التوقيت الأربعاء، 01 مايو 2024
التوقيت 05:30 م , بتوقيت القاهرة

the cut.. فيلم عن صوت الأرمن المفقود

في 24 أبريل عام 1915، حدثت إحدى أثقل المذابح في التاريخ، حيث كانت بداية التهجير القسري والإبادة الجماعية للأرمن من قبل الجيش العثماني، ويتفق معظم المؤرخين على أن أعداد القتلى من الأرمن تجاوزت المليون، بينما تدعي تركيا أنهم لا يزيدون عن 300 ألف.


يبدو ذكر المذابح في السينما أحيانا محاولة لطلب الصفح والغفران، لكن المذبحة المهملة في التاريخ أهُهملت بالتبعية سينمائيا، ولم تُذكر المذبحة في السينما إلا قليلا في بعض الأفلام الوثائقية والروائية، أهمهم فيلم "La masseria delle allodole" للأخوان فيتوريو ووباولو تافياني، إنتاج عام 2007، وفيلم "Ararrat"  للمخرج أتوم إيجويان، إنتاج عام 2002، ولكنها تبقي قليلة مقارنة بمئات الأفلام التي صُعنت عن الهولوكوست.


فاتح أكين، المخرج التركي الألماني، صاحب فيلم "حافة الجنة the edge of heaven"، قدم مؤخرا فيلم "the cut" أو القطع، إنتاج 2014، ليروي فيه أحد وجوه معاناة الأرمن التاريخية.


في قرية "ماردين" جنوب تركيا قرب الحدود السورية، يترك الأرمني المسيحي "ناثاريت طاهر رحيم" زوجته وابنتيه التوأم، بعد تجنديه إجباريا من قبل الجيش العثماني في أثناء الحرب العالمية الأولى، وتبدأ رحلة المعاناة والشتات مع آلاف الأرمن، يقودهم فيها الجيش العثماني إلى الصحراء ليعانون الجوع والعطش حتى تتم الإبادة الجماعية التي لم ينج منها إلا القليل.


ينجو "ناثاريت" من المذبحة ولكنه يصاب بقطع في رقبته، إثر ضرب حنجرته بالسكين على يد أحد الجنود، ويفقد القدرة على الكلام، ثم يواصل "ناتاريث" رحلته الصامتة للنجاة من الموت الجماعي و يهاجر إلي سوريا ليعمل بمصنع للصابون.في الجزء التاني من الفيلم يعرف البطل مصادفة من أحد الناجيين من المذبحة أن زوجته وابنتيه قد نجوا مثله، ويبدأ في رحلة أخرى للبحث عنهم تستمر لسنوات، يركض خلالها ليتعقب أثر الأرمن في الأردن وبورسعيد ولبنان وأمريكا حتي كوبا عله يجدهم.



 يعتبرصمت البطل الأبكم الذي فقد صوته في المذبحة أحد العناصر الأساسية في الفيلم، وربما يشبه ذلك الخرس الذي انتهجه الأتراك والعالم أعواما طويلة تجاه مذبحة الأرمن، في إحدى مشاهد الفيلم، تدمع عينا البطل في أثناء مشاهدة فيلم the kid لشارلي شابلن، الذي يشبهه هيئةً ومضمونا في رحلته الخرساء التي قُطِع فيها حرفيا ومجازيا من أسرته ومن بيته، وقُطعت فيها المذبحة ككل من ذاكرة التاريخ.


الخلفية التي أتى منها "أكين" هي أسرة تركية مسلمة تنكر المذبحة مثل معظم الأتراك، ظلت المذبحة في مخيلته لسنوات، يقول "أكين" أنه لم يترك وثيقة إلا وتتبعها محاولا البحث عن معالم الحقيقة، نظرا لقلة المعلومات عنها، حتى وجد ضالته في رواية "الأيام الأربعون لجبل موسى" (The Forty Days of Musa Dagh)، للكاتب النمساوي" فرانز ورفل "الذي يصف مقاومة الأرمن للأتراك، فيلم أكين يحمل شحنة عاطفية قوية، لا يمكن تحميل الفيلم رسالة تعليمية أو معلوماتية للتذكير بمذابح الأرمن، فأكين يري أن فيلما لن يغير التاريخ، فهو يروي قصة حيادية لم يبرأ فيها أكين أحدا، بل رأى أن أي إنسان له القدرة على القتل عندما تتاح له الفرصة.



شارك "أكين "في كتابة الفيلم "مارديك مارتين" الكاتب الأمريكي، صاحب فيلم Raging Bull ،Newyork Newyork للمخرج "مارتن سكورسيزي "،"أكين "شارك أيضا في إنتاج الفيلم الذي بلغت ميزانيته 21 مليون يورو.