التوقيت السبت، 18 مايو 2024
التوقيت 04:46 م , بتوقيت القاهرة

أشجار الأمازون مصدر للحب في البرازيل

زابوري- أ ف ب: 

في قلب غابات الأمازون، يجز "رايموندو بيريرا" قشرة شجرة مطاط، لكي يجمع نسغها الأبيض لحساب مصنع قريب في زابوري، هو الوحيد في العالم الذي يصنع الواقيات الذكرية من صمغ هذه الأشجار "الطبيعي"، وغير المستنبت.

حركاته السريعة والدقيقة، تعكس خبرة هذا الرجل الذي كان يرافق والده "جامع المطاط"، الذي ورث هو أيضا النشاط عن والده، منذ سن التاسعة إلى الغابات.

ويوضح: لا أزال في سن الحادية والخمسين، مستمرا في ذلك لأنني أحب هذا العمل ولأن الهواء نقي هنا. وسأستمر في القيام بذلك طالما أن جسمي يسعفني". ورغم أنه أمي بالكامل، لكنه يعتبر نفسه "عالما بمنتجات الغابة والأعشاب الطبية".

ويتابع رب العائلة، صاحب ثلاثة أبناء يرتادون المدرسة: اليوم لم أعد افكر بتعلم القراءة والكتابة.. أنا فخور لأن المصنع ألقى الضوء على هذه المهنة وأمّن لي أجرا أفضل".

ودشن مصنع "ناتكس" في نيسان/ابريل 2008 في زابوري في ولاية اكري الامازونية في شمال البرازيل المهد التاريخي لنضال تشيكو منديس المدافع الكبير عن الامازون الذي اشتهر عالميا بعد اغتياله العام 1988 من قبل مالكي اراضي كانوا يقضون على الغابات بالات القطع.

واتى المصنع ثمرة سياستين مهمتين لحكومة الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا (2003-2010) على ما توضح لوكالة فرانس برس ديرلي بيرش مديرة المصنع الذي تموله الحكومة ب30 مليون ريـال برازيلي (حوالى عشرة ملايين يورو) والذي لا يبغى الربح.

وتضيف "ان الهدف في الاساس كان انعاش الاقتصاد المتعثر في وقت تراجعت فيه اسعار المطاط الى ادنى مستوى لها ومن جهة ثانية تعزيز برنامج مكافحة الايدز مع توزيع مجاني للواقيات"

وفي هذا الاطار حصل المصنع على لقب "مصنع الحب" الذي اطلقه عليه السكرتير الوطني للصحة غيرسون بينا خلال تدشينه في حين ان الحديث عن الواقيات كان لا يزال يعتبر من المحرمات يومها.

وتؤكد بيرش "في البداية كان الناس يسخرون منا. اما اليوم فيشعر العاملون ال170 في مصنع ناتكس بفخر لدور المصنع على صعيد الوقاية".

وينتج مصنع "ناتكس" اليوم مئة مليون واق موجهة كلها الى وزارة الصحة البرازيلية وهو ينوي مضاعفة قدرته الانتاجية.

وهذا العدد يشكل 20 % من اصل 500 مليون واق ذكري توزع مجانا من قبل الحكومة سنويا في البلد الذي يضم 730 الف ايجابي مصل على ما تظهر ارقام الامم المتحدة الاخيرة.

وتعتبر البرازيل ريادية في مجال مكافحة الايدز مع علاجات مجانية بالكامل للمرضى وايجابيي المصل.

وشددت المديرة على ان "ناتكس هو المصنع الوحيد في العالم الذي يستخدم المطاط +الطبيعي+. فان تمغط هذا النوع ومقاومته اقوى بكثير من المطاط المستنبت المستورد خصوصا من ماليزيا".

ويتم الاستعانة بنحو 700 عائلة من جامعي المطاط في المنطقة وقد زودت 489 منها المصنع هذه السنة ب250 طنا من المطاط الطبيعي.

واوضحت بيرش ان "جامع المطاط يحصل على 8 ريالات عن كيلو المطاط (2,5 يورو) اي اكثر ب270 % عن سعر السوق. وهذا يشمل قيمة المنتج والخدمات البيئة التي يقدمها لدوره كضامن للغابة" مشيرة الى ان المصنع هو "رمز" للتنمية المستدامة في الامازون.

وقال رايموندو بيريرا "لو كان تشيكو منديس لا يزال على قيد الحياة لكان سر برؤية ان النضال الذي بادر اليه لا يزال يؤتي ثمارا. فحلمه كان ان يرى الغابات حية" مشضيرا الى انه كان يعرفه جيدا.

وعرفت الغابة الامازونية حمى استخراج المطاط في نهاية القرن التاسع عشر. ومدينة ماناوس ودار الاوبرا الرائعة فيها في قلب الادغال تشكل رمزا لازدهار تلك الفترة.

لكن اعتبارا من العام 1912 بدأ احتكارها للانتاج يتراجع اذ ان اشجار المطاط التي زرعها الانكليز في ماليزيا وسيلان بواسطة بذور مسروقة من الامازون، اعطت انتاجية اكبر.