التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 10:33 ص , بتوقيت القاهرة

صور| في ذكري وفاته.. أحمد رامي الشاعر المعذّب بحب أم كلثوم

"اذكرينى كلما الفجر بدا.. ناشرا في الأفق أعلام الضياء.. يبعث الأطيار من أوكارها ..فتحييه بترديد الغناء.. قد سهرت الليل وحدي.. بين آلامى ووجدي".. هكذا قال شاعر الشباب أحمد رامي في قصيدة "اذكريني"، ولعل كان يطلب فيها الشاعر أن يذكره أحباؤه بعد رحيله، وبالفعل في مثل هذا اليوم منذ أكثر 35 عاما، رحل عن عالمنا، ومازلنا نذكر قصائده.


حياة رامي


شاعر مصري تركي، ولد عام 1892 في حي السيدة زينب بالقاهرة، ودرس في مدرسة المعلمين وتخرج فيها عام 1914، ثم سافر إلى باريس ضمن بعثة لكي يتعلم نظم الوثائق والمكتبات واللغات الشرقية، ثم حصل على شهادة في المكتبات والوثائق من جامعة السوربون.


درس اللغة الفارسية في فرنسا بمعهد اللغات الشرقية، وساعده ذلك  في ترجمة "رباعيات عمر الخيام"، ثم عين أمينا لمكتبة دار الكتب المصرية، وحصل على التقنيات الحديثة في فرنسا، في تنظيم دار الكتب، وعمل أمينا لمكتبة في عصبة الأمم، ثم عاد إلى مصر عام 1945، وعين مستشارا للإذاعة المصرية، وعمل في الإذاعة 3 سنوات، ثم نائبا لرئيس دار الكتب المصرية.



اتجاهه للشعر وعلاقته بأم كلثوم


اتجه شاعر النيل للشعر وكتابة الأغاني لأعرق وأكبر الفنانين، وعلى رأسهم سيدة الغناء العربي "أم كلثوم"، التي كانت لغزا في حياة رامي، فأحبها بل عشقها كما قال من حولهم، حيث اعترف مرة: "إنني أحب أم كلثوم كما أحب الهرم، لم ألمسه، ولم أصعد إليه، لكني أشعر بعظمته وشموخه وكذلك هي!". 


كان هذا الحب عظيما، كان عذابا تجاه رامي، وأيضا تجاه زوجته، التي كانت تعلم أنه يحب غيرها، ولكن ماكانت تستطيع لتفعله؟! ومن كان يختلط بسيدة الغناء ولم يحبها!، وقال رامي لزوجته مبررا حبه لأم كلثوم: "أحبها، وليس ذنبي"، وتأقلمت زوجته مع هذا الحال، ومع صورة "كوكب الشرق" التي وضعها رامي  في بيته، وعندما كان أحد يقول لها زوجك يحب أم كلثوم، كانت ترد قائلة: "وأنا أيضا أحبها".



لم يتقاض أجرا من كتابة أغانية لكوكب الشرق


شاعر الشباب يعد من أكثر الشعراء الذين كتبوا لكوكب الشرق، وبفضل الحب الذي أحبه، قدم لها 137 أغنية، دون ان يتقاضى أي أجر، حتى سألته أم كلثوم مرة: "أنت مجنون لأنك لا تأخذ ثمن أغانيك!"، فرد عليها الولهان: "نعم، أنا مجنون بحبك، والمجانين لا يتقاضون ثمن جنونهم، هل سمعتِ أن قيس أخذ من ليلى ثمن أشعاره التي تغنّى بها؟". كما اعترفت أم كلثوم: "أحب في رامي الشاعر وليس الرجل". ليكتب لها أغنية قال فيها: "عزة جمالك فين..من غير ذليل يهواك".



إهانة أم كلثوم لرامي 


فى إحدى المرات، أهانت أم كلثوم رامي وسط عدد من زملائهم، وقالت له: "يا ريتني ما عرفتك يا شيخ!"، فكان رد رامي عليها: "من أنتِ حتى تستبيحي كرامتي.. فأهين فيك كرامتي ودموعي .. وأبيت حران الجوانح صاديا.. أصلى بنار الوجد بين ضلوعي".


ولكن لم تكن هذه هي المرة الأولي التي يتألم رامي في أشعاره، بل كانت معظم أشعاره لأم كلثوم مليئة بالعذاب والشجن، ومنها قصيدة "حيرت قلبي معاك"، عندما قال فيها: "حأفضل أحبك من غير ما أقولك.. إيه اللي حير أفكاري .. لحد قلبك ما يوم يدلك.. على هوايا المداري".



ماذا فعل رامي بعد زواج أم كلثوم؟


عندما تزوجت كوكب الشرق أم كلثوم، ازداد شقاء وتعاسة، لكن أم كلثوم لم ترأف لحاله، وطلبت منه أن يكتب أغنية تقول: "شايف الدنيا حلوة لأنك فيها"، لزوجها الدكتور حسن حفناوي، طبيبها الخاص، وبدا الحزن على رامي، وقال لها: "أنا شايف الدنيا سودة.. أشجارها بتلطم.. وأرضها بتبكي"، ورفض أن يُنّظم القصيدة المطلوبة، وخاصمته أم كلثوم.


رثاء أم كلثوم 


عندما توفت أم كلثوم في 1975، اكتئب رامي وكتب فيها رثاء، وعندما طلب منه الرئيس الراحل انور السادات في حفل تأبينها أن يرثيها عام 1976، قال:  "ما جال في خاطري أني سأرثيها.. بعد الذي صغت من أشجى أغانيها.. قد كنت أسـمعها تشدو فتطربني.. واليوم أسـمعني أبكي وأبـكيهــا.. وبي من الشجو.. من تغريد ملهمتي.. ما قد نسيت به الدنيا ومـا فـيها.. وما ظننت وأحلامي تسامرنـي".



جوائز ووفاة رامي


حاز رامي على عدد من الجوائز منها "جائزة الدولة التقديرية" عام  1967، ووسام الفنون والعلوم، ووسام الكفاءة الفكرية من الطبقة الممتازة من الملك الحسن ملك المغرب، وأيضا درجة الدكتوراه الفخرية في الفنون. وتوفي شاعر الشباب في 5 يونيو لعام 1981، عن عمر يناهز 89 عاما.