التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 07:41 م , بتوقيت القاهرة

كلام خشن

"يتجاهلني تمامًا طوال اليوم، ثم يأت آخر الليل يريد أن ينام معي. كم أكره ذلك"جارى تشابمان على لسان إحدى الزوجات فيكتاب "للحب خمس لغات"

ذكرتُ لأصدقائي في الأسبوع الماضي أن مقالي اليوم سيكون لبني جنسي، ولأني اليوم أوجه كلامي للرجل المتزوج، الذي اعتبرته زوجته مسؤولاً مباشرًا عن كونها "عجوز.. تحت الثلاثين"، فكان علىَّ أن أبدأ بالمقولة المذكورة أعلاه على لسان إحدى الزوجات التي لا أشك لحظة أنها إحدى تلك العجائز صغيرات السن، فماذا يكون أكثر شدًا لانتباه الرجل السوي وإيلامًا له من أن يُدرك كم تكره زوجته لقاءه في الفراش!

عقَّب جارى تشابمان، مؤلف الكتاب، على عبارة هذه الزوجة بأنها تنزف احتياجًا للعاطفة.

تخيل معي زوجتك وهي تدير شؤون المنزل واحتياجات سيادتك وأطفالكما وعملها، إن كانت تعمل، وينتهي أكثر من ثلثي اليوم بدون أدنى حديث بينكما؟  أعلم أننى أتحدث عن الكثير من النماذج المختلفة التي يستحيل حصرها وتعميمها في نموذج واحد ولا يهمني شكل النموذج بالتحديد.

لكما أطفال أم لم ترزقا بعد!

زوجتك تعمل أو لا تعمل!

تشارك ببعض الدخل في ميزانية المنزل، أو أنت المسؤول المادي الوحيد!

تدير شؤون المنزل بنفسها، أو أنك استقدمت لها من يساعدها في ذلك، أو حتى أنها تترك لك "غسيل المواعين" كل ليلة!

ضع كل الاحتمالات وضرِّب بينها واستخدم التباديل والتوافيق إلى أن تحصل على النموذج الممثل لحياتك، فما يهمني هو ما آلت إليه حياتكما!

أيًا كان نموذج حياتك، هناك نوع تكون فيه كل الأمور على ما يرام، كل من الزوجين له دور متفق عليه، أو غير متفقٍ عليه، ولكن تم التكيف عليه، "والحياة ماشية".. لكن تحت هذه الطبقة من "كل الأمور تمام" يكمن الاعتراف بأننا لسنا على ما يرام. هناك رتابة.. هناك صمتٌ مطبق في المكان، حتى وإن كنتما تتشاجران، هناك جزء منك لا يتبادل معها الحديث! وهنا السؤال، لماذا؟

التغيير يا صديقي. تغيّرت الاهتمامات، فتوقف الكلام. وأول من يشعر بذلك هي الزوجة. الكثير من الأزواج تعليقًا على مقالي السابق تصور أن في اهتمام الزوجة بوقت خاص لنفسها لتمارس فيه ما تحب راحةً لباله من "زن" زوجته التي لا تكف عن الشكوى بتجاهله لها.

أفعلاً يكون ذلك حلاً؟ أم يكون انفصالاً مقنّعًا؟

الطبيعي أن يكون لكل منكما اهتماماته الخاصة والتي قد تكون مغايرة عن الآخر، لكن الطبيعى أيضا أن تتحدثا عن تلك الاهتمامات، أن تتحدث معها عن اهتماماتها، وعن هذا الوقت الذي قضته بدونك في عملها أو في ممارسة تلك الاهتمامات (هذا بفرض تسامحك وإعطائها الفرصة لذلك).

كيف يكون حديثكما إنْ تم؟

أتتحدث إليها وأنت تنظر إلى الأخبار أو إلى الكمبيوتر أو تنظر إلى الكتاب الذى تقرأه؟ أم تنظر إلى عينيها مباشرةً؟

صديقي العزيز: العلاقة الزوجية تمر بإحدى قوتين:

أولاً بقوة لا إرادية تحكمها الهرمونات لعلاقة عاطفية غرائزية (وليس معناها جانب جنسي فقط، بل حتى الحب الجيّاش)، وقد تستمر هذه المرحلة إلى بعد الزواج بقليل.

وثانياً قوة إرادية وجهد مبذول بوعي تام ينتج عن اختيار حر لبذل هذا الجهد. وهنا فقط يكون الحب الحقيقى.

لقد كنت تتحدث إليها وأنت تنظر إلى عينيها بملء عينيك وأنت محكوم بالقوة الهرمونية، فماذا تفعل الآن وأنت حر الإرادة والاختيار؟ لقد كنت تشاركها كل صغيرة وكبيرة بلا وعي، فكيف تتصرف وأنت كامل الوعي والانتباه؟ إن كنت لا تفعل الآن لأنك في لا وعيك تشعر بأن زوجتك مضمونة الوجود معك، فتأكد يا صديقي أن الدنيا تتغير، وأن العلاقات لا تُباع بضمان الوكيل، بل تُشترى بضمانك أنت. وإن كانت اهتمامتك الآن مختلفة عن اهتمامات زوجتك، فليس من المطلوب ترك ما تهتم به لأجلها، إطلاقًا، بل إن تحدثها عنه وأن تجعل لها وقتها الخاص لتحدثك عن ما تهتم هي.

أرجوك إن كان لكما أطفال فلتعلم جيدًا أن أطفالكما كائنات منفصلة عنكما ويصح أن تخرجا سويًا بدونهم بين فترة وأخرى. أرجوك إن أرادت أن تتحدث إليك فاترك ما تشاهده أو تفعله وانظر إليها واستمع، وإن كنت مشغولاً فاستأذنها أن تؤجل حديثها لحين أن تنتهي، لكن إياك أن تنساها. قدم لزوجتك الاعتذارات عن انشغالك، وتحدث إليها أثناء عملك فى أي فرصة ممكنة، واسألها عن يومها واستمع لحديثها. بل وتبادل معها الأدوار أحياناً كثيرة.

حديثي هذا إنما هو للرجل الذي لو سأل نفسه أتحب زوجتك؟ أتريدها سعيدة؟ أتريد أن تكون سعيدا معها؟ أكنت ستتزوجها لو عاد بكما الزمن؟ ويجيب بنعم عن كل الأسئلة.

فهذا الذي أقول له أرجوك تحدث إليها واستمع، واجعل لها الوقت، وكن معها فى كل يومها ليس فقط فى آخر ليلها. 

-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* 5 love languages – Gary Chapman
** ملاحظة على الهامش: أى مقال لى عن العلاقة الزوجية يكون على افتراض علاقة من بشر عاديين يدرك كل منهما وجود الإرادة الحرة للآخر ويؤمن أن المرأة لا تُزوج وإنما تتزوج، عن حر إرادتها، بعد بلوغ تام يحدده العلم، واستطاعة تامة تحددها هى وليس أى شخص آخر. حتى وإن قال غير ذلك من يعتبر نفسه الوكيل الحصري.

للتواصل مع الكاتب