التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 09:53 م , بتوقيت القاهرة

بوب مارلي والماريجوانا.. شغف قديم يتجدد بعد الموت

بعيدا عن الصورة الذهنية المسبقة عن بوب مارلي كمثالي حالم، منطوٍ، بعيد عن خشبة المسرح، مؤمن بأن الإله قد حل بجسد زعيم إفريقي، غير حازم بعلاقاته النسائية، ومدمن ماريجوانا، والتي تختزل أسطورة كاملة في صفات وأفعال مجتزأة من سياقها، فإن لكل من تلك الصفات أسباب في حياة الفنان الصاخبة والمتقلبة، بداية من ولادته نتيجة علاقة عابرة بين رجل أبيض مستعمر تعدّى الستين، وفتاة جامايكية لم تتعد الـ16 من عمرها، ثم نشأته الفقيرة في "ترنش تاون"، حاملا معه أسئلة معلقة عن أصله وفصله ومستقبله، متحملا لسخافات أقرانه عن العرق الأبيض، الذي يسري داخله.


ماريجوانا للبيع


قبل نحو عام، وبعد صدور قوانين تشرّع استخدام الماريجوانا في الولايات المتحدة الأمريكية، قرّرت عائلة المغني الجامايكي الراحل بوب مارلي (1945 ــ 1981) التعاقد مع شركة "برافتر هولدنجز"، لطرح منتجات ماريجوانا شرعية تحمل اسمه في السوق.


حملت العلامة التجارية اسم "Marley Natural"، واندرج تحتها العديد من المنتجات المستخلصة كلها من العشبة المُخدّرة، والتي كان يعشق بوب مارلي تداولها، ومنها كريمات وإكسسوارات متنوعة. وبدأ توزيع المنتجات مع بداية العام الحالي مع حملة ترويجية تتضمّن مقتطفات من أحاديث لمارلي، يحكي فيها عن أهميّة "العشبة" لصحّة الإنسان، وكيف أنّها نعمة من الطبيعة، يجب استغلالها.



كيف وعبادة


الماريجوانا في حياة بوب مارلي لم تكن "كيفا" فقط، ولكن نوعا من التنسّك الذي يفرضه عليه معتقده الديني "الرستفارية"، والتي يعتقد أتباعه أن تدخين الماريجوانا غذاء للروح، يقربهم من الإله ويبعدهم عن شواغل الحياة، بالتأمل والتفكّر الذي توفره النبتة المخدّرة. ويعتبر بوب مارلي من أهم أسباب انتشار العقيدة "الرستفارية" خارج حدودها الأصلية في إثيوبيا، فقد باع أكثر من 200 مليون أسطوانة حول العالم.


تلك الحقيقة لا تنفي ارتباط مارلي بالماريجوانا من قبل التحاقه بالطائفة "الرستفاريّة"، فلا يمكن تخيّل ذلك الشخص الممتليء حيوية والمتماهي مع موسيقاه في عوالم بعيدة يعرفها وحده دون محفزات خارجية، تجعله خفيفا في ارتجالاته وانتقالاته العاطفية فيما يؤديه من أغانٍ.


مارلي المتعدد في حضوره على المسرح والمنجرف في الإيقاع، كان يذهب إلى الماريجوانا لمساعدته في تأطير صورة ذاتية واضحة لكائن، تشوّشت طرق حياته في كثير من المحطات. كان يرى أنها دواء بلده من همومها وآلامها فصاحبته في جميع أوقاته “Herb is the healing of a nation.”


توثيق الشغف


في إحدى حفلاته، وكان قد مُنع من اصطحاب الماريجوانا معه إلى المسرح، خبّأ لفافات ماريجوانا في جدائل شعره، ليفاجيء الجمهور أثناء الحفل بالتقاط إحداهن، وإشعالها على خلفية من إيقاعات الريجي الصاخبة، وكأنه يقول لهم وللعالم ببساطة:
Excuse me while I light my spliff"
"Good God, I gotta take a lift

 



والشواهد على الارتباط الكبير بين بوب مارلي والماريجوانا كثيرة، لعلّ ذروتها حين أفرد لها ألبوما كاملا عام 1978 بعنوان "Kaya"، وهو الاسم الجامايكي لنبتة الماريجوانا.



وفي أغنية Duppy Conqueror، أعلن تمرده على القوانين التي تجرّم الماريجوانا وتدين مدخنيها، ويحكي لأصحابه خروجه من السجن وعودته من جديد للتدخين، دون أن يقدر أحد على منعه.



أما  في أغنية Pimper's Paradise، يقدّم بورتريها لفتاة تدخّن الماريجوانا بشراهة، تضحك وتحزن بسهولة من أثر التدخين.



وفي عام 1977 أثناء مشاركته في مباراة كرة قدم، جرح أثناء لعبة مشتركة لكن الجرح لم يلتئم بعد علاجه، وأخبره الأطباء بإصابته بسرطان الجلد، وضرورة إجراء بتر لقدمه حتي يعيش، لكن معتقدات بوب الدينية منعته من ذلك. ومن المدهش أنه عاش بهذا السرطان مدة تجاوزت السنتين، وربما يعود ذلك إلى الحمية الغذائية التي كان يتبعها وعقار الـ"unorthodox".  أو ربما حدّ تفاعل المادة الفعالة في الماريجوانا من تأثير الخلايا السرطانية، وأجّل تغوّلها في أجزاء جسده.


لكن ذات يوم سقط مغشيا عليه أثناء تريضه، نقل بعدها إلى المستشفى وظلّ بها 6 أشهر، حتي غادر الحياة في مثل هذا اليوم، 11 مايو 1981 في عمر الـ36.