التوقيت الإثنين، 29 أبريل 2024
التوقيت 03:59 م , بتوقيت القاهرة

(نون) امرأة سعودية تكتب روايتها السرية!

أقرأ الآن الصفحات الأولى من رواية مليئة بالتفاصيل لكاتبة سعودية شابة عرفت نفسها باسم مستعار هو (نون)، وجدت الرواية على البريد، فتحت الرسالة بحرص، فوجدت الفصل الأول مع رسالة قصيرة للغاية تقول فيها (نون) التي لا أعرفها: سيدي، تلك الرواية بعض مني، من وجودي في عالم اقتص لأنوثتي التي كنت أحلم لها بزمن مختلف ومكان أكثر أمانا، إنني كتبت هذه الرواية في مائتي صفحة، وضعت فيها عمري الذي قضيته في قصر في الرياض... ليس المهم كم الأسرار التي قد يتصور البعض أنها المراد من الرواية، لكن المهم حقا هو أنا التي أتخبط إنسانيا داخل الأروقة، هل تسمح لى أن تقرأني وتنصحني، أنتظر رأيك قبل أن أبدأ خطوتي التالية بنشرها، وأنا أعرف ماهية الثمن الذي سوف أدفعه وحدي قيمة جرأتي على الذات.

مرة أخرى، هذه امرأة سعودية تتمرد داخل ذاتها بحثا عن مفردات ربما تفرد بها قامتها أو شراعها الذي يحدد مسير قاربها فى هذه الحياة، تكتب بلغة بسيطة رواية تفاجئني بكم المعلومات التي تعاني منها امرأة في مجتمع ثري وقصور مغلقة على أسرار من الصعب أن يصدقها أحد، لكن يغلبني ككاتب تلك اللغة الحلوة التي تجيد العزف بها، دليلا على أن في أشد المجتمعات صلابة، يوجد عصفور وأكثر قادرا على أن يغرد.

إنني أنتظر بحرص ما تبقى من الرواية، لعلني أعرف هل هو ميلاد كاتبة، أم أن الأمر كله مجرد فورة أنتجت فصلا حائرا من رواية، تتحدث عن المرأة في السعودية، عن مشاعر منهكة، تكذب لكي تبقى على قيد الحياة مدهش بالفعل، أن يصبح مجتمع الغرف المغلقة حافلا بكل هذه القصص والتفاصيل، تبدو مثل صراخا مكتوما مشبعا بالرطوبة والخوف والسر.

كم امرأة عربية يجب أن تصرخ؟
إن المرأة العربية حتى في مصر، لا تصرخ ولا تصرح في الحقيقة بأحاسيسها، إنما تحولها إلى كذبة، إلى عالم غير حقيقي تصنعه وتعيش فيه، سواء كان هذا العالم خليطا من اليأس والهزيمة أو مزيجا بين القوة والغرور.

هذه رواية، تتكلم عن امرأة حقيقية، تحكي أدق التفاصيل التي تعيش داخل امرأة، لعلها إذا اكتملت تصبح رواية العام، ليس لأنها للمرة الأولى تتحدث بكل هذه الأريحية عن المرأة السعودية، لكن لأنها تحكي حياة امرأة رفضت الابتزاز والرشوة والعادات التي لا أصل لها وقررت أن تكون كما حلمت وهي طفلة!

في بلدي، ملايين النساء لو كتبن قصصهن، لأصبحن أعظم روائيات في التاريخ، ففي الحكاية خضوع لكل حالات القهر من أجل البقاء على قيد الحياة، أو على الأقل لكي لا تحرم من العناية الأبوية والزوجية، فيتحولن.. من أرواح كانت صافية صفاء لا حدود لهدوء بحره.. إلى أرواح هائمة على نفسها تحاول أن تقف وهي تتخبط بشدة.

أتمنى يوما أن أجمع قصص النساء فى مئات الكتب ومئات الصور.. لكي نعيد اكتشاف المرأة.