التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 09:06 ص , بتوقيت القاهرة

صور| حياة البسطاء تفرض نفسها على السينما المصرية

يقول نيوتن: "الطبيعة تسر بالبساطة"، أما أفلاطون فقال: "جمال الأسلوب والانسجام والنغمة والإيقاع الجيد يعتمدون على البساطة"، لذا فكانت حياة المواطن المصري البسيطة مصدر إلهام لعديد من الفنانين، كما فرضت المهن البسيطة نفسها على ساحة السينما المصرية، لثراء حياتهم بالتفاصيل والتجارب الجديرة بالاهتمام، وهو ما يرصده "دوت مصر"، خلال السطور التالية..


البيه البواب


عام 1987، قدم المخرج حسن إبراهيم فيلم "البيه البواب"، بطولة أحمد ذكي، الذي يروي قصة حياة البواب عبدالسميع، القادم من القرية إلى القاهرة بصحبة زوجته وأولاده، بحثا عن لقمة العيش، فعمل بوابا لإحدى العمارات، ثم استغل مهنته في العمل كسمسار فجمع قدرغير قليل من المال.


يتورط في علاقة مع امرأة جميلة من ساكني العمارة، التي كانت طامعة في ماله، ولكنه يملك من الدهاء ما يحميه من مطامعها ويخرجه من فخها.


يتناول الفيلم علاقة البواب بأهل العمارة، وقدرته على التعامل مع جميع السكان رغم أنه غير متعلم، بل وقدرته على استغلالهم أحيانا، وتحوله من بواب فقير إلى سمسار صاحب ثروة في وقت وجيز، وهي ظاهرة انقلاب الهرم الاجتماعي التى انتشرت في الثمانينيات.



عفاريت الأسفلت


قدم المخرج أسامة فوزي في عام 1996 فيلم "عفاريت الأسفلت"، الذي يتناول حياة سائقي الميكروباص في مصر.


يحكي الفيلم قصة عم "علي"، الذي يعيش مع أسرة ابنه عبدالله سائق الميكروباص. تتكون الأسرة من الابن "سيد"، الذي يعمل سائقا مع أبيه على نفس العربه بالتناوب. قام بدوره الفنان محمود حميدة، وجسدت الفنانة سلوى خطاب دور الابنة "انشراح"، التي تعاني من تأخر الزواج، وتحلم بالبيت والزوج والأسرة الصغيرة، وزوجة الأسطى عبدالله، وأدت دور "تفيدة" الفنانة القديرة عايدة عبدالعزيز.


يدور الفيلم حول عالم سائقي الميكروباص وحياتهم وتجاربهم وأحلامهم وأخطائهم، فيعرض عددا من العلاقات المعقدة بين أهل الحارة من خيانة الزوجة "تفيدة" لزوجها مع الحلاق، وخيانة زوجها لها مع أرملة صديقة، بجانب عرض قصة حب معقدة بين انشراح و"رينجو" سائق مكروباص أيضا، وصديق سيد شقيقها. 


يقع بطل الفيلم السائق سيد في غرام أماني، طالبة الجامعة، الذي يعرض عليها الزواج، مقابل أن يتزوج أخوها المهندس من أخته، لكن أماني ترفض تلك المساومة.


يتناول الفيلم آلام وأحلام ذلك المجتمع، صاحب الظروف العسرة والعلاقات المعقدة، والآمال غير المحققة.



الساحر


وفي 2001، قدم لنا المخرج رضوان الكاشف رائعته الأخيرة فيلم "الساحر"، الذي يتناول حياة الساحر المُبهج "منصور بهجت"، الذي برع الفنان محمود عبدالعزيز في تجسيده. يعيش البطل في منطقة فقيرة مع ابنته "نور"، التي قامت بدورها منة شلبي، المراهقة المتمردة، التي يخاف عليها أبوها لدرجة منعها من الذهاب للمدرسة.


يمر منصور بحالة اكتئاب فيقرر تغيير حياته ويخلق البهجة في حياة الآخرين، أملا في الخروج من تلك الحالة، فيهتم بابن جارته الأرملة "شوقية"، المريض بضعف شديد في النظر، ويعلمه بعض مهارات السحر، يقع في غرام شوقية، التي اعتقد في البداية أنها تفسد حياة ابنته، وتحرضها على الانحراف فيزيد القيود على ابنته، التي تتمرد رافضة كل أوامره.


يهتم الفيلم بعرض تفاصيل حياة ذلك الساحر صانع البهجة، الذي لم يطفئ بهجته إلا ابنته، بعد أن واجهت خوفه عليها برفض تام وتمرد شديد، ظهر في إقامة علاقة مع شاب من طبقة غنية.



ديل السمكة


وعن البسطاء وإبداعاتهم، قدم لنا المخرج سمير سيف من قصة وحوار وحيد حامد فيلم "ديل السمكة" عام 2003، الذي يروي قصة شاب شاعر ينتمي للطبقة الكادحة ويعمل "كشاف نور".


يتناول الفيلم حياة هذا الشاب بين "كشاف نور" يتعرض لمواقف غريبة وكوميدية أحيانا، وبين فنان يرى الحياة بعين شاعر.


وكالعادة، نجد حياة البسطاء المليئة بالمشقة لا تخلو أبدا من البهجة والجمال، ففي واحد من البيوت الكثيرة التي يقرأ كشافها، يقابل ذلك الشاب في بيت فخم، امرأة قعيدة جسدت دورها الفنانة القديرة محسنة توفيق.


تحكي له تلك المرأة عن حياتها المزدحمة بالوحدة والفراغ والحزن، بعد أن انشغل أولادها عنها في العمل والسفر، وفي المقابل وفروا لها المال والخادمة، أملا في تعويضها عن غيابهم، فيخرج معها للشارع، محققا لها أمنيتها في الخروج مع شخص لديه رغبة حقيقية في إسعادها.



فرحان ملازم آدم


وعن "كمسري" الأتوبيس "فرحان ملازم آدم"، قال لنا الكثير الكاتب محسن زايد، بكاميرا المخرج عمر عبدالعزيز. أتى فرحان من الصعيد إلى القاهرة بلا خبرة حقيقية في الحياة، أو أي خلفية عن طبيعة الحياة الصاخبة في العاصمة.


يسكن في غرفة ببيت تملكه بائعة كشري، تعيش هي وابنتها بلا رجل، بعد أن سُجن زوجها، يعجب فرحان بابنتها ولكن تعجب الأم به وبشبابه وفحولته، ونتيجة لسذاجته، تنشأ علاقة جنسية بينهم تضع فرحان في حيرة بين رغباته ومشاعره، تتطور الأحداث حتى يترك فرحان البيت حزينا، ويعود لبلده بالصعيد، بعد أن علمت الابنة بعلاقته بأمها.





المنسي


في عام 1993، قدّم الثنائي وحيد حامد وشريف عرفة فيلم "المنسي" للفنان عادل إمام. يروي الفيلم تفاصيل يوم في حياة مراقب في السكة الحديد، تجبره الصدفة على الدخول في صراع مع بعض الأثرياء، حيث لجأت له سكرتيرة أحدهم في أن يحميها من مديرها، الذي يريد أن يقدمها هدية لرجل أعمال ثري.



اضحك الصورة تطلع حلوة


وفي "اضحك الصورة تطلع حلوة"، قدم نفس الثنائي حياة المصور سيد غريب، تلك المهنة التي اختفت من حياتنا خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لتوفر الموبايلات الحديثة مع كل الطبقات المجتمع، لكن قبل ذلك كانت تنتشر مهنة المصور، وكان يخصص لكل مصور شارع باتفاق ضمني بين المصورين.


"سيد الغريب"، الذي جسده الراحل أحمد ذكي، هو مصور فوتوغرافي وأب لبنت يتيمة وابن لأم أرملة، يعمل فقط من أجل تربية وتعليم ابنته على أعلى مستوى، وبالفعل دخلت البنت كلية الطب، لذا اضطر أن ينقل هو وأمه من بلدته إلى القاهرة، وهنا بدأت ابنته الاصطدام بالمجتمع الأرستقراطي المختلف تماما عن البيئة البسيطة، التي تربت فيها.


تقع الفتاة في حب شاب ابن أحد رجال الأعماال الكبار، فينشأ صراع طبقي، لرفض أهل هذا الشاب بزواجه منها، وهنا ظهر دور الأب المصور البسيط، الذي يملك من الوعي ما لا يملكه الأغنياء.




سواق الأتوبيس


أخبرنا محمد خان وبشير الديك الكثير عن سواق الأتوبيس بعيون المخرج عاطف الطيب، في فيلم مصنف ضمن أهم 10 أفلام في تاريخ السينما المصرية، بطولة الفنان الكبير نور الشريف، الذي جسد دور "حسن"، الذي أفنى شبابه في جيش بلاده وخاض 4 حروب، وقضى أجمل أيام حياته مهدد بالموت. ولم تنته الحروب قط فبدلا من أن يجني أبطال الوطن ثمار النصر، واجه حربا من نوع آخر، حرب البقاء في عصر الانفتاح، العصر الذي رفع شعار "الفهلوة سر النجاح"، طبقا لأحداث الفيلم.


إضطر حسن للعمل في الصباح كسائق أتوبيس، وبعد الظهر سائق تاكسي، آملا في توفير الحد الأدنى من متطلبات الحياة لزوجته وابنه.


ولم تكن تلك الحرب، التي أشير إليها بل هناك معركة أخرى تخص أسرته المهددة بالانهيار، حيث مرض أبوه حزنا على ورشته المدانة للضرائب بـ20 ألف جنيه.


يواجه حسن مواقف كثيرة منها القاسي والمؤلم، مثل رفض إخوته مساعدة أبيهم، واستغلالهم للموقف والرغبة في الاستفادة منه، ومنها ما يدعو للأمل والإيمان بأن الخير لا يموت، مثل مساعدة أخته المتعلمة وزوجها المثقف رفيق الحرب، وكمسري الأتوبيس صديقه الذي أعطى له كل ما يملك.


لكن، بعد أن جمع "حسن" المال فات الأوان، وتوفي والده حزنا على شقى عمره. ينتهي الفيلم بمشهد مطابق تقريبا للمشهد الأول، عندما يرى حسن في المرآة لصا يهرب بعد أن سرق إحدى الركاب، ففي المشهد الأول، لم يهتم حسن ولم يلحق اللص، مستسلما للأمر الواقع، أما بعد تجربته الأليمة، فجرى وراءه في المشهد الأخير، وأمسك به، وأخرج فيه كل همومه وقهره صارخا في إشارة لكل اللصوص: "ياولاد الكلب".




 المشهد الأخير في الفيلم: