التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 06:01 ص , بتوقيت القاهرة

بول ماكرتني.. النباتي الذي صنع ثورة الموسيقى

كان يعلم أنه في مشكلة ذلك الصباح، عندما لم يتمكن من رفع رأسه من أعلى الوسادة. استيقظ مطأطئا رأسه، ويشعر بأن جمجمته بلا وزنٍ يُذكر. جاءت على باله فكرة سوداوية، "إن لم يبذل جهدًا ليخرج يسحب نفسه خارجًا، فإنه سيموت مختنقًا هنا".


هكذا يصوّر الكاتب توم دويل في كتابه "الرجل هاربًا: بول ماكرتني في عام 1974"، الصادر العام الماضي، حالة ماكرتني الذي قرر في هذا اليوم، 10 أبريل. ورغم أن الجميع كان يرجع انفصال الفرقة إلى "يوكو أونو"، أرملة المغني والشاعر الغنائي جون لينون، إلا أن ماكرتني نفى ذلك، وقال في أحد تصريحاته: "يوكو لم تكن السبب وراء انفصالنا على عكس ما يردد معظم المعجبين".


ماكرتني في اللقاء ذاته وجه أصابع الاتهام إلى مدير الفريق براين إيبستاين، المتوفي في 27 أغسطس عام 1967. ربما لأن بوفاة الرجل، فقد ماكرتني الثقة في كل شيء، فلم تكن العلاقة بينهما قائمة على العمل فقط، بل حب ومودة دائمين. كان ماكرتني يرى أيضًا أنه لولا وجود يوكو في حياة لينون، لما أنجز أغنيات فارقة أمثال: Imagine وwoman.



لم يكن ماكرتني مجرد مغنٍ في الفرقة، بل كانت له مساهماته في كتابة الأغاني وتأليفها. كان "ألفة" الفرقة إن صح أن يُطلق عليه ذلك. إحدى الحكايات الطريفة أن لينون كان قد انتهى من أغنية "The Ballad of John and Yoko"، ولم يجد أحدًا في الجوار لتسجيلها في اليوم ذاته، فطلب من ماكرتني أن يعلب الدرامز في الخلفية الموسيقية، أمسك لينون العصا وبدأ بالنقر حتى انتهوا من تجسليها.


وعلى خلاف العازف الآخر ولاعب الدرامز رينجو ستار، كان ماكرتني يتمتع بقدرة هائلة على تطويع الآلات الموسيقية. كما ساهم بشكلٍ واسع في الفن التشكيلي، وجمع أعماله الفنية في كتابٍ ومعرض فني، تجاوزت فيه الأعمال 70 لوحة في مدينة ليفربول.


داخل فرقة "البيتلز"، كان ماكرتني الأكثر سخاءً يعمل بجدّ؛ كي يجمع الأموال من أجل الأعمال الخيرية وتطوير الأبحاث العلمية. فقد سجل مع فرقته ألبوما لصالح شركة "EMI"، التي كانت تعمل على جهاز أشعة المسح فوق الحمراء. وعندها تمكنت الشركة في عام 1970 من تطوير الجهاز، حسبما أشار موقع "The Richest".



لطالما آمن ماركتني بالمنافسة الشريفة، كان يعرف أن لكل شيخ طريقته. لم يكن حاقدًا على فريق الرولينج ستنوز وخصوصًا مايك جاجر، فقد أعطاه إحدى الأغنيات ليسجلها بعد أن حققت نجاحًا ساحقًا في بريطانيا "I Wanna Be Your Man)".


أسلوب الرولينج ستنوز في الغناء يختلف إلى حدٍ بعيد عن فلسفة "البيتلز" الغنائية. أغنياتهم التي تأثرت كثيرًا بمغني الوسط الأمريكي تشك بري ومدي ووترز. لكن المنافسة الحقيقة كان يراها ماكرتني مع فريق "بيتش بويز" الأمريكي. كان يرى أن ألبوهم "Pet Sounds" واحدًا من أهم الألبومات في تاريخ الموسيقى، وكان يرشحه لأي شخصٍ يعرفه.


كان منبهرًا بأداء براين ويلسون على الجيتار. لكن لا يُمكن أن نغفل عن قدرة ماكرتني في التلاعب بأوتار الآلة، التي ساهمت في تشكيل موسيقى "Heavy Metal" بداية من أغنيات الروك الثقيلة التي لعبها "البيتلز" في البدايات مثل "A Hard Day’s Night" و"Words of Love".



عشق ماكرتني السينما وبجانب تمثيله مع فريق "البيتلز" في أفلام مثل "Help - 1965"، و"A Hard Day’s Night – 1964). لكنه شارك في الموسيقى التصويرية وكتابة الأغاني لفيلم "Live and Let Die"، أحد أفلام سلسلة "جيمس بوند" مع ليندا ماكرتني.


ظلّ معشوق الجماهير في حفلاته المختلفة، وفي البرازيل عام 1989 حطّم رقمًا قياسيًا، عندما حضر تلك الحفلة أكثر من 350 ألف شخص. ربما أدرك ماكرتني من البداية أنه سيكون مغنيًا وعازفًا معًا، لذلك استبدل هدية عيلاد ميلاد الرابع عشر بالجيتار بدلاً من الترومبيت. لكن هذا النباتي المحب للحياة يتزوج للمرة الثالثة، ويدفع 46 مليون دولار لتسوية الطلاق قبل أن يشارك ملك البوب الراحل مايكل جاكسون الغناء في "Say Say Say". والتي بدورها حطّمت أرقامًا قياسية.