التوقيت السبت، 04 مايو 2024
التوقيت 10:00 م , بتوقيت القاهرة

يوم من عمري على الفيس بوك!

أفتحُ الفيس بوك مرة في اليوم لكي ألتقط بعض تعليقات الأصدقاء، فأعرف ماذا جرى في الدنيا من وراء ظهري، أمس خطرت لى فكرة أن أحضر ورقة وقلم وأرسم إحصاءً صغيرا عن أفكار وآراء ومزاج اليوم على صفحتي التي تضم تقريبًا مختلف الطبقات الاجتماعية والتيارات الفكرية، بكل اعتدالها وكامل تطرفها، كيف نفكر؟ ومتى نفكر ؟ وماهي الأوقات التي نتحول فيها إلى ملائكة وغيرها التى نعود فيها إلى صفوف الشياطين ؟


نسبة لا تقل عن 88 فى المائة من الآراء تعتمد على معلومات مكررة أو مجهولة المصدر أو منقولة بتصرف زائد عن الحد، إلى درجة يترتب عليها تعليقات تبتعد تماما عن حقيقة المعلومة التى كتب بها التعليق الأصلي، وتجعل هناك تطرفا في الرأي، مع أو ضد، منها تنتشر أخبار غريبة آخر النهار لا صحة لها وتبقى متنقلة لعدة أيام حتى تجد من ينفيها أو خبر جديد ينسى الناس به ما قبله.


فى الصباح المبكر من الساعة السابعة حتى الساعة التاسعة، هناك درجة مرتفعة جدا من التفاؤل يبدأ بها المواطن المصري يومه، مهما كانت صعوبات الحياة التي يواجهها، 120 دقيقة تشعر فيها أن الحياة حلوة فعلا .


تنتشر يوميا على الأقل صورة أو فيديو ينتشر بسرعة مذهلة، ويصبح حديث اليوم، وهو يحمل غالبا محتوى ساخرا، الغريب أننا أصبحنا جميعا على استعداد دائم للسخرية من أي شيء وكل شيء، ومهما كان الشخص نجما أو شخصية مجهولة، تتحول فى ضوء الفيس بوك إلى حدث مؤثر، أغلب هذه الصور أو الفيديوهات يكون للأسف ضحيتها إنسان ما، يجد نفسه بكاميرا مجهولة فى مصيدة هذا العالم الافتراضي، يبدأ بث هذه الصور عادة عند الساعة الثانية ظهرا لتستمر متوهجة حتى فجر اليوم التالى .


تحتل الأدعية والعبارات الدينية وأشكال الدعاء مساحة لا تقل عن 40 في المائة من المساهمات اليومية للفيس بوك، أغلبها يعبر عن الحالة النفسية أو الأمنية أو الألم الذى يمر به صاحب التعليق، وبعضها يكون من باب التفاؤل أو البركة أو إضفاء روح دينية على الصفحة أو موجه لشخص ما أو لأن صاحب الصفحة لم يجد مايكتبه.


لاتعكس هذه الإشارات الدينية أي نوع من تفكير أو اتجاه كاتبها، بالعكس ربما توحى بصورة عكس حقيقة الكاتب، مدهش طبعا أن تجد فتاة تنشر صورتها بالمايوه مثلا في أكثر من وضع، ثم تضع آيات من القرآن بشكل متوال على صفحتها، تفسيري أننا فقدنا الإحساس بالأصول والتقاليد التى يجب أن تحكم سلوكنا حتى على صفحات الفيس بوك التى أصبحت تمثل شخصياتنا.


في منتصف النهار تبدأ الشكاوى وتبدأ موجة بث الاكتئاب الأولي، تعليقات عن الزحام والفشل والخوف والأمن والإحباط ، بطريقة مفرطة تطرح سؤالا: لماذا نصف بكل دقة حالتنا على الفيس بوك ؟ زهق ـ مشاركة ـ فضفضة ـ علاج ـ لمنع الحسد ـ مشاعر ـ رسالة لشخص ؟ ماهي الفائدة المنتظرة خاصة أن الردود التالية تضاعف إحساس صاحب التعليق باليأس!


( أكمل فى مقال تالى ـ القصة كبيرة ومثيرة ) .