتوقيت القاهرة

تحدي الدعم

بعد مضاعفة أسعار البترول العالمية وتخطيها حاجز الـثلاثة وثمانون دولار للبرميل، أصبحت الحكومة المصرية مهددة بمضاعفة تكلفة دعم المواد البترولية، لما يقرب من الضعف، لتعويض فرق الأسعار. ولاشك أن قرار خفض الدعم على المواد البترولية لم يأتي فجأة ولم يسقط على الحكومة سواء الحالية أو السابقة من دون سابق معرفة، فمنذ موازنة 2014/2015، أعلنت الحكومة أن هناك برنامج للإصلاح الاقتصادي وأن داخل هذا البرنامج، برنامج أخر موازي هو برنامج اصلاح مالي وأن الإصلاح المالي هو أول خطوات الإصلاح الاقتصادي.
وتضمنت الموازنات التي أقرت منذ 2014 / 2015 وحتى موازنة 2018 / 2019، جميع مراحل وخطوات الاصلاح المالي، وهو الأمر الذى ينفى أن يكون رفع الدفع عشوائي أو غير مدروس أو أنه غير ضروري.
إذا الأمر مدروس ومحسوم مسبقا وقرر موعد رفع جزء جديد من دعم الوقود منذ أكثر من عامين، يضاف 
إلى ذلك أن هناك عامل أخر حديث هو زيادة أسعار البترول الخام عالميا، وفى المقابل لو استمرت أسعار البترول في الثابت عند هذا السعر دون تعديل يعنى ذلك مضاعفة دعم المواد البترولية، وهو يعنى ضرب استقرار الموازنة المالية الجديدة للدولة.
الدولة لم تنسحب تماما من دعم المواد البترولية، ولكنها أيضا لا تزال تدعم المحروقات بحوالي 89.1 مليار جنيه، وهو ما يعنى أن الحكومة خفضت من الدعم فقط النسبة التي تحقق توازن الموازنة الجديدة للدولة.
وبشكل عام لم تنسحب الدولة من خطة الدعم تماما كما يروج بعض المغرضين، بالرجوع إلى الموازنة العامة للعام المالي الجديد نجد أن الحكومة تتحمل 334 مليار جنيه لبرامج الدعم منها 100 مليارا للخبز والسلع التموينية، وهذا الدعم إضافي على الدعم المخصص للمحروقات.
جميع الجهات الحكومية كنت تدرس تأثير قرارات زيادة أسعار الوقود على قطاعاتها المختلفة، وكان التحضير لهذه الزيادات ينتظر فقط اعلان الحكومة توقيت التطبيق.
أحد أهم المؤشرات على تلك الجاهزية هي غرفة عمليات مجلس الوزراء التي كانت تتابع تطبيق التعريفة الجديدة لأجرة المواصلات الداخلية وبين المحافظات، وكذلك تطبيق تعريفة غاز البوتاجاز، ولازالت حملات التفتيش مستمرة على المستودعات والمواقف الرسمية والعشوائية، وبالفعل تم ضبط عدد من المخالفين لما تمثله مثل هذه الظواهر من تهديد للأمن والاستقرار المجتمعي.
بعض الوزارات قدرت زيادة في أسعار السلع في حدود 20 لـ 30% موزعة بين زيادة في تكاليف الإنتاج وأخرى زيادة في تكلفة النقل.
وأول تحدى حقيقي يواجه الحكومة الجديدة هو مدى قدرتها على ضبط الأسعار والسيطرة على الأسواق وحماية المواطنين من مواجهة جشع التجار منفردين، وهو تحدى شديد الصعوبة للحكومة الحالية خاصة أن الحكومة السابقة استطاعت أن تحقق إنجازا في هذا الملف بحفاظها على ثبات أسعار كثير من السلع والمنتجات الزراعية لفترة زادت عن 8 شهور متواصلة.
المواطن العادي ينتظر من الحكومة إنصافه من خلال الحد من أثار وتكلفة هذه الزيادات على أحواله المعيشية، والتي تضررت وبشدة خلال العامين الماضيين بشكل خاص، والتي تحمل فيها ما لا يمكن لمواطني دول أخرى أن تتحمله، لا لشئ إلا لحماية وطنه من السقوط وإيمانا منه بأن القيادة السياسية الوطنية تعمل جاهده على بناء الدولة المصرية من جديد.