التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 01:29 م , بتوقيت القاهرة

صلاح السعدني.. مشوار لحد "الكنبة"

يختار الملوك العروش الذهبية ليرتاحوا عليها، بينما البسطاء يبحثون عن "كنبة" يلقى عليها الجسد المثقل بمشاهدات الحياة، فَضّل صلاح السعدني تلك الجلسة العفوية وأصبح "كنباوي" مخضرم، محافظًا على طقوس "حزب الكنبة" التي مارسها أخوه الأكبر الساخر الراحل محمود السعدني، تلك القطعة الخشبية أكسبت صلاح فلسلفة خاصة، أسماها "التمثيل الآمن المطمئن"، أن تمثل وأنت على الكنبة، لهذا ندَرَت مشاهد الحركة لـ صلاح السعدني، الذي طلب منه المخرج إسماعيل عبد الحافظ، أن يقوم بفتح الباب في أحد المشاهد، قال له صلاح: "أنا مبحبش الأكشن هات السقا يعملك أكشن.. مش فيه شغالة تفتح!".

 

 

"لو الشيء الصح ييجي في التوقيت الصح كانت بقت أحلى كتير وأريّح كتير"

حسن النعماني – أرابيسك 1994

 

يصطحب الصحفي محمود السعدني، أخيه الأصغر صلاح (23 أكتوبر 1943)، إلى قهوة "محمد عبد الله" في ميدان الجيزة، التي كانت بمثابة صالون ثقافي يجمع الأدباتية والشعراء، مثل عبد الرحمن الخميسي، ونعمان عاشور، وزكريا الحجاوي، ويوسف إدريس، تجربة تأسيس إنسانية قَلَّمَا مر بها أحد، أن تشاهد الأبداع وهو يخرج طازجًا من أفواه صانعيه، لم تمسسه الرقابة والممنوعات، لهذا لم يكن مستغربًا أن يفصح السعدني الصغير عن موهبته، رغب بشدة في أن يصبح ممثلًا، انتقل من مدرسة السعيدية إلى كلية الزراعة، الأدق "مسرح كلية الزراعة"، هناك كانت البداية التي بدأ منها صلاح السعدني، مع رفقاء العمر عادل إمام رئيس فريق التمثيل في زراعة، وسعيد صالح من مسرح كلية الآداب.
صلاح السعدني وسعيد صالح

 

شهد النصف الأول من الستينات ظهور صلاح السعدني في التلفزيون، في مسلسلي "الرحيل" و"الضحية"، من خماسية "الساقية" للكاتب عبد المنعم الصاوي ومن إخراج نور الدمرداش. بعد ذلك شارك الفنان فريد شوقي وهند رستم، فيلم شياطين الليل، نشاطه بين الدراما التلفزيونية والسينما والمسرح كان مبشرًا، لكن ذلك المشوار الفني كان مهددًا بالانتهاء مبكرًا، بعدما خرج أخيه محمود السعدني من مصر عام 1971، بعد خلافه مع الرئيس أنور السادات، وعاد بعد عشر سنوات في بداية عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1982.

 

في تلك الفترة، أمر السادات التلفزيون المصري بمنع التعامل مع صلاح السعدني، الذي توجه للمشاركة في مسلسلات من انتاج عجمان ودبي، تلك السنوات العشر كانت سببًا في تأخر صلاح عن أبناء جيله، وتم إرساله للعمل في هيئة الاستعلامات، بصحبة أصدقاء قهوة الجيزة يوسف أدريس، وأحمد بهاء الدين.

 

? ? ?

 

 انتهت مرحلة الإحباط، وعاد السعدني لبيته الدرامي الأول، التلفزيون المصري، انتقل بين شخصيات درامية ثرية، مثل شخصية "ياسين" في بين القصرين، وقصر الشوق تلفزيونيًا، والتي سبق أن قدمها الفنان عبد المنعم إبراهيم في السينما بتوقيع حسن الإمام، لكن صلاح استطاع أن يعطي للشخصية أبعاد أخرى، ساعده في ذلك المعالجة الدرامية، إلى أن جاء مسلسل ليالي الحلمية، وظهرت شخصية العمدة سليمان غانم، الجزء الأول عام 1987، حتى الخامس عام 1995، تلك الشخصية التي اشتهرت بجملة "خيبة الله عليك"، رسم السعدني ملامحها بحرفية خلدتها في ذاكرة المشاهد العربي، الذي لم يتقبل أن تكتب ليالي الحلمية بدون سليمان غانم، وسليم البدري.
سليمان غانم

 

في منتصف التسعينات، كتب أسامة أنور عكاشة مسلسل أرابيسك، كان في ذهنه وهو يكتب الفنان عادل إمام، لكن بعض التفاصيل أوقفت ذلك المشروع، وذهب الدور إلى صلاح السعدني، الذي بحث عن حسن النعماني حقيقي، ووجد في خان الخليلي صنايعي اسمه "علي حمامه" أخذ المهنة عن أجداده، تشرب السعدني منه أسرار الصَنعة، عرف أنواع الأرابيسك ومفردات ذلك الفن.
حسن أرابيسك

 

من فوق كنبة صلاح السعدني، يشاهد العالم ممسكًا بالريموت كنترول، ونحن من فوق كنباتنا، نتابع حسن أربيسك، ورجل في زمن العولمة، وحلم الجنوبي، وليالي الحلمية، وعدى النهار، والملك هو الملك، والناس في كفر عسكر، وشارع المواردي، والمحاكمة.