التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 05:08 ص , بتوقيت القاهرة

صور|مصر أول دولة تعترف بالدين البهائي في العالم

ترجع نشأة الديانة البهائية إلى مؤسسها حسين علي النوري، المعروف باسم "بهاء الله" في إيران. وكانت في الأصل مذهبا من مذاهب الشيعة، تقوم على الاعتقاد بأن أحد أحفاد المذهب الشيعى سيعود في آخر الزمان، على صورة المهدي المنتظر، ويعتقد أن ذلك تم على يد "علي بن محمد رضا الشيرازي"، الذي أعلن أنه الباب "لمن يظهره الله"، وأنه هو المهدي المنتظر، في مدينة شيراز بإيران سنة 1844، وكان حسين علي النوري من ضمن مؤيديه.

وأعدمت الحكومة الإيرانية "الباب" سنة 1850م، وحبست بهاء الله، وبعدها نفته إلى العراق، ثم نفته الحكومة العثمانية إلى إسطنبول، ثم أدرنة، ففلسطين.

وتشير المصادر البهائية إلى أن بهاء الله أعلن دعوته للعديد من أتباعه في حديقة الرضوان في بغداد قبل نفيه منها. وبعدها بسنوات قليلة، انتشرت الديانة البهائية في معظم دول العالم ومن ضمنها مصر. 

واقعة المأذون

أول ظهور واضح للديانة البهائية في مصر، كان في مطلع القرن التاسع عشر، بعد أن قام مأذون في قرية "كوم الصعايدة" ببني سويف، بالتحريض ضد ثلاثة بهائيين، كانوا ينوون الزواج من 3 مسلمات، وبعد مناوشات عديدة، انتهت بحكم قضائي في العاشر من مايو عام 1925.

وتعتبر مصر أول دولة في العالم تعلن استقلال الدين البهائي بشكل قانوني ورسمي، وتم فيه الإعلان أن البهائية عقيدة مستقلة بذاتها، ومنفصلة عن الإسلام، كاستقلال الإسلام عن المسيحية، والمسيحية عن اليهودية.

وصدر حكم محكمة الشرعية للاستئناف وصادقت عليه الدوائر الدينية العليا في القاهرة حكماً نهائياً، وطبعته الدوائر الإسلامية بنفسها ونشرته. وأعلن منطوق الحكم الرسمي بكل وضوح ما يلي:

"البهائية دين جديد قائم بذاته له عقائد وأصول وأحكام خاصة تغاير وتناقض عقائد وأصول وأحكام الدين الإسلامي تناقضاً تاماً، فلا يقال للبهائي مسلم ولا العكس، كما لا يقال للمسيحي مسلم ولا العكس".

الحكومة المصرية تخصص أراضي كمدافن للبهائيين

نشر البهائيون أحكام كتاب الأقدس الأساسية، الخاصة بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والميراث والدفن، وتقديم هذه الأحكام إلى مجلس الوزراء المصري، متضمناً صورة من حكم المحكمة وصورة من دستورهم المركزي البهائي، وقوانينهم الفرعية، مطالبين بالاعتراف بمحفلهم، وتطبيق شرائع وأحكام الدين البهائي، فيما يختص بأحوالهم الشخصية، وإصدار المحفل الروحاني المركزي المصري قسائم وعقود الزواج والطلاق، وشهادات دفن الموتى بشكل رسمي وقانوني.

كما تقدم المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في مصر عام 1939م بالتماس للحكومة، لتخصيص 4 قطع أراضي، لاستعمالها كمقابر للطائفة البهائية في القاهرة والإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية. وبعد مفاوضات، قبلت الحكومة ووهبت البهائيين في القاهرة والإسماعيلية قطعتي أرض.

سرعان ما حظيت إجراءات الحكومة المصرية باحترام معظم دول العالم، لتأسيس حضارة متوحدة تتميز بتنوع أفرادها في الجنس والعرق والعقيدة والأصل والنسب والطبقة وغيرها.

إقصاء البهائيين في مصر

لكن تأتى الرياح بما لا تشتهي السفن، فلم يدم طويلاً الاعتراف بالطائفة البهائية في مصر، حيث جاء قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1960، بحل كل المحافل والمراكز البهائية وتعليق أنشطتها، والسماح للبهائيين فقط  بممارسة شعائرهم في بيوتهم.

جاء ذلك القرار بعد قلق الرئيس الراحل من ارتفاع أعداد البهائيين، وما يشاع  عن صلتهم بمركزهم الإداري في إسرائيل، التي نشأت على حدود مصر بطموحات توسعية. وظلت كل الممتلكات الرسمية البهائية والودائع والأصول مصادرة من قبل الدولة، دون إعادتها حتى الآن.

ويقال إن الهدف من قرارات عبد الناصر، تعزيز العلمانية، لكن الحكومات التي تلته استهدفت البهائيين باعتبارهم أصحاب بدعة وناشري كفر، رغم أن دستور 1971 أقر أن الدولة يجب أن تضمن حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية.

ولم تكد تمر 4 سنوات، ففي عام 1975، أيدت المحكمة العليا قرار الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وقضت بأن الحماية الدستورية تشمل فقط الأديان السماوية الثلاثة (الإسلام والمسيحية واليهودية).

محاولات احتفال البهائيين بأعيادهم رغم القيود

يحتفل البهائيون في جميع أنحاء العالم بـ"عيد الرضوان" لمدة 12 يوما، بدءا من يوم 21 إبريل وحتى 2 مايو، ويعتبر من أقدس الأعياد البهائية، باعتباره أول أيام دعوة مؤسس الدين البهائي "حضرة بهاء الله"، كرسالة إلهية، وهي المدة التي قضاها في حديقة النجيبية بالعراق، وسميت بـ"الرضوان" فيما بعد.

وتم في هذه المدة، الإعلان عن الرسالة الإلهية للدين البهائي، باعتبار أن "حضرة بهاء الله" هو الموعود والمنتظر المذكور في كل الكتب السماوية المقدسة.

وفي اليوم الأول من عيد الرضوان، يتم انتخابات هيئات المحافل في جميع أنحاء العالم. ويقوم كل فرد بهائي بلغ 21 عاما، باختيار  9 أشخاص من البهائيين في المجتمع، يرى أنهم قادرون على الخدمة كأعضاء في هيئة المحفل. وهي خدمة لا يتلقون مقابلها أي مقابل.

ونظرا لأن البهائيين في مصر ممنوعون منذ 48 عاما من إقامة المحافل، يتابع البهائيون عبر مواقع الإنترنت، أخبار سير هذه العملية الانتخابية في محافل جميع البلدان، التي تعترف بالديانة البهائية، وتعتبر نموذجا ناجحا لإدارة المجتمعات.