التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 07:06 ص , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (13)

إحنا قدام كذا سيناريو بـ خصوص فيلم "شمشون ولبلب" وتحوله إلى "عنتر ولبلب"، كلهم سمعتهم من ناس معاصرين، وكلهم مكتوبين في مقالات:

الأول، إن إسرائيل اعترضت وقت ظهور الفيلم سنة 1952، على اختيار اسم شمشون لـ بطل القصة، وهددت بـ رفع قضايا دولية، فـ صناع الفيلم سحبوه، وقرروا يغيروا الاسم.

اللي بـ يدعم السيناريو ده، اهتمام إسرائيل فعلا بـ التفاصيل الصغيرة دي، لـ درجة إن الكاتب نبيل فاروق، والناشر حمدي مصطفى، لما قرروا يعملوا سلسلة للناشئة عن بطل مخابرات مصري، اللي هو أدهم صبري، ما كتبوش اسم إسرائيل ولا مرة بـ اعتبارها الدولة المعادية اللي بـ يواجهها صبري، واللي بـ تنتمي لها سونيا جراهام، تجنبا لـ أي صدام قضائي مع تل أبيب.

فـ إذا أضفنا لـ كده الوجود الإنجليزي في مصر وقتها، وهيمنتها على الأمور بـ شكل أو بـ آخر، يبقى الكلام منطقي نسبيا، خصوصا إن مفيش، على حد علمي، أي أفلام أو أغاني هاجمت إسرائيل بـ الاسم لـ فترة طويلة.

التاني، إن يهود مصر هم اللي اعترضوا مش إسرائيل، وفيه كلام إن حاييم ناحوم بـ نفسه هو اللي اعترض رسميا على الفيلم. وناحوم مكنش حاجة قليلة، كان الحاخام الأكبر لليهود في مصر، وتعيينه حاخام أكبر صدر بـ مرسوم ملكي، قبل ما ياخد الجنسية المصرية بـ أربع سنين، لأنه أصلا تركي، وجه مصر كبير.

ناحوم كان عضو برلمان، وعضو مؤسس في مجمع اللغة العربية وكان محبوب من الأوساط الثقافية والسياسية المصرية، ولما حصل العدوان الثلاثي على مصر 1956، من فرنسا وإنجلترا وإسرائيل، الصحافة المصرية أبرزت بيان له بـ يهاجم عدوان إسرائيل على مصر، وفي البيان ده، هو اللي صك وصف "الغاشم" للعدوان، ومن ساعتها وهو بـ يتقال "العدوان الثلاثي الغاشم" على بعضها كده.

فـ لو ناحوم اعترض على استخدام اسم لـ شخصية يهودية على شخص مجرم مغتصب، أعتقد كلامه هـ يبقى محل قبول، خصوصا في ظل حرص يهود مصر على عدم الربط بين الصهيونية كـ حركة سياسية، واليهودية كـ دين.

التالت، إن رجال يوليو ماكانوش عايزين يدخلوا في وجع قلب ودماغ، فـ فضلوا تجميد أي أعمال ممكن تتسبب في صدامات لـ حد ما نشوف الدنيا هـ ترسى على إيه، وتروح في أي اتجاه، واللي يدعم كده إنه مش بس "شمشون ولبلب" اللي اترفع من السينمات، واتحط في العلب، دي مجموعة أفلام منها مثلا "مصطفى كامل" لـ أحمد بدرخان، وفيلم تاني اسمه "كيلو 99" بطولة إسماعيل ياسين، وله أكتر من مخرج، بس الإشراف الفني في النهاية كان لـ عباس كامل. والأفلام دي مش موجودة بـ تتراتها الأصلية، كلها تترات اتعملت بعدين.

كمان فيه ناس عطلت أفلامها بـ نفسها، زي البرنس أنور وجدي، اللي وقف فيلم "دهب" لـ حد ما يشوف الدنيا رايحة فين، ولما لقاهم بـ يعملوا مصادرات لأراضي وأموال وألقاب الباشوات، راح كاتب ع الأفيش "الفيلم الاشتراكي الاستعراضي الكبير .. دهب".

الرابع، إن الفترة نفسها كانت أكبر من الفيلم بـ شكل عام، فـ راح في الوبا لما اترفع من السينمات، ودخل طي النسيان زي مصطفى كامل وكيلو 99 وغيرهم، ولاحظ أنه مكنش فيه تلفزيون وقتها.

لما جه التلفزيون يشتري حق عرض الفيلم، كان ده أيام السادات، وكنا دخلنا في معاهدة سلام مع إسرائيل، فـ السلطة وقتها شافت إنه فيلم ظريف بس يعني ما يستحملش وجع دماغ مع ولاد العم، فـ اشترطوا تغيير الاسم، وقد كان.

إيه حصل فعلا؟

ما أعرفش، فعلا ما أعرفش، ووارد جدا إنه يكون كل ده مع بعض، إسرائيل اعترضت، ويهود مصر اعترضوا، ويوليو مش عايزة وجع دماغ، فـ الفيلم اتركن لـ حد ما اتعرض في أواخر السبعينات.

بس تغيير الاسم استلزم تغييرات تانية

نشوفها بقى مع الفيلم نفسه الحلقة الجاية