التوقيت الإثنين، 29 أبريل 2024
التوقيت 06:19 م , بتوقيت القاهرة

باسم يوسف وكيم كارداشيان: "القالعة" جنب البحر!

يتميز مقال باسم يوسف عن داعش، والمنشور في هافنجتون بوست، بأنه لم يحاول التنصل من أفعال داعش وتبريرها، بل أقر بأنها تمثل الجانب الأسود فينا.


لكنه سرعان ما أظهر جزءا خفيا من هذا الجانب الأسود فينا حين تساءل: "لماذا يجب على المسلمين أن يعتذروا عن أفعال داعش (تنظيم الدولة الإسلامية)؟ الغرب لم يتوجب عليه أبدا الاعتذار عن أفعال عائلة كارداشيان".



نعم؟!!
حضرتك بتقول إيه!!


الجزء الأول من الاقتباس تمام. ليس على المسلمين أن "يعتذروا" عن أفعال داعش. عليهم أن يدينوها، طبعا. عليهم أن يبحثوا عن مصدر الأفكار التي تتبناها داعش ويراجعوها، لمصلحتهم. لكن ليس على مسلم أن يعتذر عن أفعال لا يتبناها ولم يشارك فيها. 


لكن الجزء الثاني من الاقتباس غريب. 


أولا: كيم كارداشيان لم ترتكب مذابح. كيم كارداشيان قلعت هدومها. وبقية عائلة كارداشيان - على حد علمي - ارتكبوا من الأفعال ما لم يرق لدرجة الذبح، بل ولا حتى لدرجة أي جريمة طبقا للقانون. 


ثانيا: كيم كارداشيان وعائلتها أفراد. حتى لو قتلوا لن يكون لزاما على الغرب أن يعتذر. المشكلة التي نعجز عن فهمها، مش عارف ليه، أن الأزمة مع داعش ليست القتل فحسب، القتل يحدث في كل مكان.


ثالثا: مشكلة داعش هي الإطار النظري الذي يشرع للقتل. هنا فقط يأتي دور المسلمين. مشكلة داعش أنها تتشارك مع ملايين المسلمين حول الكرة الأرضية في أفكار لم يعد العالم يتقبلها أبدا. صحيح أن معظم هؤلاء المسلمين لا يقتلون، لكنهم يتقبلون الفكرة، ويدرسون مثيلاتها في مناهجهم التعليمية، وتروج مساجدهم لها، وهي حاضرة بلا تأنيب ضمير في وسائل إعلامهم الرسمية والخاصة. بل إنهم أحيانا يعطون نفسهم فسحة لممارستها. مشوار لحرق كنيسة هنا "علشان النصارى مايتمرعوش"، ومشوار لحرق بيوت بهائيين "ويخرج شخص يعرفه المذيع بأنه يعمل في منظمة حقوق إنسان لكي يدافع عن الحرق، بل ويسب محاورته البهائية في نفس البرنامج بلفظة كافرة". 


هذه هي مشكلة المسلمين.


وهذه هي مشكلة النازية من قبل. أنها وضعت إطارا قانونيا يبرر معاداة السامية وما ينشأ عنها من جرائم، ويشرعنها. لذلك تعتذر ألمانيا كلها عن النازية. ولا تفوت أوروبا فرصة لتجريم هذا السلوك بتشريعات مقابلة.



(2)


ما قاله باسم يوسف يكشف عن سؤال قيمي أعمق. الأمم تختلف في إدانتها أو تبنيها لأفعال معينة. ولنأخذ المثالين المطروحين هنا مجالا للمناقشة. 


قوانين الدول الغربية لا تدين تعري كيم كارداشيان، لكن قوانين مجتمعات محافظة تدينه. كل مجتمع حر في أفعاله؟


قوانين داعش "الإسلامية" لا تدين مذابح الجماعة وأحكامها. وباقي المجتمعات تدينه. كل مجتمع حر في أفعاله؟


أليس الفيصل هو قانون الأرض؟ 


هنا يأتي الفارق بين الخلاف الذي يمكن أن نتجاوز عنه، على أساس أنه مجرد اختلاف ثقافي، وبين الخلاف الذي لا يصلح أن ينسب إلى هذه الفئة.


كيم كارداشيان في هذا السياق لن تسبب أذى لأحد. هل يجرم الغرب في حقنا إن سمح بنشر الصور فجاءت إلينا؟ بالطبع لا. لأنه يقبل أن يفعل الآخرون الشيء نفسه، أي نستطيع أن ننشر صورا عارية إن أردنا ونردها إليه (لاحظي وأكملي السطر القادم). أما في حالة قتل المخالفين في الدين فإننا لن نقبل "عولمة" هذا القانون وإلا وجدنا أباءنا مقتولين بلا دية إن وصلوا إلى هناك، ومحتفى بقتلهم. 


ماذا أقصد؟ أقصد أن نسبية القيم لا تصلح هنا مثالا. لا يصح أن نقول إنكم تقرون التعري، وداعش تقر القتل. ليسوا سواء. 


هذا خلط خطير في معنى ومفهوم الجريمة لا ينبغي أن يصدر من شخص بشهرة، وبتأثير، باسم يوسف. ولا سيما أن شهرته وتأثيره هذين منبعهما "دفاعه عن الحريات". هذا خلط من شأنه أن يهون من جريمة القتل المنظم، وجريمة التطهير العرقي، ويضخم من "جرم" التعري، لكي يجعلهما على قدم المساواة.


هل للفقرة القادمة أي علاقة بما سبق؟


طالما سألت نفسي كيف تدين نخبة في بلد ما "جرائم الشرف" بينما تتغنى وتحتفي بـ"قتل متولي لشفيقة". وما هي أكثر من جريمة شرف. إن نخبتنا في حاجة إلى اختبار "بديهياتها".