التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 02:51 م , بتوقيت القاهرة

الصحاب الحلوين رزق

الأصدقاء الذين يفهمونك جيدًا ويحفظون تقلباتك ويعذرون أخطاءك رزق من المولى تعالى، بل أن الصديق الذي بجد يؤول إليه عشرون قيراطا من الرزق والباقي صحة وأبناء ومال وجمال، ليست مبالغة ولكنّها حقيقة في زمن يعج بالحثالة وأصحاب المصالح والشخصيات المعقدة المريضة، فأصدقاؤك بالفعل الطاقة الإيجابية الممتدة لحياتك.


الأصدقاء الصدوقين اللي بجد نادرين احمد ربنا على نعمتهم ولا تتوقف كثيرًا عمن دونهم، وبخر نفسك جيداً فأنت بسببهم عرضة للحسد، فهم نعمة من السماء تنجبهم لنا المواقف من رحم الأيام لنعيش حياة الأخوة ولكن بأسماء مختلفة، قلوب نفتح لهم أسرارنا ننثرها لهم نتبادل الهموم والآمال نفكر معًا في المستقبل ونتذكر الماضي.


هم الذين يمنحونك التنفس في مكان مغلق توفى فيه الكثير، هم الذين نخجل أن نلقبهم بالأصدقاء لأنهم أكبر من ذلك، إنهم إخوة وأعمق، هم أوطان صغيرة وجنة الدنيا، هم الوجه الآخر من الحب، الوجه الذي لا يصدأ أبدًا، جمالهم ليس في عمق أو كثرة السنين ولكن بصدق المشاعر، فشكرًا على نعمة أصحاب القلوب الدافئة القريبة الواقفين بجوارنا، شكرًا على عصيهم التي نتوكأ عليها ولا تهترئ، هم دعوات أمهاتنا المستجاية.


لو رأيت صديقا جيد المواصفات لكنّه طاقة سلبية "ابن كئيبة" ابتعد عنه فورًا، فالحياة قصيرة يا عزيزي لا تحتمل أمثالهم. وإذا صادفت وضاعة من بعض الأصدقاء لا تجهد نفسك بالتفكير فيمن لا يستحق، اطوِ الصفحة بمنتهى السهولة أو اقطع الصفحة أو حتى ارم الكتاب كله.


فمن لا يُحسن اختيار الصديق ربما تنقلب الدنيا ضده، فكل قرين بالمقارن يقتدي، فلو لم يكن هناك اقتران ما كانت نظرة المجتمع له كنظرتهم إليك، كم من أناس ضاعوا بسبب صديق سيئ وكم من أحدٍ ارتقى بفكره بسبب صديق طيب خلوق؛ فالأصدقاء كنز يجب علينا استغلاله.


في النصف الثاني من الثلاثينات من العمر لا تتطلب المرحلة مزيد من التمثيل والصعبانيات واستمالة الآخرين بل نميل- كل الميل- إلى الطبيعية والعفوية، بمزايانا وعيوبنا التي نعلمها جيدًا تقبلتها حللت أهلاٌ ونزلت سهلاً لم تتقبلها لا يجوز تضييع الوقت معك فلا يغير أحدٌ أحدًا، و لن يربينا شخص من أول وجديد، في الثلاثينات نعيش شعورين شعور مراهق يتخبط بطيش وشعور مسن ذاق مر العيش، فإما نتحمل بعضنا على حالنا وإما لا.


لم أبغ من الصداقة يومًا نفاقًا ولا تطبيلاً، ولكن صدق القول للمصلحة، ولا مانع من الطبطبة هكذا يكون النقد وتقبله أسهل ولهذا كان أصدقائي المقربون أقل من أصابع اليد الواحدة، واكتفيت بهم لا أريد زيادتهم ولا خسارة أحد منهم.


وعظتني نفسي فعلمتني أن لا أطرب لمديح ولا أجزع لذم، وقبل أن تعظني نفسي كنت أظل مرتابة في قيمة أعمالي وقدرها حتى تبعث إليها الأيام بمن يقرضها أو يهجوها، أما الآن فقد عرفت أن الأشجار تزهر في الربيع و تثمر في الصيف و لا مطمع لها بالثناء، وتنثر أوراقها في الخريف وتتعرى في الشتاء ولا تخشى الملامة .