التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 02:37 م , بتوقيت القاهرة

جامايكا.. جزيرة تحدث عنها الجمال والتاريخ

كان كريستوفر كولومبوس في طريقه إلى الهند فاكتشف عالما جديدا تماما، ومن ضمن ما اكتشفه كانت جزيرة جامايكا التي وصفها بأنها أجمل جزيرة رأتها عينه "جبال مهيبة تتدحرج عند سفوحها أودية ملتفة، وفي البعيد تنبسط بسخاء حقول وسهول". أطلق عليها كولومبوس اسم سانت جيمس، وعرفت بين الأوراك (أبناء الجزيرة الأصليين) باسم Xaymaca وتعني "أرض الماء والخشب" أو "أرض الينابيع" ومنها جاء الإسم الحالي، جامايكا.


تاريخ مرهق


جامايكا، هي ثالث أكبر جزيرة في البحر الكاريبي، وأكبر الجزر الناطقة بالإنجليزية في منطقة البحر الكاريبي، ورغم استقلالها عن بريطانيا، لا تزال تعتبر الملكة اليزابيث الثانية ملكة جامايكا.


حين وصل كولومبوس إلى جامايكا في عام 1494 ادّعى ملكية أسبانيا للجزيرة. ولم يكتف الإسبان بسلب الأرض ولكنهم سلبوا حرية سكان تلك الأرض كذلك، فصار الأوراك عبيدا للإسبان حتى ماتوا جميعا تحت ضغط العمل الشاق. بعد ذلك جلب الإسبان العبيد الأفارقة إلى جامايكا واستخدموها كقاعدة للامداد والتموين دون طموح في استيطانها أو تطويرها.



في منتصف القرن الـ17 غزا البريطانيون الجزيرة ودخلوا في صراع مع الأفارقة الذين هربوا إلى المرتفعات الجبلية وبعدها بقرن تقريبا وقّع الطرفان معاهدة سلام، واستغل القراصنة الإنجليز الجزيرة كقاعدة بحرية للإغارة على الموانيء والسفن الإسبانية.


في القرن الـ 18 تطوّرت جامايكا وزادت المساحات المزروعة، فأصبح السكر المحصول الرئيسي للجزيرة التي اعتبرت في حينها أكبر سوق لتجارة العبيد في العالم الجديد. لكن يأتي العام 1838، ويقرر البرلمان البريطاني تحرير العبيد فتتدهور تجارة السكر وتحدث النزاعات بين أصحاب المزارع وفلاحيهم من العبيد المحررين حتى وصلت ذروتها في عام 1865 فيما عرف باسم "تمرد خليج مورانت".



قمعت السلطات البريطانية الحركة الاحتجاجية وألغت امتيازات إدارية سابقة لتصبح جامايكا خاضعة تماما لسيادة بريطانيا وتسري عليها أحكام مستعمرات التاج البريطاني.


في ثلاثينيات القرن الماضي نالت جامايكا مزيدا من السلطات السياسية مع تزايد مطالبات الساسة الجاميكيين، وفي الأربعينيات منحت بريطانيا الجزيرة دستورا يضمن لها حكما ذاتيا، وفي عام 1962 استقلّت جامايكا عن بريطانيا وانتسبت إلى الأمم المتحددة.


دهشة محفوظة للجزيرة الصغيرة


الجزيرة الصغيرة لا تكفّ عن إثارة دهشة المهتمين، فإلى جانب السواحل والشواطيء الرائعة والمناظر الطبيعية التي سحرت الكثيرين، وموسيقى الريجي التي أحدثت ثورة ثقافية تخطت حدود المحيط، يبدو أن لدى الجزيرة الساحرة أشياء أخرى تدخرها لإثارة الإعجاب



 جيمس بوند أصله جامايكي


جيمس بوند أو العميل 007 ولد في جامايكا، الكاتب الانجليزي إيان فليمنج، مخترع الشخصية الخيالية للعميل المخابراتي، كان يعمل فعليا في جهاز المخابرات البريطانية في إحدى فترات حياته، ووقتها كانت جامايكا مستعمرة إنجليزية لا تزال قبل أن تنال استقلالها في عام 1962، وجاء اسم الشخصية الشهيرة مقتبسا من كتاب "طيور جامايكا" كما أوضح فليمنج.


ولم يقتصر دور جامايكا على ذلك فقط ولكن فليمنج كتب قصة أولى أفلام سلسلة جيمس بوند في مدينة أوراكابيسا على ساحل جامايكا الشمالي، وبعد وفاته حوّلت الأراضي والمباني المملوكة لفليمنج في المدينة إلى منتجع سياحي فاخر باسم "العين الذهبية".


قهوة الجبل الأزرق


تشتهر جامايكا بإنتاجها لواحد من أفخر وأغلى أصناف القهوة تعرف باسم "قهوة الجبل الأزرق الجامايكي"، وكما يبدو من الاسم فهذا النوع تتم زراعته في منطقة محددة على ارتفاع 1000 إلى 1700 متر أعلى من مستوى سطح البحر، وتعود ملكية الأراضي المزروعة بذلك النوع إلى عائلة واحدة عقدت بدورها اتفاقية مع اليابان لتصدير 95% من إنتاجها إليها والـ 5% الباقية تصدّرها إلى باقي دول العالم.



مدينة تحت الماء


ترقد مدينة بورت رويال تحت الماء، وتأسست عام 1518، وكانت مركزا للتجارة في البحر الكاريبي. وتدمرت بفعل زلزال قوي ضرب الجزيرة في العام 1692، وتبعته موجات تسونامي ما تسبب في عرق المدينة بالكامل في أعماق المحيط.


وقد راح ضحية تلك الحادثة أكثر من نصف سكان المدينة، وظلّ هناك اعتقاد سائدا بأن سبب حدوث تلك الكارثة هو "الذنوب والأمور الغامضة" التي كانت ترتكب في هذه المنطقة.



الرستفارية


وهو مذهب ديني شهير يدعو للمحبة ونشر السلام بين الناس ويشكل أتباعه أقل من 2% من سكان جامايكا، وتعود أسباب نشوءه إلى السأم الذي اعترى الأفارقة ممن قدموا إلى جامايكا كعبيد نتيجة المعاملة السيئة التي كانوا يتلقونها، وأصبح لديهم إيمان ثابت بأن إفريقيا - وبالتحديد إثيوبيا - هي أرض ميعادهم التي ستنتهي فيها معاناتهم وآلامهم، ولذلك يلاحظ أن الألوان التي تميز الرستفارية هي ذات الألوان في العلم الإثيوبي، الأحمر والأسود والذهبي والأخضر.


ولأتباع الرستفارية طقوس مشهورة مثل الشعر الكثيف المجدول والقبعات المزهرة التي يغطونه بها، ولعل المثال الأشهر على ذلك هو مغني الريجي الأسطوري بوب مارلي، وارتبطت موسيقى الريجي ارتباطا كبيرا بهذا المذهب، وتضمّنت أغاني بوب مارلي الكثير نمن تعاليهما ومبادئها التي تقوم على مخاطبة الفقراء والمعدمين وتحدث عن الحب والسلام والوحدة.



الجبال الزرقاء


 تشتهر الجزيرة بجبالها زرقاء اللون والتي تقدم فرصة لعشاق المشي والتسلق ممرات جبلية للسير على الأقدام باطلالات ساحرة على الوديان، إلى جانب الاستمتاع بمشاهدة العديد من الطيور المهاجرة التي تحط على الجزيرة.