التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 03:00 م , بتوقيت القاهرة

5 من أبرز رسامي عصر النهضة

"عصر النهضة"، هو المصطلح الذي يتم الإشارة به إلى الفترة من القرن الـ14 وحتى منتصف القرن الـ17 في أوروبا، أي بعد انتهاء عصور الظلام الوسطى، وبداية المناداة بحرية الفكر وتجديده والخروج على الأطر الجامدة. وبدأت بوادر تلك النهضة الحضارية في إيطاليا ثم انتشرت إلى باقي أنحاء أوروبا.


تميّزت تلك الفترة بانفتاح المبدعين على تطوير الفنون، والسعي نحو خلق واقعية جديدة في تصوير ومحاكاة الطبيعة، حيث قاموا بدراسات متأنية للطبيعة والشخصية الإنسانية كتجسيد للثورة الثقافية والفنية، التي قامت ببعث شامل للآداب والفنون التي كادت أن تندثر.


ولم يبدأ الفنانون الرواد في ثورتهم من فراغ، ولكن بالاعتماد – كغيرهم من فناني المدارس المختلفة- على الثيمات الأدبية والدينية والميثيولوجية كموضوعات لإبداعاتهم. وقد شكّلت الموضوعات الدينية المصدر الأساسي لأعمال التصوير والنحت، حيث اغترف الفنانون من حياة المسيح والعذراء والقديسين، المعروفة على نطاق شعبي واسع، مضيفين إليها لمسة جديدة تمزج بين الطبيعة وشفافيتها، وأساطير الحياة اليومية.


ولم يتخلّ فنانو عصر النهضة عن النسب الطبيعية والأبعاد الرياضية في محاكاتهم للطبيعة والحياة المرئية المحيطة بهم، ومحاولاتهم للتغلب على مشكلات الواقع المنظور وتقديمه بشكل فني. ويرجع مؤرخو تلك الفترة ذلك، إلى تأثر عدد من أهم فناني عصر النهضة بالرسام الإيطالي بييرو ديلا فرانشيسكا بييرو ديلا فرانتشيسكا (1416-1492)، الذي كان أشبه بـOutsider Artist لقضائه أغلب حياته بعيدا عن فلورنسا التي كانت مركز الفن الإيطالي، وساهم في نشر الفن الحديث -في حينها- وبسبب اهتمامه بالرياضيات والنظريات الهندسة، تميزت لوحاته بصرامة هندسية تراعي نظريات المنظور في تصوير الأشياء، كما اعتمد على الألوان المشرقة والناعمة.


وإلى جانب فرانشيسكا، كانت هناك شروحات المعماري  فيليبو برونليسكي (1377-1446)، وتنظيرات ليون باتيستا ألبيرتي (1404-1472) لتطوير المنظور الخطي الواقعي، وصاحب ذلك تطوير الرسامين لتقنيات أخرى بخصوص الضوء والظلال. 



ونتعرّض لـ 5 فنانين إيطاليين، من أبرز رسامي عصر النهضة، ممن كان لهم دور ريادي في تطور فن الرسم.


ليوناردو دا فينشي ( 1452 – 1519 )


أشهر وأهم فناني إيطاليا في عصر النهضة الأوروبية. كان رساما وعالما ونحاتا ومعماريا، ويرجع تنوع إنجازاته ومواهبه إلى شغفه الدائم للمعرفة والفضول العملي. امتد تأثيره على الفن الايطالي حتى بعد وفاته، وقد وضع خلاصة فكره الفني في كتابه الشهير عن فن التصوير الزيتي، والذي يعرف باسم "نظرية التصوير".


ابن غير شرعي رعاه والده وأشرف على تعليمه وأدرك نبوغه مبكرا في فن الرسم. رحل إلى فلورنسا في شبابه لتعلّم النحت والرسم المعدني وقضى بها 30 عاما، ثم ذهب إلى ميلانو وقضى بها 20 عاما أخرى، أتبعها بـ19 عاما في الترحال المتأمل لمعنى الاتساق الكامن في الطبيعة.


طوّر دا فينشي كثيرا من فن التصوير، ووصلت تقنيات الألوان والضوء على يديه إلى مرحلة متقدمة، تمكّن فيها من تحويل الأصباغ الملونة إلى مرئيات حيّة. من أشهر لوحاته "الموناليزا" و"العشاء الأخير".



مايكل أنجلو  (1475 - 1564)


نحات ورسام ومعماري وشاعر إيطالي. اتخذ من الجسد البشري مركزا لأعماله الفنية. كان يؤمن أن مصدر الفن هو الأحاسيس الداخلية، التي تنتج من تأثر الفنان بالبئية المحيطة على عكس ما كان يدعو ليوناردو دا فينشي.


منحوتاته النابضة بالحياة تصدر إحساسا بقوة وعظمة الإنسان، كما أن أعماله التصويرية تتجلى فيها عبقريته النحتية، فتبدو وكأنها ستبرز من الجدار. وتأثرت أعماله الفنية بالفترة التاريخية التي عاصرها، بكل ما فيها من تعصب الكنيسة وتطرفها، كما شهد الطفرة العلمية بتبني العالم "كوبرنيكوس" لفكرة وجود الشمس، وليس الأرض كمركز المجموعة الشمسية.


كان لإنجازاته الفنية أثر كبير على فنون عصره والمراحل الفنية الأوروبية اللاحقة. عاش حياة طويلة وزاخرة بالنشاط، لم يتوقف عن العمل سوى قبل أيام من وفاته. كان مايكل أنجلو متسقا مع ما يؤمن به، فقد تفاعل بحماس مع متغيرات عصره، وعبّر عن ذلك منذ حداثه سنة. نذكر مثلا منحوتته الجدارية بعنوان "معركة سانتاروس"، التي أنجزها وهو في السادسة عشرة من عمره، واستلهم موضوعها من أسطورة الخلق الإغريقية.


أنجز الفنان العديد من الأيقونات الدينية وأسقف الكنائس الرائعة، واستطاع ترجمة قصص الكتاب المقدس إلى لوحات زاهرة، ولعل أبرز تلك الأعمال هي لوحة "خلق آدم"، التي تعتبر إحدى قمم فن عصر النهضة، ورسمها  بين عامي 1508 و 1512 على سقف كنيسة سيستينا فى الفاتيكان، وهي أكبر لوحة فنية على سقف الكنيسة، وتُجسّد تصور مايكل أنجلو الفني لقصة خلق الإنسان، كما وردت في أناجيل العهد الجديد.



رافاييل ( 1483 - 1520)


ولد في بيئة فنية، ما سمح بتتلمذه في سن صغيرة على يد عدد من الفنانين. انتقل بعدها إلى فلورنسا فتأثر بأهم رموزها مثل دافينشي ومايكل أنجلو. يعد  واحدا من أعظم رسامي عصر النهضة الإيطالية وأكثرهم تأثيرا.


تميز أسلوبه بالرقة والعمق والجمال، وعنايته بانعكاس مشاعر كل شخصية في لوحاته، إلى جانب حساسيته في محاكاة المناظر الطبيعية والمعمارية وانتقاء الألوان، والجمع بين دقة التنفيذ وتناغم الخطوط.


 اكتسب مكانته وصيته كفنان فذّ بين جيله بعد رسمه جدارية "مدرسة أثينا في ستانزا ديلا سيجناتورا"، التي أنفق لإنجازها الكثير من البحث والدراسة والتخطيطات، أظهرت طاقته الهائلة في الابتكار والإبداع، ودشّنت أسلوبه القائم على التدرج اللوني والمواضيع الهادئة والمناظر الواسعة. وعكست لوحاته المسيحية ورعه الديني والتزامه.


كان رافاييل فنانا غزير الإنتاج، ورغم وفاته المبكرة في السابعة و الثلاثين، ترك لنا مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية التي تشهد على عبقريته. لم ينل تلك الحظوة في حياته، نظرا لوجود مايكل أنجلو الساحق، ولكن بعد سنوات طويلة أعيد الاعتبار لأعمال رافاييل كنماذج أصيلة على التناغم الهاديء والرقة الدافئة.



ساندرو بوتيتشيلي (1445 - 1510)


 أحد رموز الحركة التشكيلية الايطالية في عصر النهضة، وتنبع أغلب لوحاته من الموضوعات الدينية والميثولوجية الإغريقية في مسحة من المثالية والبساطة. عاش بفلورنسا وعمل لصالح عائلة ميديسي، حيث أبدع الكثير من أعماله لزخرفة منازلها. وعلى عكس أقرانه من فناني فلورنسا، لم يشاركهم الاهتمام بالطبيعة وموافقة تصوير المناظر ذات الأبعاد لقوانين المنظور، ولكن تميّزت لوحاته بالخطوط الواضحة والألوان الهادئة والزخارف المتعددة.


يمكن تقسيم أعماله إلى قسمين: دنيوي وديني، صوّر فيها المتع الحسية والأساطير إلى جانب اللوحات الملحمية، التي تتعرض لموضوعات دينية. في مرحلة متأخرة من حياته حرق بعضا من لوحاته غير الدينية، واقتصر رسمه على اللوحات الدينية فقط بقية حياته.


من أشهر لوحاته واحدة بعنوان "ميلاد فينوس"، أنجزها في عام 1487، ويجسد فيها الفنان الإلهة فينوس – إلهة الحب والجمال لدى الرومان – لدى خروجها من البحر.



تيتيان (1490 – 1576)


من أشهر الرسامين الايطاليين في القرن السادس عشر. قضى فترة في تعلم الرسم تحت إدراة جيوفاني بليني، وتأثر بصديقه الفنان جيورجوني إلى أن نجح في لفت الأنظار في أوروبا، فعمل لدي باباوات روما، وصار مطلوبا لدى أباطرة أوروبا وملوكها، مثل فرانسوا الأول وفيليب الثاني وشارل الخامس وفرديناند الأول.


عرف تيتان باستخدامه للألوان الفاتحة، والإيحاء بامتزاج الألوان في لوحاته، وتأثر بأسلوبه عدد من كبار رسامي أوروبا مثل رامبرنت وبول روبنز. وتشمل أعماله تصويرات ورسومات للأساطير والمشاهد الدينية، وكذلك المشاهد الطبيعية والبورتريهات الشخصية.


في لوحاته الطبيعية، اهتم تيتان بإبراز الألوان المبهجة، وفي الرسومات الدينية برع في تكنيك التدرج اللوني للون الواحد، وتوزيع الظلال والضوء على أجزاء اللوحة وشخصياتها، أما في البورتريهات الشخصية فقد اهتم بإبراز دواخل الشخصيات بأسلوب هاديء أعطى لها لمسة إنسانية جليلة، وخلال مسيرته الفنية الطويلة، أنجز الكثير من الأعمال، التي رسّخت مكانته كأحد أبرز الرسامين في تاريخ الفن.