التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 12:12 ص , بتوقيت القاهرة

"الكاريوكا" رقصة تشبه "تحية"

"الكاريوكا" لفظ يعني "بيت الرجال الأبيض"، ورقصة تعتمد على الإيقاع، وإذا كان للمرء نصيب من اسمه.. فالرقصة المستوحاة من التراث البرازيلي لها نصيب كبير من شخصية "بدوية محمد علي النيداني"، تلك الرقصة الإيقاعية الجماعية التي اعتمدت على تشابك الأيدي، إلى أن جاء الخواجة "إيزاك"، مغيرا من ملامحها لتلائم جسد الفتاة "بدوية" التي أصبحت "تحية كاريوكا".

"الكاريوكا" الرقصة التي تعتمد على إيقاع محسوب، وحركة جسد محكومة، كانت بوابة تحية لعالم الفن، ميزتها عن زميلاتها بكباريه "بديعة مصابني"، وأصبح الجمهور يذهب خصيصا لمشاهدة رقصة تشبه في قوة حركاتها ووضوحها شخصية صاحبتها "تحية". 



الناقد طارق الشناوي، يرى أن شخصية "تحية" الواضحة القوية، تضفي بريقا على كل شيء لا على رقصة "الكاريوكا" فقط، بل أثرت في الفن والحياة والسياسة، والدليل دخولها تاريخ الفن بدور "شفاعات" في "شباب امرأة".


قيمة "شفاعات" أنه قبل وبعد "تحية" التي قدمت ما يقرب من 200 عمل فني، كثيرات قدمن دور بنت البلد والمرأة القوية والمتسلطة، لكن "الترمومتر" كان وسيظل "شفاعات"، وفنانات كثيرات عندما يقدمن شخصية بنت البلد الحلوة القوية يشاهدن "شباب امرأة" مرة أخرى، ليعرفن كيف قدمتها كاريوكا.



وسط تصفيق حاد، أنهت تحية، التي ولُدت في فبراير 1919، رقصتها في كازينو "الأوبرج"، تسير في الصالة فترى الملك فاروق بين الحاضرين، تسخر من تواجده قائلة: "مكانك مش هنا يا ملك"، ليرحل عن المكان في صمت.


لم يكن الموقف السابق هو الوحيد الذي جمعها بحكام مصر، فلتحية موقف آخر مع فاروق، كشفت عنه الفنانة الراحلة سميحة توفيق، إذ وصفتها بـ "الجدعة اللي بمية راجل"، التي أنقذتها من أن تكون واحدة من "نساء" الملك فاروق، عندما نصحتها بمغادرة حفل يحضره.


تأييدها لـ ثورة يوليو 1952، لم يمنعها من توجيه نقدا لاذعا لمجلس قيادة الثورة، عندما رأت أن الضباط انحرفت عن مسارها الطبيعي، فقالت "ذهب فاروق وجاء فواريق".

"الكلمة ملكة ومالكة، فهي تمتلك من يقولها، كوني شجاعة وتمسكي بما تقولي، المسلم لا يكذب، اعلمي أن الكذب هو بداية كل الخطايا".. جزء من وصايا علمتها "كاريوكا" لابنة أختها رجاء الجداوي، التي قالت لـ"دوت مصر"، إنها دائما ما تردد "إن كان في رجاء الجداوي شيء جيد فهو يعود لبدوية محمد". 



ويؤكد "الشناوي": طول عمرها عندها موقف في الحياة وموقف في السياسة، تعلن حبها بشكل مباشر، وما تعرفش تزوق ولا تجمل كلامها، تقول ما تعتقد أنه صواب فقط، كانت من مؤيدي ثورة 1952، لكنها لم تخف انتقاد مجلس قيادة الثورة لشعورها أنها انحرفت عن مسارها، تطوعت وحملت السلاح في 1956، وفي 1967 انضمت للهلال الأحمر. 


فندق سميراميس والفنان سمير صبري كانا شاهدين، على موقف آخر لتحية كاريوكا، فخلال أحد الحفلات حاول عضو بالكونجرس الأمريكي أن يرقص مع الفنانة فاتن حمامة، فرفضت إلا أنه أصر وجذبها من يدها، تطور الأمر لتخلع تحية حذاءها وتضربه، والغريب أن الرجل عندما قابلها مرة أخرى، مصادفة، اعتذر عن الموقف وطلب منها أن تعتذر نيابة عنه لفاتن للسيدة الأخرى "فاتن حمامة".



بمظاهرة بين 4 جدران، ومحاولات للقضاء على الأمية، انقضت 101 يوم من حياة تحية كاريوكا داخل السجن، إذ سجنت تحية عام 1954 بتهمة الانضمام لـ "حركة الديمقراطية للتحرير الوطني"، ومحاولة قلب نظام الحكم، لتناضل داخل محبسها مطالبة بتحسين أوضاع السجون المصرية، ومنع التعذيب، وهذا ما أشار إليه سليمان الحكيم خلال كتابه ""تحية كاريوكا بين الرقص والسياسة".


وللرئيس محمد أنور السادات، نصيبا من "جدعنة تحية"، حيث أنقذته من حكم الإعدام بعد اتهامه بقتل وزير المالية أمين عثمان، وأخفته داخل منزل بمزرعة صهرها لمدة عامين.


ويشدد "الشناوي" على أن تحية كاريوكا التي رحلت عن عالمنا عام 1999، قيمة كبيرة على نطاق الوطن العربي كله، فقبل عامين، تحديدا نهاية 2013، أقام مهرجان دبي استفتاء عن أفضل 100 فيلم عربي، وأفضل فنان عربي، لتحظى بالمركز الأول كأفضل فنانة عربية في فن الأداء الدرامي.