التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 11:07 ص , بتوقيت القاهرة

في ذكري وفاة"جاهين".. عودة لبداية القصيدة

و“الشوارع حواديت


حواداية الحب فيها .. و حواداية عفاريت


اسمعى يا حلوة لما أضحك


الشارع ده كنا ساكنين فيه زمان


 كل يوم يضيق زيادة عن ما كان


 أصبح الآن بعد ما كبرنا عليه


زى بطن الأم مالناش فيه مكان‘‘


كلمات صلاح جاهين عن الشارع، الذى لم يعرف سواه، بحث فيه عن حكايات ليكتبها، وترك عينيه تتفحص وجوه عابريه، ليصنع منها قصائد، أخذ الحزن والكآبة منه، وحولهما إلى بهجة وأمل، فى أغان وأفلام ورسوم، خرجت من تحت قلم لم يأت حتى هذه اللحظة ما يشبهه.


فى ذكرى وفاة "أبوصلاح"، كما كان يلقبه المقربون منه، ذهبنا إلى حي شبرا، وتحديدًا شارع جميل باشا، هذا المكان الذى ولد فيه "جاهين" قبل 85 عاما، والذى لم يكن الوصول إلى منزله الواقع بهذا الشارع سهلا، بل احتاج لسؤال أشخاص عدة، تدل إجابة كل منهم لثنايا أزقة ضيقة، متفرعة من الشارع ذاته، حسبما تأخذهم ذاكرتهم عن بيت صلاح جاهين.


"الشارع ده رحنا فيه المدرسة


اللى باقى منه باقى


و اللى مش باقى اتنسى


كنسوه الكناسين بالمكنسة


ييجى دور لحظة أسى


أنا برضه كمان نسيت"


رجل في منتصف السبعينات، يقف فى المحل الصغير الخاص به بشارع جميل باشا، اتفقت أراء أغلب الموجودين فى الشارع على أنه أقدم السكان فى المنطقة، ولديه علم بمنزل عائلة صلاح جاهين، وعند سؤاله، ابتسم وجهه قائلا: "البيت اللى جنب المحل على طول".  


"الشارع ده أوّله بساتين


و آخره حيطة سد


ليا فيه قصة غرام


ما حكتش عنها لأى حد


من طرف واحد..و كنت سعيد أوى


بس حراس الشوارع حطوا للحدوتة حد"


يحكى "عم على": "البيت ده صاحبه حسين المنسترلى، مؤلف أغانى، أشهرها وحوى يا وحوى، وكان علاقته جيدة جدا بعائلة صلاح جاهين، اللى كانت ساكنة فى الدور الثانى من البيت، وهما ناس كويسين عمرنا ما سمعنا عنهم حاجة وحشة".


"شبرا منطقة مشهورة بالفنانين".. يقول تلك العبارة، ويشير بأصبعه إلى العمارة المواجهة لبيت "جاهين" :" هنا كانت ساكنة الفنانة زوزو نبيل، والعمارة اللى فى آخر الشارع كان ساكن بليغ حمدى، وهو وصلاح جاهين كانوا أصدقاء جدا، وبيزوروا بعض تقريبا كل يوم".


"الشارع ده شفتك انتى ماشية فيه


لابسة جيب.. و بلوزة وردى


و عاملة ديل حصان وجيه


اتجاهك فى اتجاهى..مشينا ليه


و الشارع دا زحام و تيه


بس لازم نستميت"


لصغر سنه آنذاك لم يتذكر "عم على" والد صلاح جاهين أو جده الصحفى أحمد حلمى، الذى سميت باسمه منطقة أحمد حلمى الشهيرة، الواقعة بين منطقتى رمسيس وشبرا، لكنه يؤكد أنها عائلة كان لا يجهلها أحد فى المنطقة منذ أكثر من 70 عاما، حسبما سمع من والده.


صعدنا على السلالم المتهالكة، إلى شقة صلاح جاهين، فى الدور الثانى من البيت المكون من أربعة أدوار، والتى وجدناها مغلقة، وأخذت "الخردة" مكانها أمام الباب الخشبي، حتى أخفت واجهته، فلم يظهر من معالمه سوى القفل الكبير، الذى يتوسطه وكسته الأتربة بالكامل، مشيرا إلى أن الشقة لم يسكنها أحد منذ سنوات طويلة.


"والشوارع حواديت


حواداية الحب فيها


و حواداية عفاريت


و اضحكى يا حلوة لما اسمّعك”