التوقيت الإثنين، 20 أكتوبر 2025
التوقيت 12:17 ص , بتوقيت القاهرة

"سوق باب اللوق".. متحف حزين على فراق زواره

"سوق باب اللوق" أثر معماري تاريخي وكأنه قصر على الطراز الأوروبي في قلب القاهرة، بني حينما انتشر وباء الطاعون في البلاد، فهو أقدم سوق تاريخي، عمره قرن من الزمان، اختلفت الروايات والحكايات حول سبب بنائه، ولكن ظل المبنى شاهدا على تاريخ الأسواق في مصر.

تاريخه ونشأته

ترجع فكرة إنشاء السوق إلى جوزيف أصلان قطاوي باشا، وهو مهندس مصري يهودي وأحد أقطاب الرأسمالية الوطنية، وفي عام 1911، تولت الشركة التي يديرها قطاوي اختيار قطعة من الأرض تبلغ مساحتها 6200 متر مربع، بغرض إقامة سوق كبير في وسط العاصمة القاهرة.

وهو الوقت الذي كانت فيه المدن المصرية الكبرى تتوخى التحديث والوقاية الصحية في مجال التوزيع الغذائي في مصر، وأقاما السوق على قطعة أرض مملوكة لها في ميدان الأزهار (الفلكي حاليا)، وهو موقع يتميز بقربه من نهاية خط قطار حلوان، الذي يخدم مناطق جنوب القاهرة، بالإضافة إلى ثماني خطوط للترام تتشابك في الميدان، وتتصل بأحياء القاهرة المختلفة.

تكوينه

يتكون السوق من الدور الأول والثاني والثالث في ممرات دائرية تحيط بالسوق وتطل عليه، والتي أصبحت الآن مهجورة ومظلمة ممتلئة بالقمامة، وكانت واجهة السوق الخارجية تضم 50 محلا بمساحات مختلفة لأغراض التجارة من محلات، وبداخله أكثر من 150 محلا.

ماذا قال أصحاب محلات باب اللوق؟

"تغيرت الأحوال وتبدلت الظروف في سوق باب اللوق".. هذه الكلمات اتفق عليها أصحاب الورش والمحلات الموجودة فيه، حيث قال عم سمير الجزار إنه في سوق باب اللوق منذ 40 عاما، وأن السوق مات، لأن الزبون هرب.

كما أضاف عم سمير أن سوق باب اللوق لا يوجد مثيل له في العالم سوى فرنسا، والآن لا يوجد أي اهتمام بالسوق، حيث كان ينظف في يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، وكان له حراس لحمايته، فالمحلات كلها أصبحت مخازن، وتمنى أن يعود السوق للصورة التي كان عليها من نظافة وأمان.

وأوضح محمود طه، أنه نشأ في السوق مع والده منذ 36 عاما، واعتبر أن الأحداث في وسط البلد، هي التي أثرت علي الزبائن في السوق، كما أضاف أنه كان يوجد باجور ثلج لحفظ الأطعمة بالسوق تحت الأرض، ولكنه تحول إلى مخزن، ورغم أن السوق ظل على ما هو عليه في البنية الخارجية، لكن حدثت تغيرات كثيرة من بناء وهدم داخل السوق.

وأضاف سمير عبدالفتاح، أنه منذ 50 عاما كان السوق مليء بالزبائن، ولكن الأحوال تغيرت وانتشرت البطالة فيه، ويفتقد السوق الآن جزءً كبيرا من الصيانة والنظافة أيضا، كما يتمنى أن تعود روح التعاون والمحبة التي كانت تملأ أرجاء السوق.

بينما أكد جمال عبدالمقصود، الذي يعمل صانعا للشنط في ورشته بالسوق، منذ 23 عاما، أن السوق قديما كان يوجد به تجارة وصناعة، لكن ذهب منها ما يقرب من 50%، ويفتقد السوق الآن معارض الأحذية والشنط بعد غلق محطة مترو حلون، التي كانت تجاوره، وبذلك فالسوق تغيّر شكلا وموضوعا.

ترك السوق كثير من الأصوات المنادية، فظلت الروايات والحكايات في طي الكتمان على جدرانه، بعد أن كان مصدرا للأمان ذات يوم، وأصبح البناء متحفا حزينا على فراق زواره، وما تبقى من تراث له حكايات في حضن وارثيه.