التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 01:00 م , بتوقيت القاهرة

ألكسندر بوليكيفيتش يتألق ببدلة رقص لإحياء تراث كباريهات مصر

يبدو أن الرقص الشرقي لم يعد حكرا على النساء فقط، فكما اقتحمت النساء العديد من المجالات التي تعتمد على الرجال بشكل أساسي كقيادة التاكسي والسباكة وغيرهما، اقتحم الرجال أيضا مجال الرقص الشرقي، وأصبح هناك راقصون من الرجال ينافسون الراقصات.


ألكسندر بوليكيفيتش، 33 عاما، لبناني الجنسية، يؤدي عروضا للرقص البلدي ببدلة رقص نسائية، بهدف التوعية بالمخاطر التي يواجهها المجتمع بعد الثورات العربية، معتبرا أن الرقص يحرر الجسد، وإذا تحرر الجسد تحررت أفكار الإنسان وطريقة نظرته للعالم.


كانت بداية ألكسندر عام 2009، من خلال تجربته الأولى على أحد مسارح بيروت، في عرض "محاولة أولى"، الذي ظهر فيه لأول مرة أمام جمهوره ببدلة رقص، وتعرض بعدها لمزيج من ردود الفعل المتضاربة في أثناء تجوله بشوارع لبنان، التي تنوعت بين الإغراء والسباب والمضايقة والحفاوة والتحقير، ما جعله يرصد هذه التفاعلات البشرية المتباينة.


وفي ديسمبر 2011، كان عرضه الثاني "تجوال"، على مسرح دوار الشمس في بيروت، واضطر بوليكيفيتش إلى بيع سيارته لإخراجه، بسبب غياب الإنتاج والدعم الفني خلال هذه الفترة.


واستعان ألكسندر بصوت المغنية ياسمين حمدان في عرضه، حيث كان يرقص ويتمايل على موسيقاها مصحوبة بالكلمات والصفات التي سمعها ورصدها من الناس في الشارع، مثل: "يا مخنث"، "ليك شو ها المنظر"، "إن شاء الله تموت".



وينتقل مضمون الفن الشعبي، الذي يقدمه ألكسندر، من مستوى التسلية والترفيه إلى مستوى آخر يطرح موقفا إنسانيا مثل الاغتصاب الجماعي في ميادين مصر والتطرف والإرهاب وحرية الإنسان بشكل عام.



وفي عام 2013، دمج بوليكيفيتش العديد من التسجيلات الصوتية لعدد من الإرهابيين يتحدّثون خلال العمليات التي يخططون لها، وشيوخ متطرّفين ينادون بقمع المرأة وتعنيفها، وبعض الأصوات التي تقر بأن الرقص البلدي صناعة للنساء فقط، في الوقت الذي ينهال فيه بوليكيفيتش بحركات تهز جسده متحدّيا جميع الخطابات القمعية والمتطرفة، جاء ذلك من خلال لوحات فنية قدمها على مسرح دوار الشمس في عرض بعنوان "إلغاء".


ورغم النقد الشديد الذي يوجه له في الفترة الأخيرة، يستشعر بوليكيفيتش بتقبل الناس لما يقدمه من فن، معللا ذلك بأن العديد من الناس يصفون المجتمعات العربية بالرجعية والتخلف، لكنهم في داخلهم يعشقون الاختلاف وإن لم يكن ظاهرا عليهم.


ويرفض ألكسندر أن تكون الفئة المثقفة فقط هي جمهوره، حيث يأتي إليه العديد من خلفيات ثقافية متباينة بدافع الفضول لمشاهدة رجل يرقص ببدلة رقص.



نظرة المجتمع لرقص الرجال


يرى ألكسندر أنه يجب على المجتمع العربي أن يعيد نظرته ومفهومه لفكرة رقص الرجال، وأن الرقص الشرقي لم يعد يقتصر على النساء فقط، حيث يرقص العديد من الرجال في الأفراح أفضل من نساء كثيرات، مؤكدا أن الرقص فن محترم، فإذا فهم الناس لغة الرقص وحركة الجسد سينسون تماما جنس مؤدي الرقصة.


كما يشجع بوليكيفيتش الراقصات البدينات، معتبرا الرقص ليس حكرا على نوع معين من الأجسام، متسائلا: "من يقرر جمالية الشيء؟" حيث إن الجمال شيء شخصي بحت يختلف من شخص إلى آخر.


وينتقد ألكسندر من يدعون أن الرقص مقتصر على النساء ذوات القوام المثالي، باعتباره مفهوما خاطئا يجب على المجتمع العربي إدراكه، موضحا أنه كرجل لم يبتذل يوما الرقص البلدي، مؤكدا: "احكموا على الحركات وتأديتي للرقص الذي أقدمه وأدينوني لو قمت بشيء مبتذل، لكن لا تحكموا على نوع الجسد إذا كان لرجل أو امرأة".


 


أرقص لعودة الحياة لكباريهات مصر من جديد


في يوم 13 أبريل الماضي، أحيا ألكسندر عرضا بعنوان "بلدي يا واد"، على مسرح مترو المدينة، في بيروت، وفيه تنقلب الأدوار تماما، حيث يرقص الرجل ويتمايل على أصوات النساء وعزفهن.


شارك بوليكيفيتش في هذا العرض، بهدف إعادة إحياء تراث كباريهات مصر، التي لم تعد كسابق عهدها من قبل، ففي الفترة ما بين الخمسينيات والسبعينيات كان هناك العديد من الراقصات، لكن الآن لا يوجد إلا القليل منهن، ولا يتجاوز عددهن أصابع اليد الواحدة، في حين أصبحوا في الغرب يهتمون بالرقص الشرقي أكثر من العالم العربي والمصريين.


وتساءل ألكسندر خلال حديثه عن العرض: "لا أعلم لماذا أصبحت كلمة كباريه موصومة بالعار، بعد أن كانت مصدرا للفن المحترم، حيث كان يُقدّم به العديد من الفنون التي تتسم بالمرح والتسلية"، مؤكدا أن المجتمع تراجع فكريا، باعتبار الرقص الشرقي دعارة وشيئا مبتذلا.


وشدد بوليكيفيتش على ضرورة احترام المجتمع للرقص، قائلا: "لكي نستطيع أن نفرض على المجتمع احترام الرقص، يجب أن يكون له مضمون وهدف، لذا قررت الرقص وتقديم هذا العرض، لاستعادة قيمة فن ضاع مع الزمن، وأتمنى الذهاب إلى مصر لتقديم عروض راقصة".