التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 11:54 م , بتوقيت القاهرة

سوريا .. أرض الأحزان

 
يحتدم الصرع العالمى بكافة أبعاده وتحدياته على أرض سوريا حتى تحولت التهديدات لأمر واقع، والتحالفات أصبحت واضحة، وكل تحالف يسعى لتحقيق مصالحه وأهدافه، بغض النظر عن الأزمة الإنسانية التى يعيشها ملايين السوريين سواء في داخل سوريا أو من أبنائها المهجرين فى دول المنطقة وأوروبا.
 
ومن خلال قراءة المشهد فإننا بصدد إعادة رسم لخريطة المنطقة وتقسيم لدولها مرة أخرى، التكتلات والفرق عديدة ومتشابكة إلا أن أبرز فريقين على الساحة يمكن حصرهم على النحو التالي فهناك جانب تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ويضم إلى جانبها كل من انجلترا وفرنسا والمانيا ودول أخرى أقل أهمية سواء من الناحية السياسية أو العسكرية، والجانب الأخر هو روسيا والصين وإيران، الفريق الأول يستخدم المليشيات الإرهابية الإسلامية للسيطرة على الأرض، والفريق الآخر يدعم قوات النظام السوري، وبين كلا الفريقين تمزقت الجمهورية العربية السورية، على يد أبنائها وبدعم وتمويل وتسليح من دول تسعى للسيطرة على ما تبقى من حقول غاز ونفط على الحدود السورية من جهة، والسيطرة على مناطق وسط سوريا المرشحة أن يمر بها خطوط نقل النفط والغاز الطبيعي إلى أوروبا.
 
قصف الفريق الأول سوريا الأسبوع الماضي بعد سلسلة من المهاترات بين قادة دول على مواقع التواصل الإجتماعي وكأننا في إحدى ألعاب الأطفال الإلكترونية وتداول كثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أخبارا عن عمليات حشد بين الطرفين وتهديدات باستخدام أسلحة متطورة وصواريخ بعيدة ومتوسطة المدى، والحديث مستمر حتى الآن عن مرحلة أخرى من مراحل التهديدات من جانب الفريق الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية باستهداف دمشق مرة أخرى إلى جانب التهديدات الروسية تهدد باستهداف مصاف تكرير وحقول إنتاج نفط وغاز طبيعى فى مناطق الخليج بما قد يشكل أزمة عالمية فى الطاقة من خلال هذه العمليات، لينتهي الوضع فى النهاية بسوريا الجريحة وأبنائها يستغيثون، يستغيثون من الإرهاب الذى استشرى فى أرضهم ومزقها ويستغيثون من الصراع الدولى على أراضيها، ويبقى الجيش الوطني السوري وأهل دمشق هم أخر ما تبقى من صمود الجمهورية العربية السورية، والذين يسعون لرفع شعار الدولة وعلمها والحفاظ على ما تبقى منها.
 
إستندت الولايات المتحدة المريكية وحلفائها إلى الهجوم الجوى الذى قام به الجيش السورى الوطنى فى مدينة دوما، ووصفته أنه جريمة حرب لأنه كان استهدافا لمنطق مأهولة بالسكان باستخدام اسلحة كيماوية محرمة دوليا، وفى المقابل يقول الجيش السورى أن الدومة هى أحد أخطر الجيوب الإرهابية لعدد لا يقل عن أربعة آلاف مسلح يستغلون المدينة والمدنيين بها كغطاء يختبئون خلفه من أى استهداف جوى له.
 
وما بين تكرار سيناريو إسقاط العراق بذات الأسباب والكيفية، فالواقع يؤكد أن الأزمة الحقيقة يمكن حصرها في أن الدولة الغربية بدأت تتعامل مع الجماعات الإرهابية على أرض سوريا باعتبارها أحد أزرعها لإدارة حرب قذرة بالوكالة عن هذه القوى العالمية التى ترى أنه على الأرض هناك من يضمن لها مصالحها ويسعى لتحقيق مخططاتها وتنفيذ رؤيتها المعدة سلفا للتقسم بناء على تصوراتها وخططها، فلماذا لا تدعهم حتى وإن كان إرهابا دوليا يحمل سلاحه فى وجه أبرياء، ويسعى لنزع السيطرة بالقوة على أرض دولة جمهورية دستورية معترف بها دوليا.
 
هؤلاء لا يرون غضاضة فى حشد ما يعرفوا بالمقاتلين الأجانب الذين يقاتلون بأسم الدين على أرض ليست أرضهم، لا يتعبر هذا الفريق أن ما كان ولا يزال يقوم به هؤلاء الإرهابيين فى كل مدينة يدخلونها يعد جريمة حرب مكتملة الأركان، تنظيم داعش الذى كان يبيع النساء ويغتصب الأطفال ويجبر الأسر على التهجير بعد أن حقق الجيش السوري التفوق عليه حاولت الولايات المتحدة الأمريكية ومناصريها أعدته للحياة من جديد.
 
إن إسستهداف المنطقة العربية هو الهدف والغاية حتى تنعم إسرائيل بالهدوء والإستقرار الذي تخطط له والذي كان أحد أهم مرتكزته تفريق أبناء الشعب الواحد ونشر الإقتتال الداخلي وبث الفتن بما يتم معه من تهيئة للأجواء لإسقاط الدول. إذن فهى ليست دعوات مخلصة لنشر الديمقراطية ولنا فيما قامت به تلك الدول من تحويل العراق لواحة للديمقراطية درسا.
 
ويبقى التساؤل دائما لماذا لم تقدم أى من هذه الدول الداعية للديمقراطية وحقوق الإنسان أي مشروع يدعم وضع آليات واضحة لتنفيذ العقوبات التى أقرت على الدول التى يثبت أنها تدعم الإرهاب وتتعاون مع الإرهابيين وتسهل لهم الحصول على السلاح وتوفر لهم الدعم اللوجيستي.