التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 08:56 ص , بتوقيت القاهرة

يسقُط الاستقلال!

لما ابنك بيوصل لسن المراهقة بتضطر تديلُه حرية اتخاذ القرارات الشخصية.. زي مثلاً اختياره لهدومه وتسريحة شعره ونوع دراستُه وطريقة تمضية أوقات فراغه وهكذا.. هو في الحقيقة حياخد الحرية دي حياخدها بمزاجك أو غَصب عنك.. ف الأحسن إنها تيجي منك وقال يعني بتشجعه على تجربة الاستقلال.


ومن السذاجة طبعًا أنك تتوقع أن النتايج الأولية للتجربة دي حاتنول رضاك.. يعني مثلاً مستحيل حا تتبسط لما ابنك يدخل عليك بتسريحة القُنفِد وأزياء المُسجَّلين خَطَر..  أو لما يغيَّر نوع دراسته في آخر شهر ليه في المدرسة.. أو لمّا يعلَّق على باب أوضتُه ورقة مرسوم عليها جمجمة وعضمتين وكاتب لك عليها "ممنوع الإزعاج".. كلها حاجات مش حاترضيك لكن حاتضطر تتقبلها كجزء من باكيدج الاستقلالية الذاتية.. وبردو عملاً بالحكمة الخالِدة اللي بتقول "إن جالَك الغَصب إعمِلُه بجميلة".


المهم بقى إنك في خضم الأحداث الجِسام دي لازم تحافظ على جهازك العصبي وثباتَك الانفعالي.. وده مش مراعاة منك لصحتك النفسية لا سَمَح الله.. لكن علشان تتجنب إثارة موجات العِند اللي ممكن تَشتَعِل في أي لحظة.. والتي قد تؤدي إلى مزيد من القرارات اللي ممكن تصيبك بأزمة قلبية.. وإليك عزيزي هذا المثال التوضيحى لما سبَق:
دخلت أوضة "شريف" ابنى لقيت هدومُه كلها متكوِّمة على السرير.. سألتُه:


- خلاص مِفارق؟!!..
- مفارِق إيه؟ 
- شكلك بتحضر شنطِتك يعني.
- لأ انا بدوَّر علي تي شيرتات المدرسة القديمة.
-  ليه والتي شيرتات الجديدة حصَل لها إيه؟!
- طِلِع مقاسهُم كبير.
- طب ما نغيرهُم بمقاس أصغر.
- ...(بهدوء)... لأ مش حاينفَع.
- هو إيه اللى مش حاينفَع؟ بيتغيروا عادي طبعًا.
- (بهدوء بردو).. مش حينفع عشان إدّيتهم ل"كريم".
- "كريم" مين؟
- (باستغراب).. "كريم".. "كريم" صاحبي.. مقاسُه أكبر مني.
-  إدّيت التي شيرتات الجديدة كُلها لصاحبَك؟!
-  أيوه حاعمل بيهم إيه؟ بقولِك مقاسهم كبير.
- لأ قول تاني كده.. إديت التي شيرتات اللي أنا جايباها بفلوووسي لصاحبَك؟
- أيوة أيوة اديتهالُه.
-  ههههههه بطَّل بقى.. بتهزر طبعا.
- والله ما بهزَر.. تي شيرتات مش مقاسي أحتفظ بيها ليه؟
- "شريف" هو أنت ماتعرفش أن إحنا ممكن نرجعهم ونجيب المقاس الأصغر؟
- "أميرة" هو انتي ماتعرفيش أننا ممكن نجيب المقاس الأصغر من غير ما نرجَعهم؟
- بس ده معناه إني أدفع تمن التي شيرتات مرتين!!
- بس أنا ماطلبتش إنك تجيبى غيرهم.
- بس إنت كنت محتاجهم وعشان كده اشتريناهم.
- أيوه.. ف إيه؟
- هو إيه اللى إيه؟ قصدك يعني إنك مش محتاج تي شيرتات جديدة دلوقتي؟
- محتاج طبعا.
- طيب ما هو معنى كده إننا لازم نشتري.
- بديهى
- ما هو ده معناه إننا حندفع فلوس تاني غير الفلوس اللي دفعناهم أولّاني.
- أكيد لازم ندفع... أمَّال يعنى حانستلفهم من المحل؟!!
- لأ نستلفهم ليه؟ مصروفك موجود الحمد لله وممكن يتخِصموا منه على دفعات.
- هههههههههه كل مرة بتقولي كده.
- (باستسلام)... يعني الحق عليا إنك مش بتهون عليا؟
- إنتي كمان مش بتهوني عليا وعشان كده لسه محتفظ بالشنطة الجديدة مع إنها كبيرة بردو.
- أكيد عارف إنك لو وزعت الشنطة دي بالذات حتاخد كتبك في كيس بلاستيك.
- ماتقدريش طبعا.. بس مش ده السبب خالص.
- (نظرات إعجاب أُمومية).. حبيب قلبي.. عايز تقول لي إنك ما وزعتش الشنطة الجديدة عشان ماتزعلنيش؟
- (لحظات تفكير عميق).. حبيبة قلبي.. عايز أقول لك إني ما وزعتش الشنطة الجديدة عشان ماحدش رِضى ياخُدها.
- ( أنظُر له في ذهول وأسير في اتجاه باب الغُرفة).
-  على فين؟ مش لازم تروحي تشتري التى شيرتات دلوقتي حالاً على فكرة.
- لأ يا حبيبي أنا مش رايحة اشتريهُم دلوقتي ولا حاجة.. أنا بس قُلت أجرَّب رجليّا فى المشىّ عشان حاسة إني اتشلّيت!!!