التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 08:59 م , بتوقيت القاهرة

3 يهود أثروا في الأغنية العربية

تأثر اليهود العرب بالموسيقى الشرقية خلال القرن التاسع عشر، تأثرا واضحا وقويا، وظهر ذلك من خلال استخدامهم للموسيقى الشرقية ومقاماتها في ترتيل صلواتهم ولتلحين مزاميرهم.

كما لعب الموسيقيون اليهود العرب دورا كبيرا، في نقل الموسيقى الشرقية إلى إسرائيل، واقتبس الكثير منها في نسخ ناطقة بالعبرية، تتردد ألحانها حتى يومنا هذا، متأثرين بالهوية المصرية والعربية.

خلال السطور التالية، نستعرض 3 حكايات عن يهود تأثروا بالموسيقى الشرقية، وأثروا فيها أيضا، تاركين أعمالا فنية سجلت في تراث الموسيقى العربية.

الأخوان صالح وداوود

ولد صالح الكويتي، في مدينة الكويت، عام 1908، لأسرة يهودية من أصل عراقي، وأخوه داوود الذي ولد عام 1910، ومنذ صغرهما كان يقومان بصنع الآلات الموسيقية البدائية والعزف عليها، ثم أهدى إليهما عمهما آلتي العود والقانون، وشرعا في العزف عليهما، وعندما شعر والدهما بشغفهم بالموسيقى أرسلهما ليتعلما على يد الموسيقار الكويتي الكبير خالد البكر، الذي علمهما الأغاني الكويتية والبحرينية والحجازية واليمنية.

التحق الأخوان بالعمل في إذاعة العراق، عام 1936، حيث كان معظم العاملين والقائمين على إدارتها من اليهود، فأتيحت لهم الفرصة لتعلم الغناء العراقي والمصري، عن طريق الاستماع إلى الإسطوانات المسجلة في الإذاعة، ليصبحا بعد ذلك من أهم الموسيقيين اليهود العرب، في النصف الأول من القرن العشرين.

وعندما زارت سيدة الغناء العربي، أم كلثوم، بغداد عام 1932، أعجبت بأغنية "قلبك صخر جلمود"، التي لحنها صالح الكويتي، للمطربة سليمة مراد. وغنت أم كلثوم هذه الأغنية بعد أن تعلمت اللحن من سليمة مراد، وهذه هي المرة الوحيدة التي غنت فيها أم كلثوم لملحن يهودي غير مصري.

وفي بداية الخمسينات من القرن الماضي، ترك صالح وداوود العراق، ليستقرا في إسرائيل، حيث تابعا أعمالهما الموسيقية هناك، من خلال إذاعة "صوت إسرائيل".

زكي أفندي مُردُخاي 

ولد زكي أفندي مُردُخاي، واسم الشهرة زكي مراد، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، في العراق، ثم سافر إلى مصر، وعاش في مدينة الإسكندرية. ومنها انتقل إلى القاهرة. وعمل في تجارة الأقمشة وظهرت موهبته في الغناء عندما كان يردد أغنيات عبده الحامولي، ومحمد عثمان للزبائن.

ثم اتجه للغناء والتحق بالمعهد الأهلي المصري للموسيقى، وكان مؤسسه الموسيقار منصور عوض، المستشار الفني لشركات الإسطوانات، فرشح زكي لتسجيل أغاني المغنين القدامى، فغنى قصيدة "أراك عصي الدمع"، للملحن عبده الحامولي، إلى جانب تقديمه للعديد من الأغنيات التي سجلت في تراث الأغنية العربية مثل: صيد العصاري ياسمك، فيك ناس ياليل، أصل الوداد، ياقمر داري العيون، تسعد لياليك ياقمر، ياللي جرحت القلب، لما كواني الحب، ياخوخ يا ناعم، مخلوق لحبك.

وكان زكي مراد يمتلك صوتا قويا، وتأثر بأستاذه عبدالحي حلمي، الذي تعلم منه الموسيقى والغناء، كما التحق بالعمل المسرحي، ليؤدي أدوار سلامة حجازي، بعد أن أصيب بالشلل.

واختاره سيد درويش للقيام بدور سيف الدين، في أوبريت العشرة الطيبة.
وكان من إنتاج نجيب الريحاني، وشارك أيضا في بطولة مسرحية كليوباترا، ومارك أنطوان، بديلا عن محمد عبدالوهاب، مع منيرة المهدية.

تزوج من "جميلة بنت إبراهيم سالومون"، لأسرة يهودية متمصرة، وأنجبت له 6 أولاد من بينهم، ابنته ليلى مراد، وابنه موريس، الذي أصبح منير مراد، ولم يكن زكي مجرد مطرب وملحن، ولكنه كان جذرا لعائلة فنية، فكان المعلم الأول لابنته ليلى.

وفي نهاية العشرينيات سافر في رحلة فنية طويلة إلى أمريكا، ربح فيها أموالا طائلة، وعندما عاد وجد أن جمهوره قد نسيه، فترك ابنته ليلى ومنير وسميحة يستكلمون مسيرته الفنية.

آشر مِزراحي

شاعر وملحن يهودي، ولد بفلسطين، عام 1890، بحي يمين موشيه، واسمه الفني "بشير مزراحي"، تعلم الموسيقى من صغره على يد كبار الموسيقيين العرب، وسافر إلى مصر وتونس، وكتب كثيرا من الأغنيات العبرية، وسجل في باريس إسطوانات عديدة مع أهم الفنانين التونسيين.

وفي عام 1939، انضم إلى عضوية اتحاد الملحنين في فرنسا، ومازال المطربين التونسين والعرب يرددون أغانيه بالعبرية حتى يومنا هذا، وألف العديد من الأغاني الشعبية، والأغاني التونسية لعمالقة الفنانين في تونس خلال فترة ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، مثل دليلة الطلياني، ومن أشهر أغانيه غزلان البرية، وقلبي ذاب من بابا، وتسفر وتتغرب.

تعاون مع الملحن اليهودي راحاميم عمار، الذي لحن له الكثير من أغنيات، ليشكلا ثنائيا ناجحا على مدار سنوات متتالية، كما كان مزراحي يعزف على العود، ويغني في المقاهي العربية في مدينة يافا، حتى ترك الفن وتفرغ بعد ذلك إلى العبادة، فكان معروف عنه بأنه كان يتبع الكثير من وصايا التوراة، ولم يكن يعمل أيام السبت، وفقا لتعاليم الدين اليهودي.